مفردات من نهج البلاغة
* الخطبة الأولى مبعث الأنبياء (عليهم السلام)
واصطفى سبحانه من وُلده (أي من ولد آدم) أنبياءَ أخذ على الوحي ميثاقهم، وعلى تبليغ الرسالة أمانتهم، لما بدّل أكثر خلقه عهد الله إليهم فجهلوا حقه واتخذوا الأنداد معه واجتالَتهم الشياطين عن معرفته واقتطَعتهُم عن عبادتِه، فبعثَ فيهم رسُله، وواترَ إليهم أنبياءَهُ ليستأدُوهم ميثاق فطرته، ويذكّروهم منسي نعمته، ويحتجُّوا عليهم بالتبليغ، ويثيروا لهم دفائن العقول ويُروهم الآيات المقدَّرة: من سقفٍ وآجالٍ تُفنيهم وأوصاب تُهرِمهم، وأحداثٍ تتابع عليهم، ولم يُخلِ سبحانَه خلقَه من نبي مرسل، أو كتابٍ منزلٍ، أو حجةٍ لازمة، أو محجَّةٍ قائمةٍ: رسلٌ لا تقصّر بِهم قلةُ عددهم، ولا كثرة المكذبين لهم..
1- اصطفى: استخلص- جعله صافياً- اختار.
2- عهد الله: وعده- ميثاقه وهو الشهادة بالوحدانية قبل خلقه- النذر.
3- الأنداد: الأنفار، الشواذ، ج ند وهو المثيل والنظير.
4- اجتالتهم: دارت بهم- اجتذبتهم- طاردتهم.
5- واتر: أنقص- تتابع- أرسل واحداً بعد الآخر.
6- يستأدوهم: طلبوا إليهم الأداء- أتبعوهم- أخذوا منهم.
7- ميثاق فطرته: سبيل هدايته- طرق استعداده- العهد الذي خلقه فيه.
8- مهاد: الأرض المنخفضة- ج مهد، وهو السرير أو الفراش، قاع البحر.
9- أوصاب: ج وصب وهو المرض الشديد- أبعاد- فتور.
10- أحداث: أمطار- صغار السن وهو الحدث- ج حدث: المصيبة والنائبة.
11- حجّة: الحجّ إلى بيت الله الحرام- السنة- ما يحج به غيره فيغلبه به.
12- محجّة: جادة الطريق- الوصي- من أعلام الحج.
ملاحظة: اختر معنى واحداً.
* بلاغة الأمير
"ويثيروا لهم دفائن العقول.."
إن مهمة الأنبياء (عليهم السلام) استخراج الجواهر المدفونة داخل النفوس البشرية، ولما كانت العقول البشرية ينطوي داخلها الاستعداد الفطري للتوحيد والإيمان، وهي بحاجة إلى من يخرجها من القوة إلى الفعل، استعمل عليه السلام لفظة "يثيروا" لإثارتها بالتنبيه لها إلى الآيات الموجودة، واستعمل "الدفينة" كونها داخل العقول غير ظاهرة للعيان.
* العهد والميثاق بأحسن بيان
"عهد الله إليهم"
يشير عليه السلام إلى العهد الذي أخذه الله تعالى على بني آدم قبل خلقهم أو أثناء خلقهم على اختلاف التفاسير، فإن الله تعالى قد أخذ الميثاق وقطع على بني آدم العهد بالشهادة بالوحدانية والإقرار له بالربوبية، وذلك ظاهر الآية القرآنية المعروفة بآية "الذر": ﴿وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتَ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ﴾ (الأعراف: 172) وقال تعالى: ﴿أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَن لَّا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ﴾ (يس: 60).
* علي وصي الأوصياء
"حجة لازمة أو محجة قائمة"
لما كان الله تعالى لطيف خبير بعباده، لم يترك عباده في طريق مظلم أو بدون دليل أو مرشد، لذا فإنه تبارك وتعالى أرسل الرسل مبشرين ومنذرين ومعهم الرسالات السماوية، ثم جعل لهم الأوصياء المستحفظين فكان لكل رسول وصي﴿ إِنْ أَنتَ إِلَّا نَذِيرٌ ﴾ (فاطر: 23) فكان الإمام علي عليه السلام سيد الوصيين لسيد المرسلين عليهما أفضل الصلاة والسلام، وهو "محجة" الله على خلقه، وكان العقل الهادي للناس نبي من داخل "الحجة".
* كلامه جامع مانع
"سقف مرفوع ومهاد موضوع.."
الدعوة إلى الله تعالى تقوم على أربعة أساليب:
1 - بذكر النعم المستلزمة للشكر أو المظهرة لعظمة الخالق عزَّ وجلَّ: "سقف مرفوع ومهاد موضوع...".
2 - بيان آيات الترغيب للمؤمنين العاملين لما ينتظرهم من الثواب والأجر الكبير.
3 - بيان آيات الترهيب لتاركي العمل وذلك بالتخويف لما ينتظرهم من العقاب والعذاب: "وأوصاب تهرمهم".
4 - كشف حقيقة الدنيا والتزهيد منها بإظهار خِسَّة الحياة الدنيوية وأوساخها العفنة (إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها).