مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص مجتمع | "الأمّ بتلمّ" مناسبة | من رُزق الرسول صلى الله عليه وآله وسلم حُبّها أذكار | شهر رمضان المبارك آخر الكلام | الأوراق المغلّفة الافتتاحية | ما أفضل أعمال شهر رمضان؟ القرآنُ مشروع حياة

أوّل الكلام: بدرُ سامرّاء

الشيخ بسّام محمّد حسين
 

ممّا وُصف به النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة عليهم السلام أنّهم أنوار الله في خلقه. وحيث إنّ النور مضافاً إلى كونه مضيئاً في أصل ذاته، فإنّه يضيء للآخرين طريقهم، فقد أُعطوا عليهم السلام هذا الوصف لكونهم هداة في أنفسهم، ويضيئون درب الهداية لغيرهم.

وفي هذا السياق، ورد في بعض الروايات وصف الإمام العسكريّ عليه السلام بذلك: كما عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، أنّه قال: "... وأنّ الله تبارك وتعالى ركّب في صلبه (يعني الإمام عليّاً الهادي عليه السلام) نطفة، وسمّاها عنده الحسن، فجعله نوراً في بلاده، وخليفة في أرضه، وعزّاً لأُمّة جدّه، وهادياً لشيعته..."(1)، كما كان من ألقابه: النور، والسراج، والمضيء(2).

إنّ هذا النور كان ظاهراً على محيّاه، ويسعى بين يديه؛ فحين رآه سعد بن عبد الله القمّيّ، قال: "فما شبّهت وجه مولانا أبي محمّد عليه السلام حين غشينا نور وجهه إلّا ببدر، قد استوفى من لياليه أربعاً بعد عشر"(3).

هذا النور في إمامنا العسكريّ عليه السلام كان له ميزة، وهي التمهيد والهداية لصاحب العصر والزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف، فعن أبي جعفر محمّد بن عليّ الرضا عليهما السلام أنّه قال: "إذا مات ابني عليّ بدا سراج بعده، ثمّ خفي، فويل للمرتاب، وطوبى للغريب الفارّ بدينه..."(4).

وإذا أخذنا بالاعتبار أنّ الإمام العسكريّ عليه السلام قاسى من الإقامة الجبريّة، التي فرضتها السلطة العباسيّة عليه، والتي كانت تخشى من ولادة ولده الإمام المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف المنفّذ لمشروع العدالة الإلهيّة التي ستطيح بظلمهم ودولتهم الجائرة، حتّى إنّ مدينة سامرّاء التي نُقل إليها مع والده الإمام الهادي عليه السلام كانت مدينة عسكريّة انتقل إليها المعتصم بعسكره، ما يعني أنّ الإجراءات التي قامت بها هذه الدولة توازي بالمصطلح الحديث "حالة طوارئ" نفّذتها أمام حدث كبير يهدّد وجودها، وحالة استنفار قصوى لخطر عظيم يدهمها.

إذا أخذنا هذا وغيره بالاعتبار، نعرف صعوبة أحد أهمّ الأدوار الإلهيّة التي كانت ملقاة على كاهل هذا الإمام العظيم، وهو التعريف بإمامٍ يأتي من بعده يملؤها قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً، ولقبه القائم عجل الله تعالى فرجه الشريف، الذي يحمل دلالات واضحة في مواجهة السلطة، وهو ما استطاع الإمام عجل الله تعالى فرجه الشريف إيصاله إلى أطراف البلاد الإسلاميّة، ما أفشل كلّ مخطّطات أولئك الظالمين، وأضاء نور هدايته ظلمات الأرض في مشارقها ومغاربها.

ولهذا وغيره، لم تمهله تلك السلطة الجائرة طويلاً، إذ لم يتجاوز التسعة والعشرين ربيعاً من عمره الشريف، حتّى دسّت إليه السمّ وقضى شهيداً غريباً مظلوماً، فسلامٌ عليه يوم وُلد، ويوم استشهد، ويوم يُبعث حيّاً.

1.عيون أخبار الرضا عليه السلام، الصدوق، ج1، ص59، ح29.
2.موسوعة الإمام العسكري، ج1، ص35.
3.إكمال الدين وتمام النعمة، الصدوق، ص40.
4.موسوعة الإمام العسكري، ج1، ص168.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع