"إن الجمهورية الإسلامية تعلن استعدادها لتشكيل "دار التقريب بين المذاهب" واستضافة الشخصيات العلمية الإسلامية لإيجاد مزيد من الوحدة والانسجام والتآلف بين المسلمين والتقريب بين المذاهب الإسلامية المختلفة عن طريق البحوث الكلامية والفقهية بين العلماء والمفكرين في العالم الإسلامي".
بهذه الكلمات وخلال لقائه ضيوف مؤتمر الوحدة الإسلامية الثالث أعاد آية الله العظمى الإمام الخامنئي القائد (دام ظله الشريف) الحياة إلى حركة مباركة، كانت قد بدأت أوائل هذا القرن في القاهرة من خلال جهود جماعة من العلماء المخلصين، ألا وهي حركة التقريب بين المذاهب الإسلامية. ومع أن هذه الحركة لم يكتب لها الاستمرار إلاَّ أنها تركت إرثاً طيباً حُفظ في أعداد نشرة كانت تصدرها باسم "رسالة الإسلام".
وقد لاقت هذه الحركة تأييداً واسعاً من الشخصيات المرموقة في العالم الإسلامي حينها، مثل الإمام الأكبر البروجردي والإمام محمد الحسين آل كاشف الغطاء والإمام السيد عبد الحسين شرف الدين، وغيرهم من مراجع الشيعة العظام، كما أيَّدها من مشايخ السنَّة الكبار الإمام الشيخ عبد المجيد سليم شيخ الأزهر، والشيخ الإمام مصطفى عبد الرزاق، والإمام الأكبر الشيخ محمود شلتوت صاحب الفتوى الشهيرة المتعلقة بجواز التعبد بمذهب الجعفرية المعروف بالإمامية الاثني عشرية واعتباره مذهباً كسائر مذاهب أهل السنَّة.
نعم وبعد الجمود الذي أصاب هذه الحركة، عادت وانتعشت مع انتصار الثورة الإسلامية المباركة حيث أخذت الجمهورية الإسلامية في إيران وذلك من خلال قيادتها الإسلامية الرشيدة على عاتقها إحياء تلك الجهود بغية تحقيق التقارب بين الفرق الإسلامية المختلفة بعضها من بعض، ولإيجاد التفاهم بينها وبالتالي الوصول إلى الهدف الأسمى وهو الاتحاد والوحدة. يقول الإمام الخامنئي (دام ظله):
"لما كانت الوحدة والتقارب بين المذاهب الإسلامية لفائدة المسلمين وسبيلاً إلى عظمة الإسلام، علينا أن نعلم واثقين أن أعداء الإسلام يبذلون قصارى جهودهم ويحيكون أكثر المؤامرات تعقيداً ضد هذه الوحدة.. إذا تم التباحث بصورة فقهية وعلمية حول الكثير من فتاوى علماء وفقهاء الإسلام، فإنه سيصبح من الممكن أن تتقارب تلك الفتاوى بعضها من البعض الآخر، ولذلك فإننا ندعو لتأسيس "دار التقريب بين المذاهب" وإننا مستعدون لاستضافة الشخصيات العلمية من مختلف أنحاء العالم الإسلامي لكي تضع وعبر الجهود التي سيبذلها الفقهاء والمتكلمون والفلاسفة والعلماء المسلمون آراء المذاهب الإسلامية ضمن مجموعة واحدة متكاملة تحت تصرف المسلمين كافة".
ومع تحقيق الهدف المنشود وتأسيس (مجمع التقريب بين المذاهب الإسلامية) واعتماد طهران مقراً لهذا المجمع فإنه أصبح من المأمول تحقيق التقارب والتآلف والوحدة بين مختلف الفرق الإسلامية.
وحول أهم الأهداف والإنجازات التي حققها المجمع يتحدث الأمين العام للمجمع آية الله الشيخ محمد واعظ زاده الخرساني ويذكر النقاط التالية:
- تشكيل مجمع للبحوث الفقهية لتدريب الباحثين في فقه المذاهب الإسلامية.
- تشكيل مجلس الشؤون الدولية لدراسة المسائل المختلفة المرتبطة بالعالم الإسلامي.
- إعداد المقدمات اللازمة لإصدار مجلة باسم رسالة التقريب باللغة العربية وستكون بعون الله منبراً لنشر آراء المفكرين الكبار الذين أبدوا فكرة التقريب بين المذاهب الإسلامية وقد بدأت بالصدور فعلياً.
- إعادة طبع مجلة "رسالة الإسلام" وهي نشرة دار التقريب في القاهرة.
- تأسيس بنك معلومات لتجميع المعلومات اللازمة بالمذاهب الإسلامية وأتباعها وكتبها وكل ما يرتبط بها.
- التمهيد لتأسيس كلية فقه المذاهب الإسلامية الدولية لأتباع كل مذهب إسلامي له فقه مدون - ويذكر أن المذاهب التي سيعمل عليها المجمَّع هي المذاهب في السنة (المالكي والحنفي والشافعي والحنبلي) وفي الشيعة (الأمامية والأباضية والزيدية والمذهب الظاهري لابن حزم).
نسأل الله لهم دوام النجاح والازدهار لعزة الإسلام والمسلمين ونحو خطوات عملية أخرى لتوثيق عرى الوحدة بين المسلمين.