عاشق واله: مقدام شجاع، أشتر هذا العصر وفارس المصر.
هو الرجل الحديدي، صاحب البطولات الكبيرة والفتوحات المظفرة، قرة عين الإمام وأنيسه (يدخل إليه ساعة يشاء ودون موعد مسبق) يد القائد الخامنئي وساعده الأيمن، إنه الشهيد الفريق علي صياد شيرازي.
ولد الشهيد السعيد علي صياد شيرازي عام 1323هـ ش 1944م، في منطقة "درغز" في خراسان وتخرج عام 1967 من الكلية الحربية برتبة ضابط.
مزج العماد شيرازي بين العلم والتجربة والإيمان ومحبة الله وخلقه وبغض النظر عن الرتب العسكرية ـ فقد وضع نفسه دوماً في عداد أفراد التعبئة المخلصين بالشكل الذي لفت نظر فقيد الثورة الإسلامية الإمام الخميني "قده" منذ بدايات انتصار الثورة وعلى الرغم من أنه كان ضابطاً شاباً فقد أنيطت إليه قيادة جبهات غرب البلاد.
أسلوب وطريقة تعامل العماد علي صياد شيرازي مع الإخوة الأكراد في كردستان إيران كان مميزاً بالشكل الذي أحسّ به الشعب الكردي المظلوم المقيد من قبل الجماعات المناهضة للثورة، فقد أحس هذا الشعب بالأمن والطمأنينة؛ ومع أن الشهيد كان قد دخل الجيش قبل انتصار الثورة الإسلامية، لكن كل القوى المدافعة عن الثورة والبلاد قبلت طوعاً قيادته المميزة حيث كان يقدم لهم مخلصاً ما يملك من أفكار وخبرات من أجل ارتقاء معلوماتهم وإيمانهم. مع بدء الهجوم العراقي على إيران واحتلال أراضٍ شاسعة من الجمهورية الإسلامية، نُصب هذا القائد الشاب قائداً لأكبر سلاح في الجيش، وهو سلاح القوة البرية. وفي السنوات الأولى من قيادته، جرت عمليات ثامن الأئمة وطريق القدس والفتح المبين في ظل قيادة موحّدة من حرس الثورة وجيش الجمهورية الإسلامية، حيث طُرد العدو المحتل من الكثير من أراضي الجمهورية الإسلامية وتحررت مدينة "خرمشهر" ووقع أكثر من ثلاثين ألف عسكري من قوات العدو أسرى في أيدي قوات الجيش والحرس الثوري.
كثيراً ما كان العماد شيرازي بعد العمليات الناجحة للجيش والحرس الثوري يكرر عبارته المعروفة "الجيش والحرس قوة إلهية واحدة" وقد سعى قدماً إلى إيجاد الوحدة بين هاتين القوتين العظيمتين.
عمل العماد صياد الشيرازي مع باقي الضباط والجنود في الخطوط الأمامية ودخل مباشرة إلى ميادين القتال وأكل وشرب وعاش جنباً إلى جنب معهم، وخلافاً لما هو متداول في جيوش العالم، أقام مقر قيادته مثل باقي القيادات في الحرس الثوري، في الخطوط الأمامية في الجبهات. لذا تأسى المقاتلون بهذه الأسوة الشجاعة والمؤمنة وكانوا يهاجمون العدو المحتل بمعنويات مضاعفة وعالية، وكانت أكثر انتصارات الحرب ثمرة للعمل المشترك بين الجيش والحرس الثوري، وكان العماد صياد شيرازي الركن الركين لهذا العمل المشترك، لقد تمّ تعيين الشهيد سنة 1987 من قبل الإمام الخميني قدس سره عضواً في المجلس الأعلى للدفاع، وهناك ومن خلال تدوينه "الاستراتيجية الدفاعية" وحضوره المباشر والمستمر في مقر القيادة والخطوط الأمامية لجبهات القتال، قدم يد العون والمساعدة للجيش والحرس الثوري.
وكان آخر موقع تبوأه الشهيد، هو نائب رئيس الأركان العامة للقوات المسلحة في الجمهورية الإسلامية، وقد أدخل من خلال موقعه هذا التحرك والفعالية إلى جميع أقسام الوحدات العسكرية والنظامية، ولم يكتف بذلك، بل سعى جاهداً من أجل رفع مستوى القدرة الدفاعية للبلاد.
كان العماد صياد شيرازي يتعامل مع الناس في الشارع والسوق على جميع مراتبهم ومع الجنود والضباط على جميع مستوياتهم معاملة طيبة وحسنة وكان بيته ملجأ لمعالجة حوائج ومشاكل الناس، كان الشهيد ذاكراً للإمام الحسين عليه السلام ملبياً دوماً وفي جميع المناسبات نداء عاشوراء.
وأخيراً لقي حتفه مخضباً بدمائه على غرار مولاه الحسين عليه السلام.
ومن هذا المنطلق، عندما أذيع خبر شهادته وسمع الشعب الإيراني بذلك، خرج الجميع شباباً وشيوخاً، نساء ورجالاً باكين ناحبين حوناً لفقيدهم، وشارك مئات الألوف منهم في تشييع جنازته التي عبرت شوارع طهران المكتظة، وكانت جنازته بين أمواج وكأنها الياقوت في حبر لجي تنهال عليه القبلات من كل حدب وصوب لتودعه الدموع إلى مثواه الأخير.
* من وصية الشهيد صياد شيرازي
"إلهي أنت الذي ملأت قلبي بعشق طريقك وإسلامك ونظامك وولايتك، إلهي إنك تعلم إني كنت دائماً مستعداً وبذل ما منحتني في سبيل عشقي لطريقك، فإن لم أكن سوى ذلك فهذا برضاك ومشيئتك يا الله...
إلهي الخروج من الدنيا بيدك وأنا لا أعلم متى أخرج منها ولكني أعلم بأني يجب أن أطلب منك أن تجعلني في قافلة إمام الزمان عجل الله فرجه الشريف وأن أقاتل أعداء دينك الألداء إلى أن أنال رفيع الشهادة".
* من كلام للقائد الخامنئي بحق الشهيد
"لقد أمضى هذا الشهيد السعيد ما عاشه بعد انتصار الثورة الإسلامية في خدمة الإسلام، والحقيقة ليس هناك أيشير كان من الممكن أن يفيه أجره على ما تقدم سوى الشهادة التي نالها.. الذي جذب جماهير الناس التي ملأت الشوارع للمشاركة في تشييع جنازة ذلك الطليعي المسلم هو الإخلاص الذي كان يتحلى به ذلك الشهيد العظيم".
لقد عاش سعيداً ومات سعيداً، فالسلام عليه يوم ولد ويوم استشهد ويوم يبعث حياً.