من وصية أمير المؤمنين لابنه الإمام الحسن عليه السلام
وتلافيك ما فرط من صمتك أيسرُ من إدراكك ما فات من منطقك...
وحفظ ما في الوعاء بشدِّ الوكاء، وحفظ ما في يديك أحبُّ إليَّ من طلب ما في يدي غيرك. ومرارة اليأس خيرٌ من الطلب إلى الناس، والحرفة مع العفة خيرٌ من الغنى مع الفجور، والمرءُ أحفظ لشرِّه ورُبَّ ساع في يضرُّه!
من أكثر أهجر، ومن تفكر أبصر، قارن أهل اليخر تكن منهم، وباين أهل الشر تبن عنهم.
بئس الطعام الحرامُ، وظلمُ الضعيف أفحس الظلم! إذا كان الرفق خرقاً كان الخرق رفقاً.
ربَّما كان الدواء داء، والداء داء. وربما نصح غيرُ الناصح، وغشَّ المستنصح. وإياك والاتكال على المِنى، فإنها بضائع النَّوكى، والعقل حفظ التجارب، وخير ما جرَّبت ما وعظك.
بادرِ الفُرصة قبل أن تكون غُصَّة، ليس كل طالب يصيب، ولا كل غائب يؤوب. ومن الفساد إضاعة الزاد، ومفسدة المعاد، ولكل أمرٍ عاقبة، سوف يأتيك ما قُدر لك.
التاجرُ مخاظرٌ، ورُبَّ يسير أنمى من كثير! لا خير في معين مهين، ولا في صديق ظنني. ساهل الدَّهر ما ذلك لك قعوده، ولا تُخاطر بشيء رجاء أكثر منه، وإيَّاك أن نجمح بك مطيَّة اللجاج.