مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

معالم دولة الإمام المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف



الشيخ علي دعموش‏


إن دولة الإمام المهدي عليه السلام هي دولة الإسلام، وتلك الدولة التي تتجسد فيها تطبيقات التشريع الإسلامي كاملة عادلة وفي مختلف مجالات الحياة لدى الفرد وفي الأسرة وفي المجتمع وفي الدولة.

وأبرز معالم هذه الدولة وسماتها وخصائصها هي:
1- عالمية العقيدة الإسلامية:
فإن الذي نقرؤه في الآيات القرآنية الشريفة المفسَّرة بظهور الإمام المهدي عليه السلام والأحاديث الشريفة المبشرة بدولته العالمية، إن الإسلام يبعث مجدداً في عصر الإمام فيظهره الله على جميع الأديان ويعمم على كل أفراد والبشر وأن الله يطهر على يدي الإمام الأرض من كل عقائد الشرك والكفر والضلال.
قال الله سبحانه وتعالى: ﴿هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾.
فقد روي عن الإمامين علي بن الحسين زين العابدين وولده محمد الباقر عليهم السلام: إن الإسلام يظهره الله على جميع الأديان عند قيام القائم.
وعن الإمام جعفر الصادق عليه السلام: إذا قام القائم المهدي لا تبقى أرض إلا نُودي فيها بشهادة ألا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله.
وسُئل الإمام الباقر عليه السلام عن تأويل قوله تعالى:  ﴿وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لاَ تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ لِلّهِ فَإِنِ انتَهَواْ فَلاَ عُدْوَانَ إِلاَّ عَلَى الظَّالِمِينَ ﴾
فقال عليه السلام: لم يجي‏ء تأويل هذه الآية، فإذا جاء تأويلها يقتل المشركون، حتى يوحدوا الله عز وجل وحتى لا يكون شرك، وذلك في قيام قائمنا.
وفي المروي عن الإمام الصادق عليه السلام عن أبيه الباقر عليه السلام فقال عليه السلام: لم يجي‏ء تأويل هذه الآية ولو قد قام قائمنا سيرى من يدركه ما يكون من تأويل هذه الآية، وليبلغن دين محمد صلى الله عليه وآله وسلم ما بلغ الليل.

2- عالمية النفوذ السياسي:
ففي النصوص أن دولة الإمام عليه السلام سيشمل نفوذها السياسي العالم كله وستخضع لها جميع الشعوب والمجتمعات والأنظمة السياسية في الشرق والغرب، بحيث يصبح البشر كلهم رعية لقائد واحد، وفي ظل حكومة مركزية واحدة، ويسود العالم كله نظام سياسي واجتماعي واحد هو النظام الإسلامي.
قال الله تعالى:  ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾
وقال تعالى:  ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُون﴾َ.
وعن الإمام الباقر عليه السلام: القائم منصور بالرعب، مؤيد بالنصر، تطوى له الأرض وتظهر له الكنوز، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب.
وعنه عليه السلام أنه قال أيضاً: المهدي وأصحابه يملكهم الله مشارق الأرض ومغاربها، فإن هذه النصوص تدل على أن طبيعة الظروف والأجواء الاجتماعية والسياسية في عصر الإمام تساعد على اتساع نفوذ الدولة للسياسي اتساعاً يشمل كل العالم تحقيقاً لوعد الله عز وجل بعالمية الإسلام ونظامه السياسي والاجتماعي.

3- سيادة العدل الكلي الشامل:
فإن من خصائص دولة الإمام ومعالمها البارزة عموم العدل وسيادة العدالة الاجتماعية والسياسية في العالم، وتطهير الأرض من الظلم والجور والقضاء كلياً على الطغاة والظالمين.
وقد ورد في ذلك روايات متواترة ومشهورة رواها المسلمون جميعاً في مختلف المصادر الإسلامية منها المروي عن الإمام علي بن الحسين عليه السلام عن جده رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوَّل الله ذلك اليوم حتى يخرج رجل من ولدي فيملأها عدلاً وقسطاً كما ملئت جوراً وظلماً.

ومن النصوص المشيرة إلى ذلك أيضاً:
أ- إذا قام القائم ملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً ولا يبقى موضع في الأرض إلا ناله من بركته وعدله وإحسانه.
ب- إذا قام القائم عليه السلام حكم بالعدل، وارتفع في أيامه الجور.. ورد كل حق إلى أهله وحكم بين الناس بحكم داود عليه السلام وحكم محمد صلى الله عليه وآله وسلم.
ج- إذا قام قائمنا قسم بالسوية وعدل في الرعية فمن أطاعه فقد أطاع الله ومن عصاه فقد عصى الله.
د- إذا خرج أشرقت الأرض بنور ربها ووضع ميزان العدل بين الناس فلا يظلم أحد أحداً.

4- عموم الرخاء الاقتصادي:
ومن الأمور البارزة في أحاديث المهدي عليه السلام تطوير الحياة المادية وتحقيق الرفاهية والرخاء الاقتصادي في الدولة التي يقيمها.
ونوع الحياة المادية التي تتحدث عنها النصوص الشريفة في عصره عليه السلام أعظم من كل ما عرفناه في عصرنا ومما قد يوصلنا إليه تطور العلوم الإنسانية الاعتيادية.
ومما يروى في هذا المجال أن الإمام عليه السلام سيخرج كنوز الأرض ويقسمها على الناس، وأن الأمة تنعم في زمانه بما لم تنعم به من قبل بحيث يستغني كل الناس في ظل دولته ولا يبقى ذو حاجة كما أنه يبقي مكان في العالم خرب إلا عمره، وأن الأرض تخرج بركاتها وخيراتها.
فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: تخرج له الأرض أفلاذ أكبادها ويحثوا المال حثواً ولا يعده عداً.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: تنعم أمتي في زمن المهدي نعمة لم ينعموا مثلها قط، ترسل السماء عليهم مدراراً ولا تدع الأرض شيئاً من النبات إلا أخرجته.
وفي حديث آخر: فحينئذ تظهر الأرض كنوزها، وتبدي بركاتها، ولا يجد الرجل منكم يومئذ موضعاً لصدقته، ولا بره، لشمول الغنى جميع المؤمنين.
وعن الباقر عليه السلام في حديث: وتجمع إليه أموال الدنيا من بطن الأرض وظهرها فيقول للناس: تعالوا إلى ما قطعتم فيه الأرحام وسفكتم فيه الدماء الحرام، وركبتم فيه ما حرم الله عز وجل فيعطي شيئاً لم يعطه أحد كان قبله.
وعنه عليه السلام أيضاً: يظهر الله عز وجل به دينه ولو كره المشركون فلا يبقى في الأرض خراب إلا عُمر.

5- عموم الأمن:
من الأحاديث المشيرة إلى ذلك:
أ- إذا قام القائم عليه السلام حكم بالعدل، وارتفع في أيامه الجور، وأمنت السبل...
ب- تخرج العجوز الضعيفة من المشرق تريد المغرب لا يؤذيها أحد...

6- انتشار العلم والثقافة:
ومما يشير إليه من النصوص: ما روي عن الإمام الباقر عليه السلام في حديث له: وتؤتون الحكمة في زمانه حتى أن المرأة لتقضي في بيتها بكتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
وبعد هذا العرض السريع لأهم خصائص ملامح دولة الإمام يتضح أن الإمام المهدي عليه السلام مدخر من قبل الله سبحانه لأداء مهمة إلهية كبرى، متعددة الجوانب، عظيمة الأهداف، هي مهمة تغيير العالم تغييراً شاملاً، وتطهير الأرض من الشرك والغلاء، والقضاء على كل مظاهر الظلم والانحطاط، وتطوير الحياة الإنسانية تطويراً مادياً كبيراً، وإقامة نظام عالمي جديد يقوم على أساس عقيدة التوحيد ومفاهيم وتشريعات الإسلام وبالتالي يقوم على أساس العدل والمساواة والأمن والسلام في العالم كله.

وإذا أخذنا بعين الاعتبار ما هو معلوم من إنجاز وتحقيق هذه المهمات سيكون بأسباب العادية والوسائل الطبيعية وليس بالطرق الإعجازية، وأن الإمام سوف يستند إلى الخبرات والإمكانات المادية المتوافرة في المستقبل وسوف يعتمد على جنود وأنصار هم على درجة عالية من التقوى والإخلاص والمعرفة والشجاعة والتضحية في سبيل الله، فإن ذلك كله يضعف أمام مسؤولية الإعداد والتمهيد لدولة الإمام على كافة المستويات، وتهيئة المقدمات والأجواء والظروف المادية والتكنولوجية والاجتماعية والسياسية التي تتناسب وحجم تلك الأهداف، كما أن ذلك يحتم علينا السعي باتجاه إصلاح أنفسنا وتهذيب أخلاقنا ورفع مستوى إخلاصنا وإيماننا وتربية نفوسنا على التضحية والبذل والجهاد في سبيل الله لنكون بمستوى جنود وأنصار الإمام عليه السلام والمجاهدين بين يديه وأعوانه في تحقيق مشروعه.


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع