السالك والمريد
* الترفق في الطالب
رويداً يُسفرُ الظلامُ، كأن قد وردت الأظعان، يوشك من أسرع أن يلحق! واعلم يا بنيَّ أن من كانت مطيَّته الليل والنهار، فإنه يُسار به وإن كان واقفاً، ويقطع المسافة وإن كان مقيماً وادعاً.
واعلم يقيناً أنَّك لن تبلغ أملك، ولن تعدوُ أجلك، وأنَّك في سبيل من كان قبلك فخفض في الطلب، وأجمل في المكتسب، فإنه رُبَّ طلب قد جرَّ إلى حرب، فليس كل طالب بمرزوق، ولا كل مجمل بمحروم، وأكرم نفسك عن كل دنية وإن ساقتك إلى الرغائب، فإنَّك لن تعتاض بما تبذل من نفسك عوضاً. ولا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حراً، وما خير خيرٍ لا يُنال إلا بشر، ويُسر لا ينال إلا بعسر؟
وإياك أن توجف بك مطايا الطمع، فتُوردك مناهل الهلكة. وإن استطعت ألا يكون بينك وبين الله ذو نعمة فافعل، فإنك مدرك قسمك، وآخذ سهمك، وإنَّ اليسير من الله سبحانه أعظم وأكرم من الكثير من خلقه وإن كان كلٌ منه.