مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

من وصية أمير المؤمنين إلى ابنه الإمام الحسن عليهما السلام

 


يا بُني: اجعل نفسكَ ميزاناً فيما بينكَ وبين غيرك، فأحبِب لغيركَ ما تُحبُّ لنفسك، واكره له ما تكرَه لها؛ ولا تَظلم كما لا تُحبُّ أن تُظلَم، وأحسن إلى جميع الناس كما تُحبُّ أن يُحسنَ إليك، واستقبِح من نفسك ما تَستقبحه من غيرك، وارضَ من الناس بما ترضاه لهم من نفسك، ولا تَقُل ما لا تعلم وإن قَلَّ ما تعلم، بل ولا تقُل كلَّ ما عَلمت مما لا تُحبُّ أن يُقال لك، ولا تسأل عما لا يكون، ففي الذي قد كان لكَ شُغلٌ.

إذا حُييت بِتحيةٍ فحَيِّ بأحسنَ منها، وإذا أُسدِيت إليك يدٌ فكافئها بما يُربي عليها، والفضلُ مع ذلك للبادىء، وحَسِّن مع جميع الناس خُلقك حتى إذا غبت عنهم حنُّوا إليك، وإذا متَّ بكوا عليك وقالوا: إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون، ولا تكن من الَّذين يُقال عند موتهم: الحمد لله رب العالمين، فإن أعجزَ الناس من عَجزَ عن اكتسابِ الإخوان، وأعجزُ منه من ضَيَّع من ظَفِرَ به منهم.

واعلَم أن رأسَ العَقل بعدَ الإيمان بالله ـ عزَّ وجلَّ ـ مُداراةُ الناس، ولا خَيرَ فيمن لا يُعاشِرُ بالمعروفه من لا بُدَّ من معاشرتِهِ حتى يَجعل الله إلى الخلاص منه سبيلاً؛ فإني وجدت جميع ما يَتعايشُ به الناس وبه يتعاشرون ملء مكيالٍ: ثُلثاهُ استحسانٌ، وثُلثُه تغافلٌ.

وما خلَق الله ـ عزَّ وجلَّ ـ شيئاً أحسن من الكلامِ، ولا أقبَح منه؛ بالكلام ابيَضَّت الوجوه، وبالكلامِ اسودَّت الوجوه. واعلم أنَّ الكلام في وثاقك ما لم تتكلَّم به؛ فإن تَكلَّمت به صرتَ في وَثاقِه، وإذا تمَّ العقلُ نَقص الكلام؛ فاخْزُن لِسانكَ كما تخزن ذهَبَك وَوَرقك، فإنَّ اللسانَ سَبُعٌ، فإنْ خُلَّي عنه عَقَرَ، والغَضبُ شرٌ إن أطعتَهُ دَمَّر. لِسان العاقِل وراءَ قَلبهِ، وقلبُ الأحمق وراء لسانه.

دَعِ الكلامَ فيما لا يَعنيك وفي غيرِ موضعِهِ، فَرُبَّ كَلمةٍ سَلَبت نعمةً، وجَلَبت نِقمةً، ورُبَّ لَفظةٍ أتت على مهجةٍ. مَن سَيَّب عُذاره قادهُ إلى كلِّ كريهةٍ وفَضيحةٍ، ثمَّ لم يَخلُص من دَهرهِ إلا على مَقتٍ مِنَ الله وذَمٍ منَ الناس.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع