علي حيدر
على الرغم من أن هذه المواقف هي أقل من أن تقارن بموقف أم الشهيد ووالد الشهيد اللذين تلقيا نبأ استشهاد ابنيهما بالصبر والتسليم والخشوع والشكر.
وعلى الرغم من أن هذه المواقف هي أحقر من أن تقارن بمرابطة مجاهد على الثغور نال من عدو نيلاً أو سقطت منه قطرة دم واحدة... إلا أنه إبرازاً للعبرة ولتوضيح واقع معنويات الأسر داخل السجون... كان لا بد من ذكر بعض المواقف والوقائع.
في الفترة التي كانت تعتبر من أقسى وأشد الفترات في المعتقل (1987) طُلبت إلى غرفة التحقيق من قبل مسؤول جهاز التحقيق اللحدي الملقب بأبو نبيل، وطلب مني إجراء مقابلة صحافية (وكانت المرة الأولى التي يُطلب مني ذلك) مع تحديد لمضمونها بطريقة تسيء إلى حزب اللَّه.. وكان الموضوع مرتبطاً بالأسيرين الإسرائيليين اللذين أسرا في عملية جهادية للمقاومة الإسلامية سنة 1986م وكان ردي آنذاك الرفض المطلق وأخذ يحاول الضغط عليَّ ويتكلم عن وضع أسوأ من الوضع الذي أعيشه في المعتقل، والإيحاء بأنه قد يتم وضعي أمام الكاميرا رغماً عني... عندها قلت له إذا تم وضعي أمام الكاميرا رغماً عني وفرض علي إجراء مقابلة صحافية بهذا المضمون فإني سأهاجم إسرائيل ولن أهاجم حزب اللَّه... ثم امتنعوا عن القيام بذلك.
ـ العينان معصوبتان.. والرأس مغطى.. والأيدي مكبلة.. والسوط يلوح فوق الرأس.. وأجواء التعذيب حاضرة في الوجدان بكل قوة.. والأعصاب مشدودة.. وصيحات الجلادين يملأ صداها الجدران.. والتهديد والوعيد من كل اتجاه في هذه الأجواء، وبكل تعجرف وتكبر يسألني المحقق عن توجهاتي المستقبلية (آنذاك) فأجبته بعبارة صريحة وواضحة: «الاستمرار في العمليات حتى إخراج آخر جندي إسرائيلي من الأراضي اللبنانية»، فأجابني: تعجبني صراحتك، هذا ما قاله.