صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص

مصباح الولاية: الأخ



لطالما حثَّ الإسلام العزيز على اكتساب الإخوان واتخاذ الأخوة الأصدقاء، وحذّر مما يؤدي إلى افتقادهم وتضييعهم، وشدد على أهمية الأخوة والتآخي في المجتمع الإسلامي، لما يؤديانه من تماسك وتعاضد، وتوحد واتحاد في صفوفه، مما يسهل سبله باتجاه التقدم والتطور، بدل أن تتناهبه الصراعات القبلية والنزاعات الفردية التي تفتّ من عضده، وتدفع به نحو الدمار.

ولهذا وجدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي بعث رحمة للعالمين توجه أول ما توجّه إليه، عند هجرته من مكة إلى المدينة، إلى المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار، في خطوة منه لتوحيد المجتمع ورفع النزاعات التي كانت سائدة، وليشكل على أساس هذا التوحد، دولته العظمى التي هزّت عروش كسرى وقيصر، وحققت في أمد قصير ما لم تستطع أي دولة في العالم تحقيقه.
فما ذا عن الأخوة والمؤاخاة من أحاديث؟ هذا ما سنعرضه في هذه الحلقة من"مصباح الولاية".

1- المؤمن أخو المؤمن:

لقد لفت الإسلام العزيز قبل كل شيء في مسألة الإخاء والتآخي، إلى المؤاخاة القائمة بين المؤمن وأخيه، تلك المؤاخاة التي تتأسس بشكل تلقائي بمجرد دخول الإيمان في قلب المرء وولوجه فيه، وهذه المؤاخاة قائمة على أساس الاتقاء الفكري والتواصل الروحي الذي يربط المؤمنين أولاً بربهم، ومن ثم يربطهم بعضهم ببعض عى أساس الارتباط الأول (الارتباط بالله)، فيصبح المؤمن أخا المؤمن، ويصير بالنسبة له العين التي تحرسه والدليل الذي يرشده، والأمين والمحب الشفيق والناصح الذي لا يخونه ولا يظلمه ولا يغشه. جاء عن الصادق عليه السلام قوله:"المؤمن أخو المؤمن، عينه ودليله، لا يخونه، ولا يظلمه، ولا يغشه، ولا يعده عدة فيخلفه".

ويصبح الركن الوثيق الذي يلجأ إليه أخوه المؤمن. قال الصادق عليه السلام :"لكل شيء شيء يستريح إليه، وأن المؤمن ليستريح إلى أخيه المؤمن كما يستريح الطير إلى شكله".

2- إخوان الصدق:

وقد شدّد الإسلام على اكتساب الأخ الصادق في صداقته، الذي لا يعتمل في قلبه أي عامل من طمع أو منفعة يرجوها ممن صادقه، بل يقيم صداقته على أساس المودة والإخلاص لصاحبه، وتذكر الروايات مزايا عظيمة لهذا الأخ، فتصفه بالعدة التي يعتد بها الإنسان عند الرخاء وبالجُنَّة الواقية التي تقي صاحبها من المكاره عند البلاء، وهذا أمير المؤمنين عليه السلام يقول:"عليك بإخوان الصدق فأكثر من اكتسابهم، فإنهم عدّة عند الرخاء، وجُنّة عند البلاء".
وقد عدَّ سلام الله عليه العاجز عن اكتساب الإخوان من أعجز الناس، وعدَّ الذي يضيع من ظفر به أعجز منه فقال:"أعجز الناس من عجز عن اكتساب الإخوان، وأعجز منه من ضيَّع من ظفر به منهم".

3- أعظم سبب الإيمان:

ولتبيان الأهمية التي تتمتع بها مودة الإخوان، فقد صنفتها الروايات بأعظم سبب من أسباب الإيمان، فجاء عن رسول الرحمة صلى الله عليه وآله وسلم:"ألا وأن ودّ المؤمن من أعظم سبب الإيمان"، وذلك لما ذكرناه سابقاً من قيام هذا الحب والارتباط على أساس حبّ الله والارتباط به، وهل أعظم من الله تعالى ليكون الحب على أساسه، والبغض على أساسه، وكل عمل وقول وفعل على أساسه؟

وبمقدار ما يعظم حب الله في قلب المرء، بمقدار ما يحب أهل التقوى. ومن هنا ركّزت الأحاديث على حب الإخوان على قدر تقواهم، حيث جاء عن مولى المتقين علي عليه السلام :"أحبب الإخوان على قدر تقواهم".

4- المودة الأبقى:

ولا يخفى على ذي لبّ أن المودة الأبقى والتي تدوم، هي المودة القائمة على غير الطمع وعلى غير الأمور الدنيوية، وذلك أن مثل هذه المودة تزول عند اليأس من تحصيل ما نشأت لأجله، وعند أدنى عارض. جاء عن الإمام علي عليه السلام :"كل مودة عقدها الطمع حلّها اليأس". وجاء عنه أيضاً:"مودة أبناء الدنيا تزول لأدنى عارض".


وفي المقابل، فإن المودة القائمة على الصدق وعلى أساس الدين والأمور الأخروية، تبقى وتدوم لدوام أسبابها. قال أمير المؤمنين عليه السلام :"إخوان الدين أبقى مودة وإخوان الصدق أفضل عدة". وقال عليه السلام :"ودّ أبناء الآخرة يدوم لدوام سببه".

5- نصائح في المؤاخاة:
* عن علي عليه السلام: "لا يكوننَّ أخوك أقوى على قطيعتك منك على صلته، ولا يكوننَّ على الإساءة أقوى منك على الإحسان".
* عن الإمام الحسن عليه السلام: "لا تواخ أحداً حتى تعرف موارده ومصادره، فإذا استطبت الخبرة، ورضيت العثرة، فآخه على إقالة العثرة والمواساة في العسرة".
* عن الصادق عليه السلام: "احذر من تؤاخي من أرادك لطمع أو خوف أو ميل أو للأكل والشرب، واطلب مؤاخاة الأتقياء، وإن أفنيت عمرك في طلبهم".
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الله يحب المداومة على الإخاء القديم، فداوموا عليه".

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع