صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص

شهيد الدفاع عن المقدسات أكرم صادق حوراني (صادق)


نسرين إدريس قازان

اسم الأم: خديجة حوراني.
محل الولادة وتاريخها:
عين بعال 05/03/1984م.
رقم القيد:
218.
الوضع الاجتماعي:
عازب.
تاريخ الاستشهاد:
17/11/2013م.

ويظلُّ قلب العاشق يبحث عن طريق إلى معشوقه، بين سجدةٍ في محراب وتفكّرٍ في الحياة، وقصة رؤيا في حضرة الإمام الرضا عليه السلام. ألقى أكرمُ على مسمع عالمٍ جليل أمنيةً بأن يحظى بعمل يقرّبه إلى الله تعالى، فاستفاق وصوت العالم يرنّ في أذنه: "عليك بالصلاة على محمّدٍ وآل محمّد".
حَفظت روح أكرم الوصيّة ولازمت قلبه. لم يعرف من هو عالم الدين الذي زاره في الرؤيا إلى أن رأى وجه آية الله الشيخ محمد تقي بهجت، فعرفه.


* أكرم اسماً ونفساً
ابن قرية "عين بعال" الجنوبيّة، اختارت العائلة اسمه بالقرعة بناءً على طلب جدّه الذي جمع الأسماء المقترحة في أوراقٍ صغيرة، فكان الاسم المُستقى من صفة للنبيّ الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم. وللمرء من اسمه نصيب، فكان كريم النفس سخيّ الروح. رافق أكرم أباه منذ نعومة أظفاره واتّبعه كظلّه، وربّما كان هذا سبباً في وعيه لعدّة أمور من شؤون الحياة، فكان يفكّرُ كثيراً قبل أن يطلب شيئاً لنفسه خوفاً من إحراج والديه، وينتقي من الكلام جُمَلاً واضحة لا يحتاجان بعدها إلى تبرير أو إلى رفع حزن أو إلى وعد بأشياء لاحقة في حال الرفض أو الإيجاب. هذا الرضى الجميل وُسم به طوال عمره، لا بل وحمّله مسؤوليّة تجاه أهله وإخوته، فكان ابن الثانية عشرة يعمل في أيّام العطل مع والده، غير عابئ بتعب مهنةٍ ينقطُ منها عرق التعب والكدّ.

* صمود تمّوز
كان أكرم ابن بيئة متديّنة ومقاومة، ورث منها مداميك بناء شخصيّة متّزنة، واعية، ملتزمة مقاومة، فكان يرافق والده إلى المسجد، وهو مَن دفعه إلى الانخراط في صفوف التعبئة العامّة للمقاومة الإسلامية.
وبين عائلته قلّب صفحات لم تَشِ سطورها بأحداثٍ مميّزة؛ فهو طالب مجتهد مُلتزم مساعد لوالديْه، وكان العلم، كما أغلب الناس، طموح أهله، ولطالما ألقيا على مسامعه أنّه مسموح له القيام بكلّ ما يريد شرط أن لا يؤثّر ذلك على دراسته. ولكن في الثاني عشر من شهر تموز 2006م، تغيّر كل شيء في حياة أكرم، وقد رابط طوال الحرب في قريته، وصمد أهله أيضاً، فكانت أمّه تحضّر الخبز والطعام للمجاهدين كلّما تيسّر لها ذلك..

كانت الحرب مفصلاً نفسيّاً أكثر منها مفصلاً حياتيّاً، فأكرم كان قد أنهى السنة الدراسية الثانية في الجامعة عندما بدأت الحرب. ولكن عندما انتهت، لم يذهب الى الجامعة ليسجّل اسمه في السنة الثالثة، بل بادر إلى تسجيله ضمن لائحة المنتسبين للمقاومة الاسلامية، فهو كان قد خضع لدورات عسكرية قبل ذلك، ولكنّ وعده لوالده بنيل شهادة في هندسة الاتّصالات أخّره عن حسم مشروع حسمته الحرب في نفسه.

يومها أقبل إلى والده وأخبره بخياره، ووعده بأنّه لن يخذله بنيل شهادة الهندسة، فكلّ ما عليه هو نقل دراسته إلى المعهد الجامعيّ في جويّا، وأعطاه عهداً قاطعاً بأنّ خياره الجهاديّ لن يؤثّر على تحصيله العلميّ؛ لأنّ شهادته وعلمه يجب أن يسخّرهما في خدمة العمل المقاوم.

* لا أعمل مجاهداً، بل أجاهد
مجاهدٌ كُتبتْ إنجازاته بالتميّز. فالمثابرة على تطوير العمل كانت شغله الشاغل. وقد عرف من العمل أنّ الأهمّ فيه التنفيذ على أكمل وجه، من دون التفكير بما يناله من تعب أو جهد أو سَهر أو سَفر..

حينما كانت والدته تطلب إليه أن يستريح من الركض الدائم بين العمل والدراسة، كان يستغرب قولها، فعمله في المقاومة ليس وظيفة يحدّدها بالساعات، فكان يردّ قائلاً: عملي ساحة جهاد في سبيل الله، فأنا لا أعمل مجاهداً في سبيل الله، بل أجاهد في سبيل الله..

بالصدفة كان يعرفُ أهل أكرم مساعدته للناس، فما كان يتصدّق به بيده اليمنى كان يخفيه عن اليسرى، ناهيك عن مساعدته الدائمة لرفاقه المجاهدين. ذات مرّة قصدتْ إحدى الجارات والدة أكرم وسألت عنه وقد بدت قلقة عليه. وكان أكرم في عمله، فلمّا أصرّت عليها الأمّ بأن تقول ما لديها، أخبرتها أن أكرم يؤمّن لها شهرياً دواءها الدائم وقد نفد من عندها، وليس من عادته أن يؤخّره عنها، فقلقت وخافت عليه من أن يكون قد أصابه مكروه. وفور عودة أكرم من عمله لام نفسه كثيراً على هذا التقصير، واعتذر إليها كثيراً.

* شهادة جامعيّة لأجل المقاومة
لم يقصّر أكرم في تحصيله العلميّ على الرغم من انشغاله الدائم وكثرة غيابه عن الجامعة، ولكنّه حقّق حلم والده ونال الشهادة التي قال إنّها من أجل المقاومة، ولو لم تكن نيّته نيلها لأنّها في سبيل الله، لما وُفّق إليها. كان أكرم يهتمّ كثيراً بالأطفال، وكثيراً ما كان يوصي الجيران بالاهتمام بأسلوب تربية أولادهم؛ لأنّهم جيل المستقبل الذي سيحفظ نصر وإنجازات الجيل الذي سلف.

على الرغم من جديّته العالية في العمل، إلّا أنّ روح الفكاهة التي تميَّز بها منذ صغره لازمته حتّى كبُر، وتنقّلت معه من البيت إلى معسكرات التدريب وخنادق الجهاد. وفي أحد المعسكرات قام بعملٍ أضحك الحاضرين منهم مُدرّب صارم معروف بالجديّة، فضحك كما المتدرّبون، ولكنه أصرّ على معاقبة أكرم لفعلته، فالتزم أكرم برحابة صدر وتقبّل الأمر، لكنّ مدرباً آخرَ لفته ذكاء أكرم الممزوج بروحيّة معنويّة متميّزة ومهارة لافتة فكتب اسم "صادق" على إحدى الشاحنات تعبيراً عن حبّه له.

* تفرح يوم تلقى أهلَ البيت
مع بداية الحرب في سوريا، عمد أكرم إلى شرح أهميّة هذا القتال وخطورة العدوّ التكفيريّ، وأنّ المقاومة لن تغفل بموازاة هذه الحرب عن العدوّ الصهيونيّ، بل هي يقظة حاضرة لأيّ لحظة غدر. وقد وفّقه الله للمشاركة في تحرير القُصَير ومطار الضّبعة في سوريا حيث التقط له رفاقه العديد من الصور..

في العاشر من المحرم، شارك أكرم في المسيرة العاشورائية. بدأ بعدها بتجهيز أغراضه لينطلق في اليوم التالي في مهمّة جهادية؛ مهمّة عاد منها شهيداً، وقد كتب إلى والده: والدي الحنون المجاهد، أعلم أنّك كنت تطمح لأن أحصل على شهادة جامعية، ولكنّي أعدك أنّي سآتيك بشهادة تُفرح قلبك وتُثلج صدرك يوم تلقى أهل البيت عليهم السلام.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع