أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

الشهيد المجاهد يوسف علي فقيه "كربلاء"


نسرين إدريس

الاسم: يوسف علي فقيه‏
اسم الأم:
خديجة درويش‏
محل وتاريخ الولادة:
باريش 25/10/1972
الوضع العائلي:
عازب‏
رقم السجل:
32
مكان وتاريخ الاستشهاد:
رامية 25/01/1995.


يوسف أيها الصدّيق؛ إنا رأينا الشمس تتوضأ من نور جبينك، ولمحنا القمر يفترش دماك سجادة صلاة قرب العرش.. يا سيّد الليل الصاخب بالرعب يقذفُ اليهود بلعناتهم، يا راسم الصبح بتمتمات الوتر الباكية.. يا نسيم النهار العليل تلطّف في نفوسنا قساوة الزمن ومرارته.. أنّى لنا أن نعرفك وأنت بئر الأسرار الذي كلما اغترفنا منه غرفةً تبخرت قطراته بين أصابع محدودية تفكيرنا قبل أن نروي الظمأ الجارف لمعرفتك أكثر.. يوسف أيها المجاهد المغوار؛ إنا رأينا الدنيا تراودك وتمسك بقميص روحك وتقده من دُبرٍ فتنسلُ من رفاهيته لهوها لتستقر عند أطراف الشهادة، تُصلي بثياب الجهاد، وتُسبح بحبات التراب المروية بدماء الشهداء.. يا أبيّ‏َ الضيّم لم تسأل إن وقعتَ على الموت أم وقع الموت عليك، أو ليست المقاومة الإسلامية دائماً على حق، بلى والله لقد قرأت سفر الحياة ورتلتها بصوتك المشحون بدمع الشوق إلى الله، وكيف لا تكون عاشقاً لرب العالمين ذائباً بحبك لأمير المؤمنين وأنت مذ كنتَ فتىً صغيراً تعلّمت من الحياة ما جعلك من الأشخاص الذين يفتخر الانسان أنه عرفهم..

الحاج يوسف فقيه، مجاهدٌ من بلدة باريش، نشأ في كنف عائلةٍ فقيرة تكدُّ في نهارها وليلها لتبقى عزيزةً مُصانة؛ تقيةً تخاف اللَّه، وتعبّد سبل الوصول إليه بإخلاصها له.. وكان يوسف المبصر منذ صغره تنكيل اليهود بأهله، بعد أن عاثوا في الأرض فساداً، يبحثُ في دساتير الزمن عن القصاص الذي يجب أن يناله ﴿أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا، فقرأ من على ضفاف الغاضرية أرقى سطور الإيثار والتضحية والفداء لنصرة الحق في مقابل ضفة الباطل، فاستل من كربلاء سيف حقه، وحفظ آياتها في وجدانه.. يوسف الصغير المعتد بنفسه، الواثق بها لم يغادر قريته إلا عندما حزم أمانيه ليسافر إلى المواقع، فدرس في مدرستها المرحلتين الابتدائية والمتوسطة، وقد وسمت شخصيته برفعة الأخلاق ونبلها، وتعلّم من والده الصبر والجلد على الزمن المُر.. بدأ يؤدي الصلاة قبل أن يبلغ سن التكليف، فربى نفسه على التقوى، واتخذ من خشية اللَّه ستاراً أسدله على كل التفاصيل التي يمكن أن تؤثر على روحيته والتزامه طرفة عين، حتى صار يؤم المصلين في مسجد القرية.. وكان كلما مرّ ملقياً السلام على أبناء قريته تبعته دعوات العجائز ليحفظه اللَّه لوالديه ويطيل بعمره..

الحاج يوسف، البار بوالديه، الحنون على إخوته العشرة، ترك المدرسة وبدأ يعمل في الأدوات الصحية ليعين والديه على شظف الحياة، إلا أنه كان يعمل للأخوة المؤمنين دون مقابل، ويسارع لخدمة المستضعفين قبل أن يسمع أنيناً أو شكوى، فقد كان قلبه كفيلاً بأن يسع أحزان وآلام وهموم وشجون الآخرين، لتشرق بسمته على شفتيه التي سرعان ما تنطق بكلمات تُنسي المهموم همه، والمكروب كربه، وإذا علم أن أحد الأخوة يحتاجُ إلى المال يسارع لإعطائه ما يلزمه وعيناه منكّستان إلى الأرض.. وأشرقت شمسُ عمره العشرين على جبينه، ولمعت في مآقيه أمنيته المخبأة في وشاح الليل الشاهد على دعاء لم ينقطع "الشهادة"، فالتحق بالمقاومة الإسلامية عام 1992 لتبدأ مسيرة الجهاد التي توجت بإكليل الدّم، وخضع للعديد من الدورات العسكرية والثقافية التي تميّز خلالها بتعاطيه الشفاف والرأفة على الآخرين فنال في إحدى الدورات الثقافية شهادة "أفضل أخلاق"، وكانت تلك الصفة نافذة مشرعة أمام جميع من يتعرف عليه ليصاحبه ويتعلق به..

حافظ الشهيد الحاج يوسف على تلاوة القران وقراءة الأدعية خصوصاً النُدبة والعهد، وزين كل يومٍ من أيامه بزيارة عاشوراء، فكانت الروحية الإيمانية العالية التي ربّى نفسه عليها أن وسمته بمزايا الطهر والطيبة والإخلاص.
الحاج يوسف الصادق الذي تعلّق به الكبير والصغير، كان يقضي معظم أوقاته في المحاور المتقدمة، وإذا عاد إلى المنزل جالس والدته التي أحبها حباً جماً، وسأل عن أحوال إخوته ليساعدهم ويخفف عنهم، ومن أجمل اللحظات وأحبها إلى قلبه عندما يجمع الأطفال حوله ويحادثهم ويلعب معهم فتراه مسافراً في ضحكاتهم الطفولية إلى عالم البراءة الجميل.. العملية النوعية التي شارك فيها الشهيد يوسف كانت عملية "صيدون" الشهيرة، ثم صار يطرح اسمه في أهم العمليات التي تنوي المقاومة الإسلامية تنفيذها ضد العدو الصهيوني وعملائه، ومن أبرز المواقف التي زادته عزيمةً وشجاعةً قتله لخمسة إسرائيليين خلال كمين في بلدة الريحان، والمشاركة في قتل العميل في ميليشيا لحد أبو دراج مسؤول عن معبر الحمرا، وصمد مع الأخوة المجاهدين خلال حرب "تصفية الحساب" تموز 1993.. وبين محور وأخر، ومجاهدٍ وشهيد، أثبتت المقاومة الإسلامية بضرباتها الموجعة التي وجهتها للجيش الصهيوني الذي رزح تحت رحمة الاختراقات العسكرية والأمنية والثقافية لحزب الله، وبدأت صورة الترسانات التي لا تقهر بالتمزق أمام صرخات "يا زهراء"، والحاج يوسف ينحتُ على صخور الانتظار شوقه للرحيل، ويعزفُ على أطراف رشاشه دعاء الشهادة، ويخبرُ بدمعه المنساب على شهيدٍ سبقه إلى رضوان اللَّه عن احتراق زمنه في مكانه الضائع..

بتاريخ 15/12-1995، غاب خلف ضباب مرجعيون أربعة أقمارٍ في عملية استشهادية؛ الشهيد فادي بطش، محمود الحاج علي، هاني طه، حسين مهنا، شهداء كانوا مع الحاج يوسف في خندقٍ واحد، وتقاسموا الأيام والأحلام والأماني، فعزّ عليه رحيلهم دونه، فضاقت الأرضُ عليه، وسار في دروب الدنيا بجسدٍ بلا روح، حتى إذا قرأ على تقاسيم وجهه أحرف الفراق. بعد أربعين يوماً على استشهاد شهداء مرجعيون، قام الحاج يوسف مع رفيقيه الشهيدين موسى حمدان ونضال سرور بزرع عبوة في الداخل المحتل وعلى بُعد أمتار من الشريط الشائك، غير أن المجموعة اصطدمت بكمين إسرائيلي في منطقة تُسمّى "وادي مظلم" بالقرب من قرية رامية، فدار اشتباك عنيف بين الطرفين دام ثلاث ساعات، استشهد خلالها الشهيد يوسف مع رفيقيه، وقد اعترف العدو بشراسة المعركة التي أدت إلى مقتل ضابط وجندي وإصابة عشرة، واصفاً المجاهدين بأنهم مقاتلين غير عاديين. يوسف لقد ابيضت عيون رفاق دربك على فراقك، فارم لهم من عليائك قميصك الموشح بدم الشهادة، ليعطروه لك بأريج النصر..

أيها المهاجر إلى اللَّه طوبى لك سفرك الموصل إلى الجنة، وسلام عليك؛ يوم ولدت؛ ويوم صرت مجاهداً من مجاهدي حزب اللَّه، ويوم استشهدت وبندقية صنعت العزة والكرامة للأمة.


من وصيته:
إلى إخواني المجاهدين في المقاومة الإسلامية: أوصيكم بتقوى اللَّه ونظم أمركم، وأوصيكم أن تبقوا صابرين مجاهدين في سبيل اللَّه لا تقهركم المصاعب، ولا تردكم المتاعب، أنتم يا جنود أبي عبد اللَّه الحسين عليه السلام وجنود الإمام المهدي عليه السلام يا من صنعتم الكرامة لهذه الأمة، ورسمتم أجمل صورة في أصعب زمن، أوصيكم أن تبقوا في مواقع الجهاد والشهادة إلى أن نحرر الأرض ونرفع راية الإسلام عالياً، وتذكروا أن الدرب طويل وشاق ولا ترويه إلا دماء الشهداء الذين علمونا السير على هذا الدرب المقدس.. أرجو من جميع الأخوة المجاهدين أن يسامحوني على كل صغيرة وكبيرة، وأرجو منكم أن تذكروني..
شكر خاص لأصدقاء الشهيد يوسف فقيه‏
الذين أمنّوا المعلومات اللازمة

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع

باريش

يوسف

2016-12-30 01:09:54

الله يرحمك يا خالي