يعتبر الشهيد مطهري أنّ الإنسان لا يبلغ مرحلة الكمال البشري إلاّ بثلاثة شروط:
1- أن تنمو فيه جميع القيم الإنسانية.
2- أن تبلغ الحد الأعلى في النمو.
3- أن يكون نموها بصورة متجانسة ومتوازنة.
فليس الإنسان الكامل هو الإنسان الذي يأخذ بقيمة من القيم الإنسانية ثم يهمل سائر القيم الأخرى. ليس هو الإنسان العابد فقط أو الزاهد فقط أو العادل فقط أو العالم فقط أو المجاهد فقط الذي ينجذب نحو قيمة من هذه القيم ثمّ يترك سائر الأعمال الأخرى. بل هو الإنسان الذي نمت فيه جميع هذه القيم وبلغت في نموها أعلى مستوى لها في انسجام وتناسب وتوازن.
الإنسان الكامل هو الذي يكون عابداً ويبلغ في عبادته أعلى درجات العبادة وفي نفس الوقت يكون عادلاً ويبلغ في عدله أعلى مراحل العدالة وفي الوقت ذاته يكون مجاهداً ويبلغ في جهاده أعلى مستويات التضحية وهكذا يكون عالماً ويبلغ في علمه أعلى مراتب العلم وهكذا..
ومن هنا عندما نقول إنّ علياً عليه السلام هو النموذج الإنساني الكامل بل هو منتهى الكمال البشري لذلك، لأنّ جميع القيم الإنسانية وكلّ المثل العليا قد نمت في شخصيته وبلغت الحدّ الأعلى في النضج والرشد والنمو بانسجام وتناس وتوازن. فكان قمّة في كلّ شيء قمة عالية ينحدر عنها السيل ولا يرقى إليها الطير.
إنّه قمّة في العبادة والتقى والخشوع بين يدي الله عزّ وجل يتململ تململ السليم ويبكي بكاء الحزين في محراب العبادة في جوف الليل.
وقمّة في العلم والحلم وهو الذي قال كلمته المشهورة التي لم يجرؤ على قولها أحد بعده: سلوني قبل أن تفقدوني فوالله إنّ لأعلم بطرق السماء كما أعلم بطرق الأرض.
وقمة في الزهد والبعد عن زخارف الدنيا وهو الذي يقول مشيراً إلى حذائه التي لا تساوي كسر درهم عندما كان يصلحه إنّ هذه أحبّ إليّ من دنياكم إلاّ أن أقيم حقاً أو أدفع باطلاً.
وقمة في العدالة وهو الذي يقول: والله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت.
وقمة في الشجاعة والحماسة والجهاد وهو الذي يقول: والله لو اجتمعت العرب على قتالي لما وليت مدبراً وإنّ ابن أبي طالب لا يبالي أسقط على الموت أم سقط الموت عليه. ويقول: لألف ضربة بالسيف أحبّ إليّ من ميتة على فراش.
لقد بلغ علي عليه السلام مرحلة البطولة في كلّ القيم وتحوّل إلى بطل في جميع الميادين الإنسانية.
إنّ علينا أن نتعلّم من كمال علي درساً حتّى لا نخطئ فنبني واحدة من القيم ونهمل القيم الأخرى.
إنّنا لا نستطيع أن نجمع جميع القيم في شخصيتنا كما جمعها علي في شخصيته فعلي يقول: ألا وإنّكم لا تقدرون على ذلك ولكن أعينوني بورع واجتهاد وعفّة وسداد. بورع عن محارم الله واجتهاد في طاعة الله وعفّة في النفس وسداد في القول.
إنّ علينا أن نلتزم جميع قيم علي قدر الإمكان في وقت واحد. وإذا لم نبلغ مرحلة الإنسان الكامل كعلي عليه السلام فلا أقل أن نبلغ مرحلة الإنسان المتعادل الذي يجمع من كلّ القيم أكبر قدر ممكن وبذلك نكون شخصيتنا الرسالية والجهادية.
والسلام