نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

قراءة في كتاب‏: القرآن في كلام الإمام الخميني قدس سره

إعداد: محمود دبوق



قراءة في كتاب‏: القرآن في كلام الإمام الخميني قدس سره
الإعداد والنشر: مركز الإمام الخميني الثقافي.


"لكي يعزل الإسلام عن الحياة، فإنَّ أكبر وسيلة وأكثرها أثراً هي إخراج القرآن عن المجال الذهني والقلبي والعملي للأمة الإسلامية، وهذا بالتأكيد ما عمل له المتسلّطون الأجانب والعملاء الداخليون لهم، سالكين هذه السبيل عبر الاستعانة بشتى الأنماط والوسائل. ... إن العودة إلى القرآن، هي عودة إلى الحياة التي تليق بالإنسان، وهي المهمّة الملقاة على عاتق المؤمنين بالقرآن، وفي طليعتهم العارفون به والعلماء والمبلّغون الدينيون". بهذه الكلمات التي عوّدنا عليها الإمام الخميني قدس سره نستطيع أن نطل على كتاب "القرآن في كلام الإمام الخميني قدس سره" والذي أعدّه ونشره مركز الإمام الخميني الثقافي، وهو وإن لم تتجاوز صفحاته الثمانين من القطع الوسط فقد احتوى على مقدّمة وتسعة عشر عنواناً فيها من الفائدة ما ينقل حال المرء من وضعٍ إلى آخر كون هذا الإمام وصاحب هذه الكلمات من أكثر العارفين بأمراض المجتمع وما يُصلح حاله، فكيف به وهو يتحدّث عن كتاب اللَّه الذي لا يأتيه الباطل "من بين يديه ولا من خلفه"؟

*عظمة القرآن‏
بداية سلسلة العناوين في قراءتنا لهذا الكتاب، تنطلق من تفسير الإمام الخميني قدس سره لحديث الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله: "إني تاركٌ فيكم الثقلين، كتاب اللَّه وعترتي أهل بيتي، فإنهما لن يفترقا حتى يردا عليَّ الحوض"، حيث يرى الإمام نفسه قاصرة عن معنى الثقلين مشيراً إلى ما أصابهما على يد أعداء اللَّه والطغاة المكرة وأن كل ألم أصاب أحدهما فقد أصاب الثقل الآخر، وأن هجر أي منهما هو هجرٌ للآخر، ثم إلى عظمة القرآن مشبّهاً ذلك بأن "عظمة كل كلام وكل كتاب إما بعظمة متكلّمه وكاتبه، وإما بعظمة مطالبه ومقاصده، وإما بعظمة نتائجه وثمراته، وإما بعظمة الرسول والواسطة، وإما بعظمة المرسل إليه وحامله وإما بعظمة حافظه وحارسه، وإما بعظمة شارحه ومبيّنه، وإما بعظمة وقت إرساله وكيفية إرساله". وبعد شرح هو غاية في الجمال لهذه المطالب ينتقل الإمام إلى كون القرآن الكريم هو "جوامع الكلم": "بل جامعيته عبارة عن أن القرآن نزل لجميع طبقات الإنسان في جميع أدوار العمر البشري، وهو رافعٌ لجميع حوائج هذا النوع. وحقيقة هذا النوع حيث أنها حقيقة جامعة وواحدة لتمام المنازل...". وأما في "شروط فهم القرآن" فأساسها تزكية النفس وتطهيرها، والخروج من حجاب النفس المظلم إضافة إلى الخروج من العجب بهذه النفس، وفي شمولية القرآن وسعة مائدته يقول الإمام رضوان اللَّه عليه: "إن بعض مسائله (القرآن) لا يتمكن من دركها سوى أولياء اللَّه تبارك وتعالى، ومن خلال التفسير الوارد عنهم، ويستفيد منه الناس بمقدار استعداداتهم، وثمّة مسائل يستفيد منها الفلاسفة والحكماء الإسلاميون، ومسائل يستفيد منها الفقهاء الكبار، وهذه المائدة عامّة للجميع، وكما أن هذه الطوائف تستفيد منه؛ فإن فيه أيضاً المسائل السياسية والاجتماعية والثقافية والعسكرية وغير العسكرية إذ أن جميعها موجودة في هذا الكتاب المقدّس".

* تفسير القرآن‏
في تفسير القرآن يبيّن الإمام الخميني قدس سره أن هناك علماء من الطراز الأول من العامّة والخاصّة قد ألّفوا على مدى التاريخ الإسلامي كتباً كثيرة في هذا الباب، ومساعيهم مشكورة بلا شك ولكن كل واحدٍ منهم لم يقم بأكثر من تفسير أحد وجوه القرآن الكريم وفقاً لتخصّصه، ويضيف الإمام أنه ليس من المعلوم أن ذلك التفسير كان بشكل كامل! وفي "صعوبة فهم باطن القرآن" يقول رضوان اللَّه عليه: "البعض ينظرون إلى بعده الظاهري، أو إلى بعده الاجتماعي أو إلى بعده السياسي، أو إلى بعده الفلسفي، أو إلى بعده العرفاني، بيد أن البعد الحقيقي بين العاشق والمعشوق، والسر الموجود بين الخالق والرسول الأكرم صلى الله عليه وآله لا يمكننا أن نفهمه نحن، وقد نقل عن الإمام الباقر عليه السلام قوله بأنه قادر على نشر جميع الأحكام والشرائع والحقائق من كلمة "صمد" فهنا سر موجود، طبعاً نحن أيضاً يمكننا فهم أصول المعارف من كلمة "صمد" لكن الإمام الباقر عليه السلام يقول أكثر من ذلك".

* الاستفادة من القرآن‏
"... وإنَّ إحدى الابتلاءات التي ابتلي بها الإسلام هي أنَّ هؤلاء الأشخاص أمثال المتكلمين وأكثر منهم الفلاسفة، وأكثر منهم العرفاء والصوفية أرادوا تفسير جميع الآيات الواردة في القرآن الكريم تفسيراً معنوياً... اهتموا بالباطن وغفلوا عن الظاهر، والآن فإن ابتلاء الإسلام أخذ منحىً آخر وهو أن شبابنا ومثقفينا وعلماءنا الذين تعلّموا العلوم المادية يحاولون تفسير جميع آيات القرآن والروايات تفسيراً طبيعياً وغفلوا عن المعنويات... وهاتان الطائفتان لم تفهما الإسلام بمعناه الحقيقي، فالإسلام لا يدعو إلى المعنويات فقط، ولا يدعو إلى الماديات فقط". هذا ما أورده الإمام تحت عنوان: "في بيان مقاصد الكتاب الشريف ومطالبه" يقول قدس سره: "... هذا الكتاب هو كتاب الدعوة إلى الحق والسعادة وبيان كيفية الوصول إلى هذا المقام ومحتوياته إجمالاً... وعلى نحو كلّي أحد مقاصده المهمّة: الدعوة إلى معرفة اللَّه، وبيان المعارف الإلهية من الشؤون الذاتية والأسمائية والصفاتية والأفعالية، والأكثر من هذا، المقصود هو توحيد الذات والأسماء والأفعال، التي ذكر بعضها بالصراحة، وبعضها بالإشارة المستقصية". ثم يضع الإمام إصبعه على الجرح لناحية عدم فهم وجه الاستفادة من القرآن الكريم لكونه كتاب هداية واهتداء إلى عالم الغيب وحيثية الهداية إلى طريق السعادة وسلوك طريق المعرفة الإنسانية. وليس من المطلوب إذاً النظر إلى النواحي البلاغية والأدبية والنحو والصرف فقط ونحوها، فهذه الأمور وكما يقول الإمام تكون موجبة للاحتجاب عن القرآن والغفلة عن الذكر الإلهي إذا ما اقتصر فهمنا عليها.

* موانع الاستفادة
هناك آداب مهمة يشير إليها الإمام رضوان اللَّه عليه ويعبّر عنها بالحجب بين المستفيد والقرآن وهي كثيرة حيث يشير إلى بعضها وأهمها:
- حجاب رؤية النفس فيرى المتعلم نفسه بواسطة هذا الحجاب مستغنية وغير محتاجة للاستفادة!
- حجاب الآراء الفاسدة والمسالك والمذاهب الباطلة.
- حجاب الاعتقاد بأنه ليس لأحد حق الاستفادة من القرآن إلا بما كتبه المفسّرون أو فهموه!
- حجاب المعاصي والكدورات الحاصلة من الطغيان والعصيان.
- حجاب حبّ الدنيا، فيصرف القلب بواسطته تمام همتّه في الدنيا.
... وهنا لا بدَّ من الإشارة إلى القارئ الكريم لضرورة العودة إلى تفاصيل كلام الإمام في هذا المجال ضمن الكتاب محل قراءتنا، وضرورة الاستعانة بآراء بعض العلماء فيما قد يشتبه فيه أي واحد من قرّائنا الأعزاء من هذه المطالب الدقيقة والتي تحتاج لفهمٍ شفّاف دون مبالغة.

* آداب التلاوة
ضمن آداب قراءة القرآن يتحدث الإمام عن أهمّية التفكّر فيتحسّس القارئ للقرآن من آياته الشريفة المقصد والمقصود، ثم يتحدث عن التطبيق لناحية تطبيق مفاد الآية، ويتحدث عن فضل تلاوة القرآن ويذكر أحاديث في ذلك والتدبر فيه، ثم يؤكد أن العبادة تؤثر في الشباب لأن قلب الفتى لطيف وبسيط وذو نقاء وصفاء أكثر، وأن وارداته قليلة، وتضارب الأفكار وتهافتها فيه قليل. فيكون شديد الانفعال والتأثر وسريع التقبّل. ويعود الحديث إلى آداب التلاوة بما فيه ارتسام صورة القرآن في القلب، وتأثير الأوامر والنواهي فيه وتثبيت الأحكام والتعاليم الإلهية، وينتقل للحديث عن الإخلاص في القراءة كونه واحداً من الآداب اللازمة في قراءة القرآن، ومن دونه لا يكون هناك أي أهمّية لهذه القراءة، ثم يتعرض إلى معنى الترتيل كونه أدباً على القارئ مراعاته، وينتهي الكتاب بما يوصي به الإمام بالإنس بالقرآن وتحقيق وتعريف أبعاده المختلفة.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع