صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص

طلاق أم انطلاق؟! - عزة فرحات

8 نصائح عملية للخروج من الآثار السلبية لما بعد الانفصال

ليس الطلاق سهلاً في كل الأحوال، مهما كانت الأسباب الموجبة للانفصال. وسواء كانت رغبتكَ فيه أم لا، فإنّ انتهاء العلاقة الزوجية يكاد يقلب عالمكَ رأساً على عقب ويحرّك فيك مشاعر الحزن والاضطراب.
يؤذي الانفصال حتى عندما لا يعود الارتباط سليماً. فالطلاق مؤلم لأنه يتضمّن خسارات مضاعفة. هو لا يمثل خسارة الزوج/ الزوجة فحسب، بل هو خسارة للالتزامات والتجارب الزوجية، وهو خسارة للدعم, سواء كان هذا الدعم عاطفياً أم اجتماعياً أم نفسياً أم مالياً، وهو خسارة للأحلام والمشاريع والآمال المشتركة؛ وقد تكون هذه أشدّ ألماً من الخسارات الفعلية. يضعكَ الطلاق في موقع غير آمن، كل شيء فيه مهدد: استقرارك، علاقاتك مع العائلة الكبيرة، صداقاتك، روتين حياتك اليومي، وحتى هويتك. كثيرون هم الذين يعرّفون أنفسهم من خلال رابطة الزواج فحسب، ما يجعل الانفصال منذراً بمستقبل قاتم. فكيف تكون الحياة من دون الشريك؟ ومن أنا إن لم أكن زوجة فلان؟ وما هو دوري إن لم أعد زوج فلانة؟ كيف تستمر حياة تم إرساء دعائمها على أساس الشراكة؟

غالباً ما تبدأ العلاقات العاطفية بمستوى عالٍ من الطموح وآمال المستقبل. وعندما تفشل فإننا نواجه خيبات الأمل، فإذا ما تمّ الانفصال وقعت - على الأغلب- الفاجعة!

هذه بعض المقترحات لمساعدتك على تخطي الفترة الحرجة لما بعد الطلاق وإحالة الانفصال سبيلاً لصناعة إنسانٍ أقوى وأكثر حكمة:

1- التسليم بخواتيم الأمور
كلنا نأمل ونسعى أن تكون خواتيم تجاربنا سعيدة ناجحة، ولكن الحياة تعلّمنا أنّ الأمور ليست بأيدينا تماماً، حتى أنّ أمير المؤمنين عليّ عليه السلام قال: "عرفت الله بفسخ العزائم ونقض الهمم"! هذا نحو من تربية الله لنا. فالأمر المهم ما بعد الانفصال أن تتأقلم مع فكرة أن حياتك لن تعود كالسابق وإنما عليك البدء بنمط حياة جديد، وينبغي أن يكون أفضل.

2- تعديل زاوية النظر
معلوم أن أصحاب الإنجازات الكبيرة لا معنى للفشل في حياتهم، ذلك أنهم يتعلمون من كل شيء. وهذا سر من أسرار النجاح. بعد الطلاق يعمد المطلّقون عادة، وللخروج من مشاعر الفشل وتداعياتها، إلى تحقير تجربة الزواج المنصرمة وحصرها في أسوأ مراحلها، وبالتالي، خسارة دروسها وعبرها. في المقابل يمكننا أن نعيد صياغة الطريقة التي ننظر بها إلى النهايات. فحين نختار أن نرى النهايات محطات انتقالية، فإننا نحوّلها إلى سبل للنضج والتكامل. تصبح النهاية فرصة جديدة لبداية أفضل. وهكذا حين ننظر إلى الطلاق على أنه محطة أخرى من محطات مسيرة الحياة، تصبح نهاية الزواج خطوة جديدة على الطريق وليست نهاية فاشلة لها.

3- النهايات تستلزم وقتاً
من الطبيعي أن تختلف مشاعرك بعد الطلاق. قد يشعر الإنسان بالحزن أو الاضطراب أو الخوف، ولكن هذه المشاعر تخفت مع الوقت. خذ وقتك!
كثيرون يستعجلون طي صفحات الماضي فينخرطون في تجارب جديدة وسريعة قبل توديع التجربة السابقة كما ينبغي. لكي تلتئم الجراح نحتاج إلى فترة علاج، ولابد من أخذ قسط من التأمل والراحة بعد الانفصال. حاول أن لا تتخذ قرارات مصيرية في الأشهر الأولى بعد الانفصال، كالانتقال للعيش في منطقة أخرى أو البدء بوظيفة جديدة. انتظر حتى تستقر نفسياً وعاطفياً لأخذ قرارات من هذا القبيل.

4- إعادة التواصل مع النفس
من المفيد أن يُنظر إلى مرحلة ما بعد الطلاق على أنها مرحلة إعادة اكتشاف الذات والتغلب على نقاط الضعف فيها، لأن التعلم من الأخطاء هو مفتاح عدم الوقوع فيها مجدداً. وهذا لا يتيسر من دون أن يدرك المطلّق (رجلاً أو امرأة) لماذا حصل الطلاق ويدرك بالضبط دوره الذي أدّاه في تلك المعادلة. قد يحتاج المرء هنا إلى إجراء هذه المراجعة مع آخرين وليس وحده، وأن يستفيد من عقولهم.
ولا ينبغي الاستغراق في لوم النفس أو لوم الآخرين على ما جرى، لأنّ الإنسان يشلّ نفسه عندما يركّز على الأمور التي ليست بيديه ولا يمكنه السيطرة عليها. في المقابل، يجب أن يتوجّه إلى ما يملك من إمكانيات وقابليات ليعمل على تفعيلها.
اجعل الطلاق انطلاقةً جديدةً لمعرفة نفسك، واكتشاف مواهبك، وتفعيل نقاط القوة الكامنة فيك، وخلق الاهتمامات الجديدة.

5- الاهتمام بالصحة
كثيرون يلجؤون إلى الطعام هرباً من مشاكلهم، وآخرون يمتنعون عن الأكل. ويعاني بعضهم من حالات أرق وصعوبة في النوم. في هذه الأوقات الصعبة من حياتك عليك الاهتمام بصحتك.
إن مضاعفة الاهتمام بالعادات الصحيّة السليمة يعد لازماً لأن إهمالها قد يكون مدمّراً للجسد على المدى الطويل، ومؤثّراً على سلامة المزاج كذلك. ولا بد من البدء بممارسة الرياضة إن لم تكن ضمن برنامجك السابق، والاستمرار عليها مهما راودتك الرغبة بالتوقف.

6- التزوّد بالمعنويات
ولا ننس غذاء الروح، فهو الذي يعطينا القوة والطاقة لتجاوز صعوبات الحياة.
إحدى أفضل الطرق لتخطي صعوبات الطلاق هي الانخراط في مشروع تربية النفس. فهناك يكتشف الإنسان أن تربية الله له تسري في كل أحداث حياته، وأن مراد الله من ابتلائه هو تكميله والتخلّص من نقائصه. وفي ظل معرفة الله والارتباط به تعالى يستحيل كل بلاءٍ نعمةً.
لعل من المفيد ما بعد الانفصال أن تضع خطة جديدة لحياتك. رتّبها ضمن لائحة وابدأ بالقيام بها واحدة تلو الأخرى. وإذا ما غلب عليك الإحساس بالضعف حيناً، ضع عينك بعين الله واطلب المدد منه. فالثقة بالقوي المطلق تقرّبك من اجتراح المعجزات.

7- مجموعات الدعم
يساهم الأصدقاء عموماً في المساعدة على تجاوز الأزمات. ولذلك لا بد من البحث في مرحلة ما بعد الانفصال عن الأصدقاء الحقيقيين الذين يمكن اللجوء إليهم عند الشدائد والاعتماد على حكمتهم في اتخاذ المواقف. هؤلاء سيشكلون مجموعة دعم أساسي.
قد تتألف مجموعة الدعم من صديق مخلص واحد، له خبرة في الحياة، أو من أفرادٍ من أسرتك أو زملائك في العمل، يشاركونك مشاعرك وأحزانك، فلا تكون في المواجهة وحدك، أو قد تستمد الدّعم من الحديث مع أناس عايشوا تجربة الطلاق وخرجوا منها بنجاح مفيد. فالانعزال يزيد من الاضطراب والضغط، ويقلل من التركيز، ويقف عائقاً أمام عملك وعلاقاتك وصحتك بشكل عام.

8- إعذار الطرف الآخر
ليس الطلاق دليلاً على أن الشريك الآخر(زوجاً أو زوجة) هو الظالم أو السيئ أو الساقط من الاعتبار، بل هو شخص لم تنسجم معه بالمقدار الذي يحفظ لكما حياة مشتركة. هكذا ينبغي أن ينظر المطلقان أحدهما إلى الآخر. وهذه النظرة ينبغي أن تحكم العلاقة الجديدة بين المطلقين فيما إن كان بينهما أطفال خاصة. ويجب أن تنتقل هذه النظرة إلى الأولاد بحيث تُحفظ علاقتهم مع كلا الوالدين.
ومن المهم أن نعلم أن قدرتنا على إيجاد الأعذار للآخرين وتحميل النفس مسؤولية الإصلاح والتغيير دليل على قدرتنا على تحمل المسؤولية أولاً، وضمان لنجاحنا في التغيير ثانياً.
في النهاية: لتجنّب كل هذه المرارة والجهد، ولرفع معنويات النفس، ينبغي النظر بشكل فعلي لمدى صوابية قرار الطلاق... ومحاولة تجنّبه قدر الإمكان...
ولا تنسوا: كل الصعاب، لا الطلاق فحسب، يمكن أن تكون انطلاقة لبداية جديدة، فاستثمروها.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع