مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

أدب الأنبياء: نبي الله اليسع وذو الكفل عليهما السلام


سكنة حجازي


نتأسى في حلقتنا هذه بالنبيين الصالحين اليسع وذي الكفل اللذين اتصفا بصفات أساسية للإنسان.
وقد أثنى الله تعالى على المتصفين بهما وجعلهم في منزلة تعلو المنازل الأخرى
 ﴿وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾  (النساء/69). مما يجعلهما محط اهتمام وعناية منا.
وقد ذكرناهما معاً لأن الله تعالى قد جمع لهما صفات مشتركة إضافة إلى اقتصار ذكرهما على هذه الصفات دون الحديث عنهما في سيرتهما التبليغية.

 ﴿وَإِسْمَاعِيلَ وَإِدْرِيسَ وَذَا الْكِفْلِ كُلٌّ مِّنَ الصَّابِرِينَ  وَأَدْخَلْنَاهُمْ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُم مِّنَ الصَّالِحِين﴾ (الأنبياء/ 85 ـ 86).
 ﴿وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِّنْ الْأَخْيَار﴾ِ  (ص/48).
 ﴿وَإِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَيُونُسَ وَلُوطًا وَكُلاًّ فضَّلْنَا عَلَى الْعَالَمِين﴾َ  (الأنعام/86).

لم يرد في القرآن الكريم أي خطاب بلسان هذين النبيين الصالحين عليهما السلام، ولكن كل ما جاء أن اليسع وذا الكفل من الأنبياء الذين وصفهم الله تعالى بالنبوة والصلاح والتلبس بالخير، وما إلى هنالك من صفات العبودية الخالصة له تعالى والتي لا تشوبها أي شائبة.
فقد مدحهما الله في معرض كلامه عن الأنبياء السابقين وأثنى عليهما وعدّهما من الأخيار فهما في أعلى مراتب القوم الذين كانا فيهم.
﴿مِّنَ الصَّابِرِين﴾َ ولا يخفى ما في هذه الصفة التي وصف بها أيوب الصابر عليه السلام، من الإيمان والتعلق بالله تعالى حتى يصبرا في الله ليستحقا بعد ذلك بل ليصلا إلى مرتبة الدخول في الرحمة الإلهية، فلم يقل الله تعالى، ووهبنا لهم من رحمتنا بل قال: {وأدخلناهم في رحمتنا} وكأن أجسادهم وأرواحهم أصبحت غارقة في الرحمة الإلهية كما كانت غارقة في مشاكل المواجهة في سبيل الدعوة.

وبذلك جعلهما من الصالحين الذين هم في أعلى المراتب عند الله تبارك وتعالى فهم من الذين أنعم الله عليهم  ﴿وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾  (النساء/69).
قد ورد في السيرة أن اليسع كان يصنع كما صنع عيسى عليه السلام، من إحياء الموتى وإبراء الأكمة والأبرص، ولكن أمته لم تتخذه رباً كما فعلت النصارى.
أما ذو الكل فقد جاء في تسميته أن الله تعالى غمره بنصيب وافر من ثوابه ورحمته في مقابل الأعمال والعبادات الكثيرة التي كان يؤديها وهي تعني صاحب الحظ الأوفر.
فهو كان يحكم بين الناس كما حكم النبي داوود عليه السلام، ولم يغضب إلا لله عزّ وجلّ. قد وردت رواية تبين صبر هذا النبي الصالح على القضاء والحكم والطاعة، وكان قد عهد إليه النبي السابق أن يخلفه على أن لا يغضب.
قيل: إنه قد أرسل إليه إبليس أحد أتباعه، ويدعى الأبيض، فقال له: إذهب إليه لعلك تغضبه.

فذهب إليه في منتصف النهار حيث أخذ النبي عليه السلام مضجعه، فصاح: إني مظلوم. فقال: قل له [أي لخصمه] قل له تعال، فقال: لا انصرف فأعطاه خاتمه.
فقال له: إذهب إئتني بصاحبك، فذهب حتى إذا كان الغد جاء تلك الساعة التي أخذ هو مضجعه، فصاح: إني مظلوم وإن خصميلم يلتفت إلى خاتمك. فقال له الحاجب ويحك دعه ينم فإنه لم ينم البارحة ولا أمس. قال: لا أدعه ينام وأنا مظلوم، فدخل الحاجب وأعلمه، فكتب له كتاباً وختمه ودفعه إليه، فذهب حتى إذا كان من الغد حين أخذ مضجعه جاء، فصاح فقال: ما التفت إلى شيء من أمرك، ولم يزل يصيح حتى قام وأخذ بيده في يوم شديد الحر ولو وُضعت فيه بضعة لحم على الشمس لنضجت، فلما رأى الأبيض ذلك انتزع يده من يده ويئس منه أن يغضب، فأنزل الله تعالى جلَّ شأنه قصته على نبيه ليصبر على الأذى كما صبر الأنبياء عليهم السلام على البلاء.

فالصبر والصلاح صفتان أساسيتان مطلوبتان في الإنسان المؤمن حتى يصل إلى الرحمة الإلهية وينال العفو والصفح عند الله تبارك وتعالى. وهما الأساس في إبعاد الشيطان وغوايته لنا، قال الله تعالى على لسان الشيطان: ﴿إِلَى يَومِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ ،  قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ  إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ  قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ  إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ إِلاَّ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْغَاوِين﴾َ  (الحجر/38 ـ 42).


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع