أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

قرأت لك



* روي أنه حضر إلى الحسن عليه السلام رجل يشكوه الفقر والفاقة فأنشد قائلاً:

يكفيك منظر حالتي عن مخبري

لم يبق لي شيء يباع بدرهم

ألا يباع وقد وجدتك مشتري

إلا بقايا ماء وجه صنته

فدعا خادمه وقال له: ما مقدار ما عندك؟ قال: 12.000 درهم. قال إدفعها إلى هذا الرجل، أنا منه خجل، قال الخادم لم يتبق للنفقة شيء قال: إدفعها إليه وأحسن ظنك باللَّه تعالى، ثم دعا الرجل ودفع إليه المال واعتذر قائلاً: لم نعطك حقك، بل أعطيناك بقدر الموجود ثم أنشد:

طلاً ولو أمهلتتا لم تمطرِ

عاجلتتا فأتاك وابل برنا

ما صنته وكأننا لم نشتر

فخذ القليل وكن كأنك لم تبع


* حكاية فصيح
حكي أن عبد الملك بن مروان جلس يوماً وعنده جماعة من خواصه وأهل مسامرته، فقال: أيكم يأتيني بحروف المعجم في البدن وله عليّ ما يتمناه، فقام إليه سويد بن غفلة فقال أنا لها يا أمير المؤمنين، فقال: ها، قال: أنف، بطن، ترقوة، ثغر، جمجمة، حلق، خد، دماغ، ذكر، رقبة، زند، ساق، شفة، صدر، ضلع، طحال، ظهر، عين، غبغب، فم، قفا، كتف، لسان، منخر، نغنغ، هامة، وجه، يد. فهذه آخر حروف المعجم والسلام على أمير المؤمنين.

* إنما هي قبضة تراب
وفدت يوماً على خليفة المسلمين علي ابن أبي طالب عليه السلام سيدة قرشية من الحجاز وطالبت من الزيادة في عطائها "حصتها الشهرية من بيت المال". وقد التقت وهي في الطريق إليه بعجوز فارسية كانت تقيم في الكوفة، فسألتها عن عطائها فإذا به يساوي ما خصص لها، وعندها أمسكت بيدها وجاءت بها إليه، وحينما وصلت صرخت قائلة: "هل من العدل أن تساوي بيني وبين هذه الأمة الفارسية؟!!!".

فلم يجبها الإمام عليه السلام ولكنه رمقها بطرفه، ثم تناول قبضة من تراب، وجعل ينظر إليه ويقلبه بيده وهو يقول:
"لم يكن بعض هذا التراب أفضل من بعض، ثم تلا قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ.

* قيل وقال
قال رجل لصاحب منزل: أصلح خشب هذا السقف فإنه يقرقع، قال لا تخف فإنه يسبح، قال أخاف أن تدركه رقة قلب فيسجد.
وقال ملك لوزيره: ما خير ما يرزقه اللَّه العبد؟ قال: عقل يعيش به، قال: فإن عدمه، قال: مال يسره، قال: فإن عدمه، قال: فصاعقة تحرقه وتريح منه البلاد والعباد.

قيل أن إياس بن معاوية نظر يوماً إلى رجل غريب ولم يره قط، فقال: هذا غريب واسطي، معلم كتّاب، هرب له غلام أسود، فوجد الأمر كما ذكر، فقيل له: من أين علمت ذلك؟ فقال: رأيته يمشي ويلتفت، فعلمت أنه غريب، ورأيت على ثوبه حمرة تراب واسط، ورأيته يمر بالصبيان، فيسلم عليهم ويدع الرجال، وإذا مرّ بذي هيئة لم يلتفت إليه، وإذا مرّ بأسود دنا منه يتأمله.

* الحاكم والرعية
قيل: بينما المنصور يطوف ليلاً إذ سمع قائلاً يقول: اللهمَّ إني أشكو إليك ظهور البغي والفساد في الأرض وما يحول بين الحقّ وأهله من الطّمع.
 فخرج المنصور فلجس ناحية من المسجد وأرسل إلى الرّجل فدعاه فصلّى ركعتين واستلم الرّكن وأقبل مع الرسول فسلّم عليه بالخلافة فقال المنصور: ما الذي سمعتك تذكر من ظهور الفساد والبغي في الأرضف، فواللَّه لقد حشوت مسامعي ما أرمضني.
فقال: يا أمير المؤمنين أن أمنيتي على نفسي أنبأتك بالأمور من أصولها وإلا اقتصرت على نفسي ففيها شغل شاغل قال: أنت آمن على نفسك.
 فقال: إنّ الذي دخله الطمع حتى حال بينه وبين ما ظهر من البغي والفساد لأنت. قال: وكيف يدخلني الطمع والصّفراء والبيضاء في قبضتي والحلو والحامض عندي.

قال له: وهل دخل أحدً من الطّمع ما دخلك إنّ اللَّه استرعاك المسلمين وأموالهم فأغفلت أمورهم واهتممت بجمع أموالهم وجعلت بينك وبينهم حجاباً من الجص والأجر وأبواباً من الحديد وحجبة معهم السلاح،  وبعثت عمّالك في جباية الأموال وجمعها وقويتهم بالرّجال والسّلاح والكراع وسجنت لهم نفسك في قصرك وأمرت بأن لا يدخل عليك إلاّ فلان وفلان ولم تأمر بإيصال المظلوم والملهوف ولا الجائع العاري ولا الفقير الضّعيف فما زال هؤلاء النّفر الذين استخلصتهم لنفسك وآثرتهم على رعيتك يقولون: هذا قد حان اللَّه فما بالنا لا نخونه وقد سجن لنا نفسه فائتمروا على أن لا يصل إليك من علم أخبار الناس إلاّ ما أرادوا، ولا يخرج عامل فيخالف أمرهم إلاّ أسقطوا منزلته وصفّروا عندك قدره فلمّا انتشر ذلك عنك وعنهم أعظمهم النّاس وهابوهم فكان أوّل من صانعهم عمّالك بالهدايا ليقووا بها على ظلم رعيّتك لينالوا به ظلم من دونهم فامتلأت بلاد اللَّه بغياً وفساداً وصار هؤلاء القوم شركاؤك في سلطانك  وأنت غافل فإن جاءك متظلّم حيل بينه وبين دخول مدينتك فإن أراد رفع قصّته إليك عند ظهورك وجدك قد نهيت عن ذلك ووقّفت للناس رجلاً ينظر في مظالمهم فإن جاء ذلك الرجل فبلغ بطانتك سألوا صاحب المظالم أن لا يرفع مظلمته إليك فأجابهم فإن كان للمتظلم منه يهم حرمة فأجابهم خوفاً منه ولا يزال المظلوم يختلف به ويلوذ به ويسأله ويستغيث وهو يدفعه ويتغلّب عليه فإن جهد وأحوج وظهرت صرخ بين يديك فيضرب ضرباً مبرحاً ليكون نكالاً لغيره وأنت تنظر ولا تنكر فما بقاء الإسلام على هذا وقد كنت يا أمير المؤمنين أسافر إلى الصين فقدمتها مرَّة أصيب ملكها بسمعه فبكى بكاءً شديداً فحمله جلساؤه على الصبر فقال: أما إني لا أبكي للمنية النازلة ولكني أبكي للمظلوم بالباب يصرخ فلا أسمع صوته وقال: أمّا إذا ذهب سمعي فإنّ بصري لم يذهب ونادى في الناس لا يلبس ثوباً أحمر إلاّ متّظلّم، ثمّ كان يركب الفيل طرفي نهاره وينظر هل يرى مظلوماً؟ فهذا يا أمير لمؤمنين مشرك وأنت مؤمن باللَّه من أهل بيت نبيه صلى الله عليه وآله وسلم فبكى المنصور وقال: يا ليتني لم اخلُق فكيف أحتال لنفسي.

 قال: يا أمير المؤمنين إنّ للناس أعلاماً يفزعون إليهم في ديهم ويرضون بقولهم فاجعلهم بطانتك يرشدوك وشاورهم في أمرك يسدّدوك قال: قد بعثت إليهم فهربوا منّي قال: خافوا أن تحملهم على طريقتك ولكن افتح بابك وسهل حجابك وانصر المظلوم واقمع الظالم وأنا الضّامن عليهم أنّهم يأتوك.

* السالك والمريد

قال أمير المؤمنين عليه السلام لرجل سأله أن يعظه:
لا تكن ممن يرجو الآخرة بغير العمل، ويرجي التوبة بطول الأمل، يقول في الدنيا بقول الزاهدين، ويعمل فيها بعمل الراغبين، أن أعطي منها لم يشبع، وإن منع منها لم يقنع، يعجز عن شكر ما أوتي، ويبتغي الزيادة فيما بقي، ينهى ولا ينتهي، ويأمر بما لا يأتي، يحب الصالحين ولا يعمل عملهم، ويبغض المذنبين وهو أحدهم، يكره الموت لكثرة ذنوبه، ويقيم على ما يكره الموت من أجله، إن سقم ظل نادماً، وإن صح أمن لاهياً، يعجب بنفسه إذا عوفي، ويقنط إذا ابتلي، إن أصابه بلاء دعا مضطراً، وإن نال رخاء أعرض مغترّاً، تغلبه نفسه على ما تظن ولا يغلبها على ما يستيقن، يخاف على غيره بأدنى من ذنبه، ويرجو لنفسه بأكثر من عمله، أن استغنى بطر وفتن، وإن افتقر قنط ووهن، يقصر إذا عمل، ويبالغ إن سأل، إن عرضت له شهوة أسلف المعصية وسوَّف التوبة، وإن عرته محنة انفرج عن شرائط الملة، يصف العبرة ولا يعتبر، ويبالغ في الموعظة ولا يتعظ، فهو بالقول مدل، ومن العمل مقل، ينافس فيما يفنى، ويسامح فيما يبقى، يرى الغنم مغرماً، والغرم مغنماً، يخشى الموت، ولا يبادر الفوت، يستعظم من معصية غيره ما يستقل أكثر منه من نفسه، ويستكثر من طاعته ما يحقره من طاعة غيره، فهو على الناس طاعن، ولنفسه مداهن، اللهو مع الأغنياء أحب إليه من الذكر مع الفقراء، يحكم على غيره لنفسه، ولا يحكم عليها لغيره، يرشد غيره ويغوي نفسه، فهو يطاع ويعصي، ويستوفي ولا يوفي، ويخشى الخلق في غير ربه ولا يخشى ربه في خلق.

قال الرضي: ولو لم يكن في هذا الكتاب إلا هذا الكلام لكفى به موعظة ناجعة، وحكمة بالغة، وبصيرة لمبصر وعبرة لناظر مفكر.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع