أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

أسرة: المرأة والعمل


نلا الزين


"لقد وُجدت في العالم امِرأةٌ تساوي جميعَ الرجالِ امرأةٌ هي أنموذج الإنسان، ظهرت فيها كلّ‏ُ الهوية الإنسانية، إنَّها السيدة الزهراء عليها السلام". الإمام الخميني قدس سره‏

انه كلام يوضح الحقيقة الإنسانية التي لا علاقة لها بالأنوثة والرجولة فهي الحقيقةُ المشتركة التي يصل إليها من حقَّق مقاماً معنوياً وروحياً في علاقته بربِّه. وفي قول آخر للإمام الخميني‏ قدس سره يتناول فيه تغيير المجتمع والعمل من أجل اقتلاع عوامل الفساد الاجتماعي والانحطاط يطلب من النساء المشاركة في ذلك: "إنّ‏َ كلّ‏َ هذا التخلف والانحطاط ينبغي أن نقومَ بمعالجته جميعاً ولا يمكن لأيّ‏ٍ بمفرده أن يقوم بذلك، فإذا ظنَّت النساء انه لا بأس بجلوسهن جانباً حيث يقوم الرجال بهذا الدور فهذا ظنّ‏ٌ باطل، وعلى الأخوات اللواتي لم يتدخلن حتى اليوم في قضايا الساعة أن يتدخلن وعلى جميع النساء والرجال أن يدخلوا في العمل الاجتماعي والسياسي وان يراقبوا ويبدوا وجهات نظرهم".

استناداً إلى هذا القول ولا سيما في نهايته ندخل إلى موضوع أساس ومهم وربما هو محل جدل في كثير من الأوقات. لذا نجد أنّ‏َ المرأة مثلاً في الجمهورية الإسلامية أظهرت حضورها الفاعل في المجتمع الإسلامي فوقفت جنباً إلى جنب مع الرجل في كافة ميادين العمل السياسي والاجتماعي والثقافي... ولكن بالطبع مع حفظ القواعد والضوابط الشرعية. على قاعدة ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ. فعمل المرأة يطال مختلف الميادين والعناوين فهو العمل الذي يؤسس لمجتمع أفضل قائم على القواعد الرسالية والمنهج الإيماني الذي يعتبر الإنسان خليفة الله على الأرض ويعتبر المرأة والرجل عماد التغيير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ. وهذا العمل هو من أرقى الأعمال وأهمها ويحتاج إلى وعي المرأة لدورها في هذا المضمار وان لا تعتبر نفسها جليسة الدار المغلقة والهامشية مكانها. أيضاً العمل في المجال الاجتماعي، والتعاون على البر وخلق مفهوم التكافل الاجتماعي بين أفراد المجتمع الواحد هو ساحة واسعة لعمل المرأة ويحتاج بدوره إلى ثقافة اجتماعية، وامتلاك الأساليب المناسبة وإيمان بأهمية هذا العمل كما يحتاج إلى وقت ترصده كما الرجل لتتحقق الفائدة المرجوة.

وهناك العمل الذي يأخذ الطابع التربوي تمارسه المرأة في داخل بيتها وعائلتها، يحتاج إلى وقت وعلم وفن لتصل بالعملية التربوية إلى شاطئها المروم ولا سيما إذا كانت المرأة أمّاً تخصص جزءاً كبيراً من وقتها لتربية الجيل الذي يشكل عماد مستقبل آت ومجتمع جديد. وكما يقول الإمام الخميني‏ قدس سره: "المرأة كالقران كلاهما أوكل إليه مهمة صنع الرجال". ولكن للأسف هناك من يحاول أن يثير شكوكاً حول أهمية هذا العمل الذي يعد من الأعمال المقدسة والأساسية في كل مجتمع، وتثار بين الفينة والأخرى كلمات ومواقف تعتبر المرأة التي تهتم بتربية أبنائها في البيت أو مَنْ هم في مسؤوليتها امرأة لا دور لها. هنا نستشهد بقول الإمام الخميني أيضاً "إن عمل الأمومة قد جعله الأجانب عملاً مبتذلاً وفصلوا الأمهات عن أبنائهن، فأرادوا أن يسلبوا هذه المهمة من المرأة وبدأوا بإعلامهم المشكك في دور المرأة الأمومي". ولكن هناك من يعتبر أنّ‏َ المرأة المربية أو الأم لا ينبغي أن تحجز نفسها بين جدران أربع دون أن تستمع لما يجري حولها من متغيرات والوسائل كثيرة ومتعددة منها المطالعة لآخر المستجدات الفكرية والتربوية والثقافية ومنها وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمكتوبة إضافة إلى الكمبيوتر والعالم الخاص به من انترنت وأساليب معرفية جديدة. هذا صحيح فالمرأة سواء كانت أماً أم أختاً أم عاملة لا بد وأن تدرك التحديات التي تطرح بين الفينة والأخرى على كافة المستويات.

وبالوقوف عند العمل الوظيفي للمرأة بشكل عام نجد أن لا مشكلة شرعاً وعرفاً ولكن مع ضرورة الالتفات إلى نوعية العمل ومدارك هذه الوظيفة أو تلك وأبعادها. فهناك بعض الوظائف أو أنواع العمل التي تناسب المرأة مبدأً واهتماماً أكثر من غيرها والمهم أن لا تتحول الوظيفة عند المرأة لهدف بحدِّ ذاته بل هي وسيلة قد تجد نفسها فيها لتعطي وتقدم ما لديها من طاقات ومخزون في مستويات عدَّة وأيضاً هي وسيلة مادية لتعتاش منها إذا كانت تجد ضرورة لذلك أو حتى لمساعدة أسرتها سواء كانت متزوجة أم لا، لاسيما في الأوضاع الصعبة التي تعاني منها فئات عديدة في المجتمع. ولكنْ هناك أمورٌ لا بُدَّ من الوقفة عندها منها:

1 - نوعية العمل.
2 - الضوابط الشرعية التي تسهل عمل المرأة ولا تمنعه كما يقال ويثار.
3 - الهدف من العمل / خدمة المجتمع بالطاقات، النسائية تأمين الوضع المادي اللازم والضروري.
4 - تحديد الأولويات / لا سيما للمرأة الأم التي لديها أولاد هم بحاجة لوجودها معهم والعودة إليهم في الوقت المناسب والتواصل مع همومهم وحاجاتهم النفسية والتربوية.
5 - تنظيم الوقت بالشكل الذي يتيح لها العمل - الراحة والقيام بالمسؤوليات الأخرى.
 

وهنا نطرح إشكالية لا زالت محط جدل:
هل عمل المرأة يجعلها حرَّة أو يؤدي إلى جعلها ذات كيان ووجود مستقل، أمام هذه النقطة نعود إلى الدور الأساس والرسالي للمرأة الذي أعطاه الله تعالى لها وهو لا يغيب عن البال حتى لو وضعت الحجب أمامه فالإسلام قدَّم للمرأة ما لا تجده في غير الإسلام. ومفهوم الحرية ينبع أصلاً من داخل الإنسان وليس من خارجه فليس العمل هو الذي يعطي هذا الإنسان حريته أو كرامته إذا لم يكن الإنسان حراً "فالحر حرٌّ في جميع أحواله" كما جاء في الحديث أيضاً كم من الأشخاص أضحوا عبيداً لغيرهم وهم يمتلكون الكثير من المراكز والوظائف لأنَّهم ضاعوا في متاهات الأهداف غير الواضحة وركنوا إلى تضليل لا يمكن من فهم الحقائق. الحرية - الكرامة - الاستقلال - هذه المفاهيم تنبع من داخل الإنسان ويعمل لتحقيقها بالوسائل المحقة والسامية إذا ما مُنع من ممارستها بشكل واقعي وفعلي. العمل مفهوم مقدس بكافة أنواعه التي ذكرناها. ولا بد من الوسائل التي تتناسب مع قداسته وكذلك الأهداف والمبتغى. والساحة تتسع لكافة الطاقات والأعمال النسائية وغيرها شرط أن لا نتيه عن المروم من الغايات الإلهية والإنسانية. ﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ﴾.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع