مع إمام زماننا | طاعة الوليّ في زمن الغيبة قرآنيات | اليهود أشدّ الناس عداوةً للذين آمنوا(*) أمراء الجنة | الأمنـيـة الأخيرة ... الشهيد سامر نجم  قضايا معاصرة | فلسفة الحرب في الثقافة الإسلاميّة الوقاية والحماية المدنية في حالات الحرب أوجُه الجهاد في المقاومة أسباب الانتصار حديثٌ مع السيّد من عليائه عشنا في زمن نصر الله الغيب في الوعد الصادق

السالك والمريد

 


من وصية أمير المؤمنين إلى ابنه الإمام الحسن عليهما السلام.. أي بُنيّ، إنّي وإن لم أكن عُمّرت عُمر من كان قبلي، فقد نظرت في أعمالهم، وفكّرت في أخبارهم، وسرت في آثارهم، حتّى عُدت كأحدهم، بل كأني بما انتهى إليّ من أمورهم قد عُمّرت مع أولهم إلى آخرهم، فعرفتُ صفو ذلك من كدره، ونفعه من ضرره، فاستخلصت لك من كلّ أمرٍ نخيله وتوخّيت لك جميله، وصرفت عنك مجهوله، ورأيت حيث عناني من أمرك ما يعني الوالد الشفيق، وأجمعت عليه من أدبك أن يكون ذلك وأنت في مقبل العمر ومُقتَبَل الدّهر، ذو نية سليمة، ونفس صافية، وأن ابتدئك بتعليم كتاب الله عزّ وجلّ وتأويله، وشرائع الإسلام وأحكامه وحلاله وحرامه، لا أجاوز ذلك بك إلى غيره.

ثم أشفقت أن يلتبس عليك ما اختلف الناس فيه من أهوائهم وآرائهم مثل الذي التبس عليهم، فكان إحكام ذلك على ما كرِهتُ من تنبيهك له أحبّ إلي مِن إسلامك إلى أمر لا آمن عليك به الهلكة ورجوتَ أن يُوفّقك الله فيه لرشدك وأن يهديك لقصدك فعهدت إليك وصيتي هذه.

واعلم يا بُنيّ أنّ أحبّ ما أنت آخِذٌ به إليّ من وصيتي تقوى الله والاقتصار على ما فرضه الله عليك، والأخذ بما مضى عليه الأولون من آبائك، والصالحون من أهل بيتكَ، فإنّهم لم يدعوا أن نظروا لأنفسهم كما أنت ناظرٌ، وفكّروا كما أنت مُفكّرٌ، ثمّ ردّهم آخر ذلك إلى الأخذ بما عرفوا والإمساك عمّا لم يكلّفوا، فإن أبَت نفسُك أن تقبل ذلك دون أن تعلم فليكن طلبك ذلك بتفهم وتعلّم، لا بتورّط الشبهات، وعلق الخصومات وابدأ قبل نظرك في ذلك بالاستعانة بإلهك والرّغبة إليه في توفيقك وترك كلّ شائبةٍ أولجتك في شُبهةٍ، أو أسلمتك إلى ضلالةٍ. فإن أيقنت أن قد صفا قلبك فخشع، وتمّ رأيك فاجتمع، وكان همّك في ذلك همّاً واحداً فانظُر فيما فسرت لك، وإن لم يجتمع لك ما تحب من نفسك وفراغ نظرك وفكرِك، فاعلم أنّك إنما تخبطُ العشواء، وتتورّط الظلماء، وليس طالبُ الدين من خَبط أو خلط، والإمساك عن ذلك أمثل.


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع