أذكار | أذكار لطلب الرزق مع الإمام الخامنئي | سيّدة قمّ المقدّسة نور روح الله | الجهاد مذهب التشيّع‏* كيـف تولّى المهديّ عجل الله تعالى فرجه الإمامة صغيراً؟* أخلاقنا | الصلاة: ميعاد الذاكرين* مفاتيح الحياة | التسوّل طوق المذلَّة* الإمام الصادق عليه السلام يُبطل كيد الملحدين تسابيح جراح | بجراحي واسيتُ الأكبر عليه السلام  تربية | أطفال الحرب: صدمات وعلاج اعرف عدوك | ظاهرة الانتحار في الجيش الأميركيّ

أول الكلام: لكان خيراً لهم

السيد علي عباس الموسوي

لكلّ إنسانٍ في هذه الدنيا رؤيته التي يسير على أساسها في حياته، فيبني مواقفه عليها ويحدِّد سلوكيَّاته طبقاً لها. ولا يكفي لكي يجعل الإنسان نفسه ضمن رؤية محدّدةٍ أن يردِّدَ ذلك بلسانه أو ينظِّر لها بأفكاره، بل المعيار هو مدى الالتزام العملي في مختلف مفردات حياته اليومية بهذه الرؤية، وهذا ما يعبَّر عنه بالصدق ومطابقة الفعل للقول، والعمل للاعتقاد.

إذ كيف يمكن للاعتقاد أن يكون صادقاً بحق، إذا لم يكن الإنسان موطِّناً نفسه على العمل به؟ وكيف يمكن للإنسان أن يدعو غيره لمتابعته في فكرةٍ ما أو رأي وهو لا يعمل به؟

ومن هنا كان الحثّ الشديد في الإسلام وفي دعوة النبي الكريم على الصدق، الصدق الذي لا يراد منه مجرّد أن لا يخبر الإنسان بما يخالف الواقع، بل الصدق كقيمة من القيم الإنسانيّة التي تنعكس على الحياة كلها.

الصدق في علاقة الإنسان بربه، بأن تكون الطاعة لله شعاراً يتَّخذه، لا قولاً على لسانه، وأن يكون صادقاً في كلِّ عهد يعاهد ربَّه عليه.

الصدق في العلاقة مع أنبياء الله ورسله، بأنْ لا يخذلهم ولا يخونهم وأن تكون الطاعة لهم سلوكاً مستمراً في كلِّ صغيرةٍ وكبيرةٍ.

والصدق في العلاقة مع أخيه الإنسان مهما كانت صلته به من صلة الإنسانيَّة المجرَّدة إلى صلة الأخوَّة في الدين وصلة القرابة والرحم، فضلاً عن صلة المسؤوليّة والتربية للأسرة والأولاد.

والصدق في كلّ ما يعهد إليه من عمل صغيراً كان أو كبيراً بأن يؤدّيه على وجهه.

إنّ محبّة الناس وتقديرهم، حتّى أولئك الذين تختلف معهم في الفكر والرؤية، تعود في الأساس إلى التعامل بصدق.

فإنّك تحترم حتّى من كان يعاديك إذا كان يتعامل معك بصدق، ولكنك تحتقر حتى من يواليك إذا لم يكن الصدق منهجه في التعامل معك.

إنّ من أعظم القِيَم التي قدّمها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في سيرة حياته التي عاشها مع قريش في مكة، قبل الهجرة، ومع المسلمين وغيرهم من اليهود والنصارى في المدينة بعد الهجرة، ما تمثّل في أبرز صفاته التي اشتهر بها وهي أنّه الصادق الأمين.

وأعظم قيمة كان يدعو المسلمين إليها هي الصدق في كلِّ شيء ويفسِّر لنا القرآن الكريم الصدق في آياته بأنّه عبارة عن الطاعة وقول المعروف.

أمّا الطاعة فهي عبارة عن الالتزام بما أمر به الله عز وجل ورسوله لا سيما في المواطن التي تنزع النفس فيها إلى المخالفة، كما في مواطن الجهاد وبذل النفس في سبيل الله. وأمّا قول المعروف فهو عبارة عن إظهار هذه الطاعة، وهو أن يقول الإنسان سمعاً وطاعة.

وهذا يعني أنّ على الإنسان أن يُبادر إلى الطاعة مظهِراً ذلك على لسانه لأنّ ذلك يعكس مزيداً من التسليم ومزيداً من الصدق ومزيداً من الاتِّباع.

قال تعالى: ﴿طَاعَةٌ وَقَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ(محمد:21).

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

أضيف في: | عدد المشاهدات: