إعداد: فاطمة شوربا/ محمد ناصر الدين
لقد دخلت المرأة المسلمة المحجبة الميادين والحقول كافة واستطاعت التغلب على الصعاب التي واجهتها في مسيرتها تلك والذي ساعدها على تذليل تلك العقبات حجابها؛ ذلك اللباس الرصين الذي أخفى معالم زينتها ولم يظهرها إلا كإنسانة مميزة فاعلة، لها كيانها ووجودها ودورها في المجتمع الذي تعيش فيه.
والمرأة اللبنانية المسلمة واحدة من تلك النساء اللواتي طوين هذا الطريق فعرفت بتضحيتها وجهادها، وإيثارها، ونزولها في ساحات العمل. فمنها الطبيبة والمهندسة، ومنها المديرة والمعلمة المربية، ومنا الإعلامية، ومنها الحوزوية والمبلغة، ومنها ربة المنزل التي انكفأت على تربية أطفالها فقدمت للمجتمع رجالاً أفذاذاً بكل ما للكلمة من معنى.
إننا وانطلاقاً من وعنيا لأهمية الدور الذي تجسده المرأة المسلمة في كل المجالات، وحرصاً منا على تبيان هذا الدور وإظهاره للشريحة الكبرى من أبناء هذا المجتمع، ارتأينا أن نجري تحقيقاً مع طائفة من الأخوات العاملات في حقول مختلفة وميادين متعددة، ولم يكن يوماً أنسب لعرف هذا التحقيق من يوم الولادة الميمونة لسيدة نساء العالمين الزهراء عليها السلام، يوم المرأة العالمي.
وقد كانت الأسئلة موحدة بين جميع الأخوات فجاءت على الشكل التالي:
1- كيف تجسدين الزهراء من خلال ما تقومين به من عمل؟
ـ الأخت الحاجة زهرة بدر الدين مديرة معهد السيدة الزهراء عليها السلام للشريعة الإسلامية. بيروت. وحاملة إجازة في الإلهيات ومدرسة للعلوم الدينية أجابت:
قال تعالى في محكم كتابه الكريم: هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ
انطلاقاً من الآية الكريمة كانت التربية والتعليم هدفان للحوزة العلمية، منذ تأسيسها إلى يومنا هذا، دأبها الأساسي تربية الإنسان تربية صالحة وتعليمه العلوم الحقة التي يحتاجها ليعيش سعيداً ويموت سعيداً.
فهذه المهمة الشاقة التي كانت على عاتق الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم ورثتها عنه ابنته الطاهرة فاطمة الزهراء عليها السلام وتجسد ذلك من خلال ما كانت تعقده من دروس وجلسات للنساء وما كانت تقوم به من إلقاء للخطب المعروفة أمام القوم... فركَّزت عليها السلام خلال حياتها العملية على تربية المرأة المسلمة، لأن المرأة تعني الجيل الصالح والمجتمع الواعي، فهي مربية الأجيال وصانعة الرجال كما عبَّر الإمام الخميني قدس سره عن ذلك بأن: "حضن المرأة معراج الرجل".
وهذا درسها لنا كنساء، ولكل المجتمعات الإسلامية. إذ تريد أن تُفهمنا بأن يكون تعاطي المرأة مع الشريحة النسوية في هذا المجال، اللهم إلاَّ ما يستثنى عادة. كما كانت تخطب عليها السلام أمام الرجال..
ونحن في عملنا الحوزوي نسعى لتطبيق هذا الدول في حياتنا العلمية والثقافية لتأسيس فتاة مسلمة واعية مُبلغة في المجتمع فاطمية التربية والفكر والمضمون، قوية العقل والعمل، تُطبق نصيحة الأم الحنون السيدة الزهراء عليها السلام "خير للمرأة أن لا ترى الرجال ولا يراها الرجال".
ـ الأخت الحاجة إلهام برغل الزيات مديرة رابطة النهضة الاجتماعية وناشطة في الحقل الاجتماعي وناشطة في الحقل الاجتماعي لما ينوف عن العشرين عاماً أجابت:
ـ نعتقد أن المفاهيم والقيم الإسلامية العليا التي جسدتها السيدة الزهراء عليها السلام في حياتها كنموذج إنساني مطلق للمرأة كما أرادها اللَّه لا يمكن بعثها في مجتمعنا كاملة، بل أن إحياء بعض جوانب هذه المفاهيم يتطلب تضافر جهود مؤسسات اجتماعية مدنية، متنوعة في خدماتها وتركيبها، موحدة في أهدافها برجاء رضوان اللَّه تعالى، وذلك عبر التكافل والانفتاح.
من هنا نعمل في رابطة النهضة الاجتماعية، عبر هذه القناعة، على تقديم خدمات محددة لمجتمعنا من خلال جهود متواضعة في تحسين الظروف الاجتماعية والتربوية، في بيئة نعتقد أنها لا تزال في أول سلّم التنمية. ونؤمن بأن التعاون في إطار الانفتاح واستثمار الكفاءات، عبر تبوئها المراكز المناسبة، وقبول وإبداء النصيحة، والمشورة، والتجرد. كلها من أوليات ما يتطلبه مجتمعنا في مسيرته اللانهائية نحو قيم إلهية كبرى جسَّدتها السيدة الزهراء عليها السلام.
ـ الأخت حنان الحسيني شري مديرة البرامج في إذاعة النور وحاملة إجازة في الإعلام وعاملة في الحقل الإعلامي لأكثر من عشر سنوات أجابت:
ـ عندما يكون الحديث عن قدوة بمستوى السيدة الجليلة الزهراء عليها السلام يصعب أن نتناول هذه الشخصية العظيمة من زاوية محددة، فلا يمكن مثلاً أن نرى فيها تلك الخطيبة المفوّهة، كاملة المعارف والصديقة فقط- إن كان المطلوب أن نتحدث كإعلاميين- من دون أن تأسرنا تلك اللمعات الروحية والصفاء المضيء في كل جوانب حياة سيدة نساء العالمين.
لقد لعبت الزهراء عليها السلام دوراً مهماً في مسيرة الإسلام والرسالة المحمدية بما اختزنت من وعي وفكر وروح للمسؤولية، وربما التعمق في أقوالها ومواقفها يضيء لنا مساحة الطريق الذي لا بد من سلوكه، عندها تصبح أقلامنا وحركتنا كإعلاميين نتاج ما يجب أن نحمله من روحية ملتزمة متفاعلة وبناءة.. وعندها نكون رساليين أكثر من مجرد أصحاب رأي وقلم.
ـ الأخت فاطمة بري بدير، كاتبة ومعدّة ومقدّمة برامج في كل من إذاعة النور وتلفزيون المنار وحائزة على شهادة الدبلوما في اللغة العربية وآدابها أجابت:
ـ الحقيقة أن تجسيد شخصية السيدة الزهراء عليها السلام سواء خلال العمل الإعلامي أو العمل غير الإعلامي (مثل السلوك اليومي والتعامل الأخلاقي)، هذا التجسيد يتمثل بالحفاظ على قيم الأخلاق العامة، والدفاع عن الدين، ومصلحة الجماعة.. ونصرة الحق...
والمرأة باستطاعتها أن تكون (فاطمية) في شتى المواقع الخاصة بها.. في منزلها الأبوي، وفي منزلها الزوجي، وفي كيفية تعاملها مع أولادها وجيرانها وصحبها ومعارفها، بحيث لا تترك إلا الأثر الطيب والصالح في نفس كل من عرفها وخالطها...
وكذلك الأمر بالنسبة للفتاة في جامعتها مثلاً أو في مقرّ عملها أو الشركة التي تعمل فيها... أما لو جئنا للحديث عن خصوصية العلم الإعلامي وارتباطه بالزهراء عليها السلام فهو يرتبط من حيث خدمة الرسالة ونشر الدين والقيم والأخلاق ومفاهيم الصبر والجهاد..
وبرأيي أن دور المرأة- الإعلامية هو أخطر من غيرها من مثيلاتها من النساء، يعود السبب في ذلك إلى كونها في الواجهة ومحط الأنظار، فالبعض قد يتأثر بها وبنمطها وبطريقتها... وقد يحلو للبعض تقليدها أو الاقتداء بها، ومن هنا فإن لم تكن على قدر من المسؤولية والوعي لدورها ولأهميته، فإنها لا تعي ما يمكن أن تتسبب به في ما بعد.
ـ الأخت نوال خليل مديرة قسم الدراسة العامة في معهد سيدة نساء العالمين ومدرسة مادة العقيدة أجابت:
ـ نحن نعلم أن للسيدة الزهراء عليها السلام مقاماً ومنزلة عند اللَّه لا يعلمها إلاَّ هو سبحانه، وكما صرح الإمام الخميني قدس سره: "لم تكن الزهراء امرأة عادية.. كانت امرأة روحانية.. ملكوتية.. حقيقة الإنسان الكامل.. هي كائن ملكوتي تجلى في الوجود بصورة إنسان.. بل كائن إلهي جبروتي ظهر على هيئة امرأة، وهي أيضاً كما يقول الإمام جسَّدت في شخصها مختلف الأبعاد التي يمكن تصورها للمرأة والتي منها تعليم النساء أسس وأحكام دينهم. وإذا أردنا التعبير بشكل أدق، فهي كانت داعية للإسلام، ومربية للمرأة بشكل خاص، وتهدف كما يهدف جميع الأنبياء والأولياء إلى صناعة الإنسان الكامل ونفض الغبار والحجب عن الفطرة العاشقة الموجّدة لله، وهذا ما ظهر بأروع الصور، لذا من الحري بكل امرأة منَّا أن تتخذ الزهراء عليها السلام قدوة لها في كل مجالات حياتها وفي مجال عملها بالتحديد، وأنا أعمل في معهد ثقافي إسلامي يختص بإعداد الكادر النسائي عبر سلسلة من البرامج المتنوعة التي تنبع من عمق تعاليم الإسلام المحمدي الأصيل والمتمثل بنهج الإمام الخميني.
الأخت رولا الحركة عاملة في الحقل النسائي الإسلامي وحاملة إجازة في الرياضيات ومدرسة لهذه المادة أجابت:
ـ أنا أجسّد السيدة الزهراء عليها السلام كقدوة لي في عملي أي في حقل التدريس عندما أهتم بالإضافة إلى تعليم الأجيال المسائل العلمية بتربية هذه الأجيال تربية إنسانية إسلامية لأن إهمال هذه التربية سيؤدي حتماً بالأولاد إلى الفساد والانحراف، ودائماً أذكر نفسي وعيري أن هؤلاء الأولاد هم أمانات إلهية بأيدينا ونحن من خلال تربيتهم نصنع منهم في المستقبل إنساناً كاملاً أو شيطاناً.
ـ الأخت نهاد مسلم حاملة إجازة في الفيزياء ومدرسة للمادة، تفرغت حالياً للأمومة وتدبير المنزل أجابت:
ـ لا يمكن للمرء الادعاء باتخاذ قدوة ما إلا إذا جسد معنى الاقتداء قولاً وعملاً، ولكن هيهات هيهات لمثلي أن تقتدي بالزهراء عليها السلام، وإنما هي محاولة تلمس لجنبات الطريق ولمعنى الاقتداء.
لقد اعتبرت الزهراء عليها السلام القدوة والأسوة للمرأة المسلمة لما حملته من صفات قدسية وكمالية وجهادية، فهي الحوراء الأنسية التي اكتنفت في جنباتها كل معاني الجهاد والصبر والتضحية، منطلقة أولاً وآخراً من مبدأ العبودية والطاعة المطلقة لله عز وجل، لذا كان لا بد لكل مسيلمة الاقتداء والتمثل بذاتها المقدسة الشريفة. والزهراء عليها السلام برزت من خلال مسيرتها أماً لأبيها وزوجة وفية لبعلها وأماً عطوفاً على وُلدها... وكلامنا هنا في أمومتها ورعايتها لأطفالها.
فقد كانت الزهراء عليها السلام الأم النموذجية في رعاية وتربية الأطفال، فتخرج على يديها إمامان عظيما الشأن، والحوراء زينب عليها السلام عديلة الحسين.
كما حرصت عليها السلام على أن تمارس واجباتها المنزلية على أكمل وجه. فكانت تطحن وتخبز وتكنس وتربي أولادها وترعى شؤونهم..
ومن هنا كانت انطلاقتنا في باب الاقتداء من رعايتنا للأولاد وحصانتهم، ومحاولة تأمين احتياجاتهم المادية والمعنوية.
وهناك نقطة أساسية أقف عندها هي اعتقادي الوثيق بأن حضانة الأم لأطفالها لا توازيها حضانة، خصوصاً في السنوات الأولى من عمر الطفل، حيث أن حضن الأم بكل ما فيه من دفء وحنان يشكل أعظم مدرسة لتنشئة وإعداد الأطفال- رجال المستقبل- وقد عبَّر الإمام الخميني قدس سره عن هذا الأمر أفضل تعبير حين قال: "المرأة كالقرآن كلاهما أوكِلَ إليه صنع الرجال".
2- هل شكل الحجاب لك مانعاً في التقدم في عملك؟
ـ الحاجة زهرة بدر الدين:
ـ من استطاع أن يحدد العمل السليم لينطلق من خلاله إلى المجتمع، لا يمكن أن يواجهه مانع يوقفه عن الاستمرار، لأن المقدمات السليمة تنتج نتائج سليمة وصحيحة... وعليه فلا يمكن أن يكون الحجاب مانعاً عن التقدم والانطلاقة في الحياة العملية والعلمية وغيرها، بل لو دققنا في الواقع الجوهري لكل فتاة نرى أن الحجاب هو المحفز القوي لنجاح الحركة التكاملية لديها، فهو السلام القوي الذي يدافع عن المرأة ويحافظ على أنوثتها لتبقى إنسانة لها كرامة الإنسانية وشأن الإنسان.
والحجاب لا يعني فقط ستر أعضاء الفتاة من تغطية الرأس وغيره، بل هو أرفع من ذلك، يعني العفة، الاتزان، وعدم مخالطة الرجال والكلام معهم إلا للضرورة المستثناة.
فكل من تراعي الحجاب بهذا المعنى الذي نطق به القرآن الكريم وطبَّقته السيدة الزهراء عليها السلام في حياتها العملية لا يمكن أن تقع بأي أذى أو سوء، بل يمكنها الانطلاقة بكل ثقة واطمئنان وإيمان.
إذاً الحجاب لا يمكن أن يكون مانعاً عن الرُقي والتقدم، بل هو رمز التقدم والتطور وإلا لما أمرنا به اللَّه تعالى وأوجبه علينا.
ـ الأخت الحاجة إلهام الزيات:
ـ في اعتقادي أن القيم الإلهية كل متكامل، وعبادة الإنسان للخالق هي أسمى القيم الإنسانية وبالتالي لا أرى مجالاً للتفاضل في أولويات العبادة بالحجاب أو غيره، وخاصة عند من جسَّدت أرقى مستوى في العبودية لله جلَّ وعلا. أما أن يمنعني الحجاب من التقدم في ميادين العمل أو المبادرة بمساهمتي بالقسط المطلوب من الإنسان في هذه الحياة، فلعلني أقول إن الحجاب هو سلاح الإنسانية الأمضى في يد المرأة، به تقتحم مجالات العمل الإنساني عبر إدراكها وعقلها وإنسانيتها. وعلى العكس فإن عمل المرأة غير المحجبة أثبت أنه هو العائق في أدائها لعملها كإنسانة حرة كريمة، إذ تتعرض للإحراج الشديد في تعاطي الرجال معها كأنثى لا كإنسانة جديرة استحقت مركزها في العمل والمجتمع بالكدّ والجدارة، كذلك فإن فرض الدين للحجاب ما هو إلا حافز وتأكيد على ضرورة مبادرة المرأة للأخذ بدورها وتحمّلها للمسؤولية المطلوبة منها حيث يقول اللَّه تعالى: {إن المؤمنين والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر}.
ـ الأخت حنان الحسني شري:
ـ الإسلام هو الدين المتكامل الذي أعطى للمرأة كمالها أيضاً، وعندما كان الحجاب فرضاً إلهياً، فلا يمكن أن يكون الالتزام به عائقاً أمام المرأة للانطلاق في هذه الحياة بما يرضي اللَّه. بالعكس تماماً هنا جوهر الإجابة عن السؤال المطروح، فأن يحسن العبد ما بينه وبين اللَّه وأن يوثق علاقته بالخالق والمدبر لكل الأمور عندها يستطيع أن ينطلق بكل الحماس والرضا المعنوي لتذليل ما يصادفه من عوائق مادية، ونحن ندرك أن المرأة الملتزمة بحجابها تحقق إنسانيتها في كل مواقعها في الحياة، فالمسألة أن الآخر الذي يختلف معنا في هذه المفردة الإلهية التي خصَّها اللَّه بالنساء- ألا وهي الحجاب- عليه أن يتقبَّل قناعتنا في ذلك- أما أولئك النساء المسلمات اللواتي تخلين عن هذه الفريضة الإلهية فعليهن العدوة إلى الذات وإدراك قيمة الحجاب بدل أن يمثل الالتزام به عقدة نقص لديهن أو يتوهمن أنه يشكل حاجزاً سيصطدمن به.
ـ الأخت فاطمة بري بدير:
ـ ربما كان هذا السؤال في بعض جوانبه ليس دقيقاً، على اعتبار أن المرأة المحجبة حين تعمل فإنها تتخير عملاً يناسبها ويناسب حجابها.
وأجد من غير الطبيعي أن تُسأل محجبة إذا كان الحجاب يعيقها في عملها لأننا دائماً نجدها تعمل في مهنة محترمة وسامية. ونجد عملها راقياً وجيداً ومحموداً... أما بالنسبة لمن كان الحجاب يشكل لها عائقاً في العمل فأرى أن تتخير لها بديلاً.. من دون أن نسى مسألة مواجهة التحديات.. لكن من باب الاحترام لهذا الحجاب علينا أن نحاول الارتقاء به دائماً عبر إيجاده في أفضل الأماكن والمهن والمسؤوليات.
ـ الأخت نوال خليل:
ـ عادة يكون الحجاب عائقاً عندما لا تكون الأخت المرتدية للحجاب لديها القناعة الكافية به وبالخلفيات والعقائد التي يرمز إليها الحجاب، وعندما تقحم نفسها وتتماشى مع بيئة أو مجتمع فاسد منغمس في الدنيا وملذاتها... وبالنسبة لي فالحمد لله لدي القناعة التامة بالحجاب وضرورته وما يمثله، وأنا أعمل في خط يسعى ليكون المجاب مرفوعاً على رأس كل امرأة، وبخصوص انطلاقتي في الحياة والمجتمع بشكل عام، صحيح أننا نعيش في مجتمع لا يلتزم بكل المبادئ الأمسية، أو البعض مخالف لها، ولكن بفضل الثورة الإسلامية في إيران ومصداقية نسائها وجهاد حزب اللَّه والمقاومة الإسلامية في لبنان، فرض الحجاب نفسه على جميع الساحات.
ـ الأخت رولا الحركة:
ـ الحجاب لا يمكن أن يكون عائقاً في وجه المرأة ولا يعطل حركتها وتقدمها في كل ميادين العلم والسياسة والاقتصاد...فالحجاب يضفي على المرأة الأصالة وعظمة الروح والعفاف ويحفظ المجتمع من الفساد والانحراف. وهو بما أنه يشكل رمزاً للإسلام في الشريحة النسائية، فهو الدافع للمرأة في كل تحركاتها، فنحن نرى أن السيدة الزهراء عليها السلام لم يمنعها حجابها من أن تخطب في المسلمين في قضية من أشد القضايا تعقيداً وهي قضية الخلافة، وكذلك الحجاب لم يمنع السيدة زينب عليها السلام من أن تقف في وجه ابن زياد وأهل الكوفة وتقف إلى جانب الإمام زين العابدين عليها السلام لتبين للناس حقيقة ما جرى في كربلاء وحقانية أهل البيت بالخلافة.
وفي النهاية أقول إن الحجاب لا يمكن أن بلغي دور المرأة وهو أبداً لم يشكل مانعاً من تقدمي في الدراسة والعمل.
ـ الأخت نهاد مسلم:
ـ إذا كان الحجاب هو الرمز الأول للاقتداء بالزهراء ولم يمنعها بأن تصبح سيدة نساء العالمين وأن تصل إلى الدرجات الرفيعة، فمن نحنوما هي درجة وصولنا حتى يمنعنا الحجاب عن الوصول إلى مقاصدنا؟! على العكس فالحجاب كان بالنسبة لي الدافع والحافز الأقوى للوصول والتقدم في طلب العلم، وخصوصاً أن ارتداء الحجاب منذ أكثر من 17 عاماً كان بمثابة تحد كبير لكل من حولي من الأهل والأقارب والجيران، لأنه كان غريباً ونافراً في تلك الآونة. وقد قابلتهم بشدة بارتدائي العباءة، وأصريت على ارتدائها سواء عند متابعي لدراستي الثانوية أو الجامعية بالرغم من مواجهتي لمعارضة شديدة آنذاك في تلك المعاهد العلمية، ومع ذلك فإنها لم تشكل لي أي مانع أو عائق من الوصول لما أهدف.
وقد مارست مهنة التدريس خمس سنوات وأنا ارتدي العباءة داخل الصف وأدرس بكل سهولة، وأنا الآن أمارس حياتي العملية بكل فخر واعتزاز بحجابي معتبرة هذا الحجاب من أهم المسائل المتعلقة بالمرأة والمجتمع، وهو جزء من مسيرتها الجهادية لأنه رمز إسلامها وعنوان تحديدها الكير الذي تسعى كل دول الاستكبار أن تفصلها عنه لحاجات في أنفسهم.
3- برأيك لماذا يصر الغرب على محاربة الحجاب، ويعتبره مناقضاً للتقدم والحضارة؟
ـ الأخت زهرة بدر الدين:
ـ من خلال محاربة الغرب للحجاب نفهم بأنه رمز التقدم والحضارة، وإلا لماذا هذا الإصرار القوي على محاربته ومنعه في المدارس والجامعات بل حتى في البرلمان كما حصل مع السيدة مروة القاوقجي في تركيا وغيرها.
كلنا يعلم بأن الغرب يرى نفسه هو المتحضر الوحيد والمتطور وغيره لا يفهم شيئاً، فكل ما يحاربه الغرب يعني أنه يعيق حركته، وليس من مصلحته أبداً من يقف أمامه ليُشل حركته التعسفية.. فهو قد وعى جيداً بأن للمرأة دوراً أساسياً في تربية الجيل وتأسيسه، لذلك أراد أن يصنع من المرأة ألعوبة بيده يحركها كيفما يشاء ويرغب. لذا كان تركيز الإعلان على الموضات والألبسة وكل شيء يخص المرأة ويجذبها إليه.
فالفتاة التي تعترض أهدافه وتلتزم بزيها الإسلامي وتتميز بفكر واعٍ معارض لعملية الابتزاز التي يطبقها على المجتمع النسائي، لا شك في أنه سينتفض ويتكلم باسم الحضارة والتقدم اللذين لا يرفضهما أحد فيُقدم الحجاب في لائحة التخلف، والمتحجبة ضمن النساء الجاهلات المتخلفات ليعلن أنه مناقض للتقدم والقيم.
يا تُرى! السيدة قاوقجي وغيرها من المحجبات هل كن عالمات مفكرات قبل الحجاب وبعد الحجاب أصبحن مجالات متخلفات؟! وهل الحجاب هو طفرة للفكر الإنساني إلى الوراء؟!.
ما الغرب وأفكاره سوى كبيت العنكبوت {وإن أوهن البيوت لبيت العنكبوت لو كانوا يعلمون}.
لأخت الحاجة إلهام الزيات:
ـ لا أعتقد أن هناك حرباً حول الحجاب بين شرق وغرب بل هي حرب بين الباطل والحق، وهذه الجهة لا تحارب فقط الحجاب بل هي تهدف لمحاربة نهج بكامله، ولكن لا شك بأن الحجاب هو أوضح رمز للارتباط بذلك النهج لأنه هو المظهر الخارجي، أي المظهر المرئي وبذلك يُذكر كل من يصادفه بأن هناك حالة ما أو عقيدة ثابتة لا تزال موجودة وهذا الإنسان يعلن ارتباطه بها، وهو بالتالي مستعد لأن يتخلى عن كثير من الملذات والمصالح، وأنه يحمل نفساً لا تضعف أمام مغريات دنيوية دنية وهذا تحد كبير وإثبات بأن هناك نفوساً قوية ونفوساً ضعيفة.
إن أي جهة مستكبرة تتمنى لنفسها السيادة وتنكر الفطرة الإلهية التي أرادها اللَّه سبحانه وتعالى لعباده حيث لا أفضلية إلا بالتقوى. بالطبع سوف يرعبهم هذا المظهر وهم يسمحون لأنفسهم بمحاربته بكل الوسائل خاصة كون هذه الجهات تؤمن بأن الغاية تبرر الوسيلة وكلها ليست إلا محاولات.
أما أنهم يحاولون بث الشعور بين الناس بأن هذا النهج هو مناقض للتقدم والحضارة فهذا يعود لخلاف كبير بيننا وبينهم في أصل مفهوم الحضارة والتقدم.
ـ الأخت حنان الحسيني:
ـ الإشكالية المطروحة في السؤال تجيب عنه، فأي حضارة للغرب نتحدث عنها، إذا كان المطلوب أن تظل المرأة- كما في المجتمعات الغربية- عنواناً للسفور والإباحية والتفلت من كل الضوابط الاجتماعية والأخلاقية وغيرها..فهذا لا يعد حضارة، ولن يضيف على المرأة قيمة ما، من هنا كان الاختلاف في النظرة وكان العداء للحجاب.
النقطة الثانية هي مسألة العداء للإسلام، فما نشاهده في غير مجتمعاتنا ودولنا الإسلامية أو تلك المتغربة عن الإسلام من محاولات لمنع المحجبات من دخول المدارس والجامعات فذلك لأن الحجاب يرمز للدين الإسلامي- هذا ما عبّرت عنه بصريح العبارة أكثر من جهة في الغرب تضطهد المحجبات.
أما المسألة الثالثة والأهم فهي رمزية الحجاب اليوم، خاصة بعد انتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران، فالحجاب بات يرمز لذاك النصر، "للإسلام السياسي" الذي يخشاه الأعداء الذين يخشون أن الحجاب لم يعد تأثيره ينحصر في نطاق فردي ضيّق بل بات هوية توحي باستمرارية هذا الإسلام الثوري، الذي يعادي أمريكا و"إسرائيل" والمستكبرين في العالم.
مع الالتفات هنا إلى دور المرأة المسلمة في انتصار الثورة الإسلامية، وفي مواجهة الاحتلال في جنوب لبنان وبقاعه، وفي أي معادلة جهادية تفرضها قبضات المقاومين الأحرار، من هنا إصرار الغرب على محاربة الحجاب.
ـ الأخت فاطمة بري بدير:
ـ إن استهداف الحجاب في هذه الأيام جزء من الاستهداف الكبير الذي يتعرض له الدين الإسلامي والمسلمون.. وحين يستهدف الاستكبار العالمي الحجاب فهو بالطبع لا يهاجم هذه القطعة القماشية التي تلف الرأس بل هو يهاجم ما تمثله.. وما تمثله هو وجه الخطورة على هذا الاستكبار، لأن الحجاب يعني الالتزام، والالتزام يعني الدين والدين يعني الإسلام، والإسلام يعني صراع الحضارات كما يحلو للكثيرين أن يعبّروا، وخصوصاً في الفترة الأخيرة.. ولو أن الإسلام لا يعني صراع الحضارات بل هو نظام الحياة المتكامل بالنسبة لكل الحضارات ولكل الشعوب.
أما لماذا يرى الغرب في الحجاب نقيضاً للتقدم والحضارة فهي رؤية مضحكة وتكاد تخالف نفسها لأن الغرب اليوم يدفع فاتورة باهظة الثمن نتيجة ابتعاده عن قيم الدين (التي يشكل الحجاب جزءاً منها) وسعيه وراء التحرر المزيف والخادع الذي لم ولن يجلب إلا الدمار والخراب والضياع.
أقول أخيراً: لعل اعتقاد وترويج الغرب بأن الحجاب مدعاة تخلف ولا حضارة، ناتج عن عقدة نقص!! فهذا الغرب يدرك تماماً أن كل حضارته قائمة على أسس كانت موجودة في الإسلام من قبل.. وأن كل اختراعاته توصل لها الإسلام من قبل.. وأن كل موازينه تحدث عنها الإسلام قبل قرون وقرون، فكيف لا "يتعقّدون" من هذا الدين الواسع الرحب الذي يتسع لكل شيء، فيما تضيق آفاقهم عن فهمه واستيعابه، فيعملون على محاربته.
ـ الأخت نوال خليل:
ـ إذا دققنا بالهدف الذي يحكم المجتمعات الغربية والمادية، نجده "التمتع بالطبيعة والسيطرة التامة عليها وتسخيرها للمنافع المحدودة". وقد ذهب البعض ليضم الإنسان لهذه الدائرة، وهذا ما نراه عندما نراقب الأحداث المعاصرة التي سبقتنا.
وعليه كانت المرأة ضحية هذا التوجه، حيث أصبحت ألعوبة بأيديهم يسعون للتمتع بها بأشع الصور الاستهلاكية.. وبالطبع هذا سيؤدي إلى محاربة الحجاب الذي هو عنوان وعلامة الالتزام بالقيم والمبادئ الإنسانية الرفيعة التي نادى بها الإسلام.
ـ الأخت رولا الحركة:
ـ الغرب يعتبر أن الإسلام بكل تعاليمه يشكل خطراً كبيراً عليه ولذلك نراه يتصدى لمحاربته بكل الطرق الإعلامية، الثقافية، الاجتماعية.. ومن المواضيع التي يحاربها الغرب موضوع الحجاب الذي يعتبره مناقضاً للتقدم والحضارة، وأحد أسباب هذه الحرب أن الغرب لا يريد للنساء في المجتمعات وخصوصاً مجتمعات العالم الثالث أن تصل إلى كمالها الإنساني التي وعدها اللَّه به، وأيضاً لا يريد أن تكون هذه النساء مثاليات وصاحبات فكر نيّر وأهداف سامية، فالمرأة في الغرب تستغل بجسدها وروحها لترويج بضائع المؤسسات الصناعية، وتنتهك حقوقها الإنسانية، على عكس المرأة المسلمة الذي يطالب الإسلام بحفظ حقوقها وتقديسها والنظر إليها كإنسان.
ـ الأخت نهاد مسلم:
ـ برأيي أن العداء والحرب الذي يشنه الغرب على الحجاب يتجذر عن ناحيتين:
1- الناحية السياسية: حيث يشكل الحجاب الرمز الأول للمرأة المسلمة والهوية الدالة عليها، وبانتشار هذه الظاهرة الإسلامية سينتشر الإسلام تدريجياً كدين سياسي فاعل في العالم، وهذا ما لا ترق للغرب وقواه العظمى رؤيته، ولا يتناسب ذلك مع مصالحه التوسعية والاستكبارية.
2- الناحية الاقتصادية: وتتمثل بتسخير المرأة واستخدامها المطلق في السوق الاقتصادية، واستعمالها كأداة رخيصة في الدعاية والإعلان لتسويق المنتجات والسلع التي تنتجها تلك الدول.
ولا شك ولا ريب أن الحجاب يشكل العائق الأكبر أمام تحقيق غاياتهم تلك.
لذا، نراهم يشنون حربهم الشعواء على الحجاب، ويسعون بكل قواهم للحؤول دون انتشاره {ويأبى اللَّه إلا أن يتم نوره ولو كره الكافرون}.