نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

أدب الأنبياء: نبي الله لوط عليه السلام

 ﴿وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَت تَّعْمَلُ الْخَبَائِثَ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَاسِقِينَ *  وَأَدْخَلْنَاهُ فِي رَحْمَتِنَا إِنَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ [الأنبياء/74-75].
وصف الله تبارك وتعالى نبيّه لوطاً بالصلاح، بعد أن ذكر ما خصّه به من الحكمة والعلم، لذا أصبح أهلاً للدخول في الرحمة الإلهية.
وهذا النبي المهاجر إلى الله تعالى كأخوته الأنبياء يتوجه إلى قومه بالدعوة لعبادة الواحد القهار يرافقه اطمئنان بالغ وثقة كبيرة وتوكل مطلق كما رافق ذلك الأنبياء العالمين بالله تعالى. فقال:  ﴿كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ  *  إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ* إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ  *  فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ  *  وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ  [الشعراء/160-164].
المراد بالأخ هنا، الأخ النسيب والاستفهام (ألا تتقون) للتوبيخ.

وهو رسول الله تعالى إلى قومه أمين على ما حمّله من الرسالة (إنّي لكم رسول أمين) لا أبلغكم إلاّ ما أمرني به ربي وأراده منكم، لذا فرع عليه قوله (فاتقوا الله وأطيعون) فهو يأمرهم بطاعته لأنّ طاعته طاعة الله جلّ وعلا (وما أسألكم عليه من أجر إن أجري إلاّ على ربّ العالمين) النفي نفي للطمع الدنيوي وهو نفي سؤاله الأجر فيظهر بذلك أنّه ناصح لهم في ما يدعوهم إليه، لا يخونهم ولا يغشهم فعليهم أن يطيعوه في ما يأمرهم، ولذا أردف بقوله: (فاتقوا الله وأطيعون).
أما العدول في قوله: (إن أجري إلاّ على رب العالمين) عن اسم الجلالة إلى (رب العالمين) فللدلالة على صريح التوحيد، لأنّ قوم لوط عليه السلام كانوا يرون الله تعالى من عالم الآلهة وكانوا يرون لكل عالم إله آخر يعبدونه من دون الله فجاء قوله أنّه رب للعالمين جميعاً تصريح بتوحيد العبادة ونفي الآلهة من دون الله مطلقاً. (فاتقوا الله وأطيعون) تكرار يفيد أنّ كلاً من الأمانة، وعدم سؤال الأجر سبب مستقل في وجوب طاعته عليهم.
(بل أنتم قوم عادون) متجاوزون خارجون عن الحدّ الذي خطته لكم الفطرة والخلقة.
بعد ذلك قال: (قال إنّي لعملكم من القالين) من المبغضين – وقد قابل تهديدهم له بالنفي وبهذا الأسلوب من غير تعرض للجواب مما يدلّ على أنّه لا يخاف الخروج من القرية التي كانت تعمل الخبائث وكأنه يقول: لا أكترث بتهديدكم بل إنّي مبغض لعملكم راغب في النجاة من وبإلهٍ النازل بكم لا محالة. ولذا أتبعه بقوله: (ربّ نجني وأهلي مما يعملون) كما توجه أبوه آدم وأخواه نوح وإبراهيم (ربّ)| نجني من أصل عملهم الذي يأتون به بمرأى ومسمع منى فإني منزجر منه ومن وباله ومن العذاب الذي سيتبعه لا محالة.

ولم يذكر بدعائه هذا إلاّ نفسه وأهله لأنّه لا يؤمن من أهل قريته أحد فقد قال تعالى: ﴿فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِّنَ الْمُسْلِمِين َ  [الذاريات/36].
وقد توجه إلى الله توجه المستنصر له الواثق من إجابته داعياً بقوله:  ﴿قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ [العنكبوت/30].
هذا قوله عليه السلام بعد أن جادله قومه وطلبوا إنزال العذاب الذي يخوفهم به:  ﴿أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنكَرَ فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَن قَالُوا ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ  فأجاب بهذه الآية المباركة.

وهو في دعائه هذا يعود إلى ربّه في طلب النصر فيقول: (ربّ) كما في الآية السابقة بما تدل من إيكال أمر التدبير والنصر الحقيقي وذلك بما تقتضيه الحمية الإلهية من عذاب أو رحمة لذا أرجع الأمر كله إلى الرب المدبر لشؤون العباد في ما هو فاعله بهم، وقد طلب النجاة منهم ومن تبعات أعمالهم وفسادهم الذي نتيجته العذاب في الدنيا والخزي في الآخرة.
فهل تركه الله تعالى؟ أم هل وكله إلى قومه؟
حاشى وكلا! لق جزه الله الحنّان المنّان، بما شكر، نعمة النجاة هو وأهله إذ استجاب دعاءه فقال عزّ من قائل:  ﴿إِنَّا أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ حَاصِبًا إِلَّا آلَ لُوطٍ نَّجَّيْنَاهُم بِسَحَرٍ * نِعْمَةً مِّنْ عِندِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَن شَكَر [القمر/34-35].
وهل جزاء الشكر إلاّ النجاة من العذاب ومن الخزي في الدنيا والخزي في الآخرة؟!
ثمّ ما هو جزاء من هاجر إلى ربّه إلاّ النصر في الدنيا وفي الآخرة المكان اللائق بمقام القريب من الله تعالى. قال تعالى: ﴿فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [العنكبوت/26].
هجر الفساد والقوم المفسدين إلى الطاعة ومع المطيعين العابدين مع إبراهيم وأهله ليكون عزيزاً بطاعة الله تعالى قريباً منه مجيباً لندائه فالله تعالى هو (العزيز الحكيم).
اللهم اجعلنا مهاجرين إليك وإلى طاعتك هاجرين معاصيك ومحال سخطك مقيمين بالقرب منك لنكون محلاً لرضوانك أهلاً لرحمتك وغفرانك.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع