نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

نبذة من الآداب الباطنية لإزالة النجاسة

ع.ن.



"فاعلم أن إزالة الحدث.. هي في، الخروج من الإنية والأنانية والفناء عن النفس، بل هي الخروج من بيت النفس كلياً" الإمام الخميني قدس سره.
إنّ إدراك أسرار الشريعة والوصول إلى مقاصدها لا يحصل إلاّ برعاية أحكامها الباطنية. وإنّ رعاية الأحكام الباطنية إنّما تحصل من خلال الاهتمام بظاهر الشريعة. فالظاهر هو الطريق الوحيد للوصول إلى الباطن. وكيفيته تُعلم من خلال الأخذ عن فقيه جامع للشروط في عصر الغيبة. وحيث أنّ المقصد الأسمى للشريعة هو عبور الباطن للوصول إلى الحقيقة فإنّ الظاهر لا ينبغي أن يكون مانعاً وسداً. وهذا مما لا يمكن اجتنابه إلاّ إذا كان الظاهر والباطن متحدين معاً في مصدر التشريع.

وربما لا يرى البعض بأساً في انفكاكهما في شخصية الفقيه – دون المعصوم – لأنّ المجتهد ليس له إلاّ دور الكشف عن الحكم الظاهري في النظر الأعم الأغلب. وهذا الرأي وأن كان لا يخلو من وجه إلاّ أنّه يدون مدار الاضطرار، بينما الدعوة هنا إلى النظام الأحسن الذي لا شكّ في وجوده في دين الإسلام. بل الإسلام مبني على شرح النظام الأحسن التكويني والدعوة إلى النظام الأحسن التشريعي.
وبحمد الله تعالى منّ علينا برجل من سلالة النبيين والأئمة المعصومين (عليهم أفضل الصلاة والتسليم) يدعونا إلى النظام الأحسن التشريعي بعد أن بيّن لنا النظام الأجمل التكويني. هذا العبد الصالح هو روح الله الخميني الذي بدا مسيرة بيانه "بمصباح الهداية" واختتمها بتحرير الوسيلة وأدغم البيانين معاً في الثورة الكبرى تنزلت معارفه كجده رسول الله من السر والباطن إلى الظاهر عنده كشفاً محمدياً أصيلاً.

فالحدث عنده في الحقيقة هو الإنية التي هي عبارة عن رؤية وجود النفس مقابل وجود الله تعالى وينشأ من هذه الرؤية حب النفس المعبر عنه بالأنانية. هذا، وإن كان التطهير يبدأ عادةً من الأنانية.
لذلك، فإنّ التطهير من الحدث في كلام الإمام هو التطهير من الحدوث ثم ّ الفناء في بحر القدم. ولا قديم بالذات إلاّ الله جلت آلاؤه. "وما دام في العبد بقايا من نفسه – وإن كانت خيراً – فهو محدث بالحدث الأكبر". هذا الحدث الكبر يعبّر عن بقاء شرك في النفس، فلا يكون القلب معه سليماً، لأنّ العابد والمعبود فيه هما الشيطان والنفس. فهذه البقايا قد تكون طلب الحظوظ المعنوية أو الوصول إلى المقامات وحصول المعارج والمدارج. وكلها ترجع إلى عبادة النفس واتباع الهوى. ولا يكون السير والسلوك هنا صحيحاً بل موؤوفاً (من الآفة). وكأن هذا السلوك سفر داخلٌ بيت النفس وليس سفراً إلى الله تعالى".
وقد أشار الإمام بعد هذا التحذير إلى بعض ثمرات هذا التطهير الذي يكون كماله بالخروج من الكثرة الأسمائية وحصول نتائج قرب النوافل وهي "كنت سمعه وبصره ولسانه ويده..."
شرح تفصيلي:
يقول الإمام قدس سره: "فالحدث من القذارات المعنوية وتطهيره أيضاً من الأمور الغيبية الباطنية وهو نور. لكن الوضوء نور محدود والغسل نور مطلق وفي الحديث "وأي وضوء أنفى من الغسل".
فعن أسرار تشريع الوضوء معرفة آداب الحضور في محضر الحق... لأنّ السالك لا يمكن أن يتطرّق إلى محضر الحق مع رجس الشيطان ورجس هذا الخبيث.
هذه الأرجاس هي أمهات الرذائل الأخلاقية التي هي أصل فساد المدينة الإنسانية الفاضلة ومنشأ الخطايا الظاهرية والباطنية.
ولنا في الشيطان عبرة كبرى، إذا كان – كما يذكر الإمام – مجاوراً لعالم القد ويعدّ في سلك الكروبيين، ولكنه أخرج من مقام المقربين بسبب تلك الملكات الخبيثة. فكيف بنا نحن البعيدين عن قافلة عالم الغيب، القابعين في بئر الطبيعة العميقة مع تلك الملكات الشيطانية الخبيثة، هل نليق لمحضر القدس ومجاورة الروحانيين والمقرّبين!!
فإذا كان أحدنا مهتماً برفع الحدث الظاهري حتى يصحّ له الحضور البدني في الصلاة فليلتفت إلى حقيقة الحضور وسبب المطرودية وليهتم برفع الحدث المعنوي الذي هو رجس الشيطان حتّى يليق أن يُدعى إلى محضر الحق سبحانه.
إنّ سبب سقوط إبليس هو تكبره حيث رأى نفسه النارية أفضل من ترابية آدم، ولم يرَ حسن آدم وكمال روحانيته. ونحن، ما أكثر ما نقع في مثل هذا القياس الإبليسي الذي سبّب شقاء الشيطان وخروجه من جوار الرحمة، إنّ حبّ النفس هو منشأ هذه الرؤية بحيث صار حجاباً أمام رؤية نقصه ومشاهدة عيوبه.

* يقول الإمام قدس سره:
"فاللازم للسالك إلى الله أن يطهّر نفسه من أمهات الرذائل والأرجاس الباطنية الشيطانية عند تطهير الأرجاس الصورية، وأن يغسل المدينة الفاضلة بماء رحمة الحق والارتياض الشرعي"..
وهكذا يبين لنا الإمام بعض أسرار الشريعة وطريقتها في التخلص من الأرجاس الباطنية. فالطهارة الظاهرية مقدمة للطهارة الباطنية وهي الطريق الإلهي كما يقول (سلام الله عليه): "لأنّ تطهير الظاهر مقدّمة لطهارة المرتبة الأعلى. والمقصد الأعلى هو الطهارة الكاملة بمعنى ترك غير الحق، لأنّه ما دام في السالك بقية باقية من الأنانية فلن يتجلّى الحق على سرّه.
وفي نهاية هذا الكلام نشير إلى بشارة يذكرها الإمام حول حصول الطهارة الكاملة. فمن الممكن أن تحصل بمقتضى سبق الرحمة وغلبة الجهة التي يعبرون عنها بأنها "يلي اللهي"، بحيث تغلب عليه الجذبة الربوبية فتحرق كلّ أكوام الأنانية دفعة واحدة. وهذه الجذبة هي التي تختصر سفر الإنسان وتجعل سلوكه مظهراً لها لا مقدمة إليها ويسمى صاحبها بالمجذوب السالك.
إنّ مثل هذه الجذبة التي يبحث عنها العارفون تقطع عناء السفر ومراحله دفعة واحدة.


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع