مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

الشهيد المجاهد أحمد موسى سلمان‏ "فلاح"

 


ما أورعها من ذكرى تجمعنا على صفحة مصيرها يلمع بذكرى شهيد وفي غضون هذه الأيام المباركة أيام الرحمة والمغفرة.. نستعيد الذكرى المستقرة في أعماق نفوس المحبين من معاصريه لنستمد منه أسمى معاني الكفاح المتبلور بالإشعاعات السماوية والزاخر بالمثل الروحانية الملي‏ء بكل المعاني الخيرة التي تتمثل بيوم الثالث والعشرين من شهر رمضان المبارك، ذاك اليوم الذي لم يزل ولن يزال يلقي الفيض في نفوس وقلوب العابدين الصائمين ومشعلاً وهاجاً ينشر معالم العزة والإيمان الصحيح وطريقاً مهيئاً للخلود الروحي والبقاء الأبدي المعنوي وفي هذا المجال نغتنم الفرصة لنتحدث عن دور من أهم أدوار هذه الذكرى العظيمة التي تحمل في طياتها شخصية حسينية مجاهدة.

هو الشهيد أحمد موسى سلمان نسترجع ذكراه اليوم لأنه منذ الولادة ي بلدته مجدل زون بتاريخ 10 - 12 - 79 على موعد مع الشهادة التي اختصه به المولى الكريم وفي أفضل الشهور والليالي والأيام، إنه حقاً صاحب كرامة عند الله تعالى، كيف لا وقد نال شرف الشهادة في ليلة القدر الأخيرة التي هي خير من ألف شهر، حقاً كرامة لا ينالها إلا ذو حظ عظيم.

فلاح.. ذاك المجاهد الصالح الذي تشيع فيه روح الاستقرار والسعادة باكتساب الشخصية الإسلامية الحقيقية وبث في نفسه بذور التقوى والورع والأدب.
فلاح تبنى الدعوة إلى أشرف مقام ومبدأ عرفته الإنسانية ألا وهو الجهاد. عرف كيف يفي الإسلام حقه.. مشى بهدي الله.. حمل راية الحق ليكون من الشهداء على جادة الحق والدين، والعقيدة الفياضة.
اندفع وفي عروقه دماء التضحية والفداء، وكلما ادلهمت الخطوب ازداد حماساً واندفاعاً بقضية الأرض.
يتميز الشهيد عن سائر أخوته بطهارته وإيمانه وحبه لوالديه وأخوته وأقربائه، كان عاشقاً لوالديه بحيث أنه كان يتعاطى مع والده أنه أخ له وليس أباً وفي أغلب الأوقات كان يناديه يا أخي امرني وفي أيام العطلة كان يساعد والده في العمل دون أن يكترث لأي مظهر من مظاهر الدنيا، وكان قريباً من كل من أراده وقصده وشكى إليه، ليبادر في مساعدة أخوانه وأخواته ولا يتنكر لأي أمر قد يطلب منه وإن كان شاقاً.

وللشهيد أيضاً تأثيرات فعالة في وسط العائلة فمن ناحية هو الابن الأكبر ومن ناحية أخرى أخلاقه العالية رفعته في نفوس الجميع من حوله فكان جل همه أن يرفع من مستوى إيمان أخوته وأقربائه وتحصيل رضى الله تعالى شأنه.. مثلاً في أن تؤدي الصلاة ف أول وقتها ويوصي إخوته بأن يبادروا لعمل المستحبات من صلاة وصوم وإحياء الليالي المباركة وعدم ترك الأغسال المستحبة والتصدق على الفقراء وتلاوة القرآن وحفظ أكبر عدد من السور المباركة.

فعندما كانت تهل ليلة النصف من شعبان أو ليالي القدر كان الشهيد يوقظ إخوته من النوم ويدعو أقاربه لإحياء هذه الليلة في المنزل وهو من يقرأ لهم الأدعية والقرآن الكريم فلم يكن يذهب إلى المسجد خشية أن لا ينال أقاربه أجر وثواب إحياء ليلة القدر، كان مرشداً رغم صغر سنه ولا يتهاون بالحكم الشرعي وعلاقته بإخوانه إن صح التعبير كالجسد الواحد إن اشتكى منه عضو تداعت له سائر الأعضاء بالحمى والسهر. من صفاته أنه يبقى على وضوء دائم ملتزم بالمستحبات إضافة إلى الواجبات وأبرز ما في شخصيته أنه كثير الذكر لله في سائر الأوقات وأينما كان وقد سئل في إحدى المرات لماذا لا تحمل سبحة لتسبح بها، قال كي لا يراه أحد وهو يذكر الله خوفاً من أن يدخل الرياء في ذكره لله تعالى.

وفي إحدى المرات قصده الأخوة في المنزل وخشية أن لا تكون الجلسة بناءة أجرى مسابقة قرآنية مع رفاقه ومن يفوز له هدية صلوات محمدية.
وأكثر ما كان يحث عليه الدعاء للمجاهدين وقد طلب ذات يوم من إخوته أن يصلوا لنصر المجاهدين في المقاومة الإسلامية.
ومنذ صغر سنه كان يقضي معظم أوقاته صائماً دون أن تعلم والدته كي لا تتعب نفسها بتحضير طعام خاص له عند الإفطار. مواظب على صلاة الليل وإذا أرتد أحد من أفراد عائلته أن يبوح بصلاته أمام أحد من الناس كان ينهى عن ذلك بشدة كي تبقى صلاته خالصة لله وحده جل وعلا.

وفي نهاية المطاف انتسب الشهيد لصفوف المقاومة بعدما أنهى المرحلة الدراسية المتوسطة ليتفرغ للعلوم الدينية وذلك عام 1995 تحدداً عندما استشهد عمه علي أحمد سلمان في جبل الرفيع الذي كان يقضي معظم أوقاته برفقته وكان ملازماً أيضاً لابن عمه الشهيد الذي سبقه على الدرب محمد سلمان ولشهادتهما الأثر الكبير في نفس الشهيد فلاح فعاهد الله أنه سوف يسعى للحاق بهما سريعاً كما غادرا سريعاً، فكان يتكتم على عمله ويتغيب عن المنزل وكان أهله يريدون أن يزوجوه وقد تم تحديد يوم عيد الفطر لذلك لكن التكريم الإلهي الذي ليس بعده تكريم قد دعاه. قبل المغادرة أحيا ليلة 21 من شهر رمضان ومضى للجهاد نيابة عن أحد الأخوة في المقاومة وفي هذه المهمة عرجت روحه الطاهرة إلى البارئ‏ وزفته الملائكة عريساً في السماء عندما سقط في الجبل الرفيع وبقي ثلاثة أيام على وجه الأرض حينما أمكنت الظروف عاد المجاهدون بالجسد ليكرم بالتشييع والدفن وتم ذلك في بلدته تلك القرية التي أحبها وعشق أرضها واحتضنته مجدل زون، وكان العرس عرش شهادة مباركة لهذه البلدة الصامدة تاريخ الاستشهاد 22 - 1 98 الموافق 23 رمضان نهار الجمعة يوم القدس العالمي.

* وصية الشهيد المجاهد أحمد موسى سلمان - فلاح:
بسم الله الرحمن الرحيم‏
اللهم احفظ لنا ولي أمر المسلمين آية الله العظمى السيد على الخامنئي وسماحة السيد حسن نصر الله وجميع العلماء والمراجع والصالحين.
والصلاة والسلام على أشرف الخلق الله أعز المرسلين حبيب قلوبنا وشفيع ذنوبنا أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين.
إلى الأخوة المجاهدين الأعزاء، أيها الأحباء.
بسم الله الرحمن الرحيم  ﴿انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُون﴾َ  صدق الله العظيم.
إخواني السلام عليكم ورحمة الله وبركاته‏
أكتب إليكم هذه الوصية كي أذكركم بنهج الشهداء نهج أبي عبد الله الحسين عليه السلام، أيها المجاهدون إن هذا النهج أمانة في أعناقكم فحافظوا عليه وانصروا الإسلام دائماً وجاهدوا وناضلوا من أجله كي تبقى راية الإسلام هي العليا وكلمة الطغاة هي السفلى.
أوصيكم أيها المجاهدون أن تكونوا من الصابرين على ابتلاءات وإن شاء الله سيتحقق النصر على اليهود والكفار جميعاً.
وأخيراً أقول لكم لا تنسوا ادعاء لحفظ النهج واتباع السبيل.

أبي العزيز
هذه وصيتي إلى والدي كتبتها لك لأن الله تعالى يقول في محكم كتابه العزيز:  ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ ﴾ صدق الله العظيم.
أبي أطلب منك المسامحة وأرجوك عندما تسمع نبأ استشهادي لا تحزن وكن دائماً صبوراً وقل إنا لله وإنا إليه راجعون، وأحمد الله واشكره لأنك قدمت لله شيئاً عزيزاً وهو ولدك، واطلب منك يا والدي أن تكون من الصابرين العاملين والمضحين في سبيل الله لأن الله خلقنا كي نجاهد في سبيل هذا الدين المحمي الأصيل كي يبقى صامداً أمام الطغاة .
أبي العزيز.. كل نفس ذائقة الموت فلماذا لا نكون شهداء بين يدي الله تعالى أعزاء مكرمين.

أمي الحنونة السلام عليك ورحمة الله وبركاته..
أمي لا تفجعي عندما تسمعين نبأ استشهادي، تصبري أماه ومثل زينب والزهراء عليها السلام كوني واطلب منك بعد استشهادي أن تقولي اللهم تقبَّل منا هذا القربان.
أماه سامحيني توسلي لله أن ينصر الإسلام على أيدي المجاهدين وأريد منك إقامة مجالس العزاء الحسينية عن روحي، أطلب منك أن تتمسكي بنهج أهل البيت عليهم السلام والسيدة زينب عليها السلام، وها أنا ذاهب إلى الرحمة الإلهية شهيداً إن كان فراقاً في الدنيا فالملتقى عند الحسين والزهراء عليه السلام في الآخرة..

إخوتي.. أخواتي الأعزاء..
لا تحزنوا عندما يخبرونكم بنبأ استشهادي لأنني كنت أدعو الله دائماً أن يرزقني الشهادة التي هي زادي إلى الآخرة وسفينة نجاتي.
أيها الأعزاء تصبروا مثل أولاد الحسين والسبايا وأطلب منك السماح.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
خادم المقاومة الإسلامية أخوكم الفقير أحمد موسى سلمان.


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع