نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

علوم: الكون


يا له من منظر رائع، منظر السماء المزروعة بالنجوم! وكم يزداد روعةً عندما نرصده من على تلة في إحدى الليالي المقمرة، فإذا تأملنا قبة السماء بواسطة منظار أو راصدة، يخيل إلينا أننا على حدود الكون أو أنه بإمكاننا اكتشاف كل ما في الوجود. لكنه وهم، لأن أكبر الراصدات الجوية لا تساعدنا إلا على استكشاف "نقطة" ضئيلة من فضاء الكون الفسيح.

* السدائم ومجموعات الأجرام:
من "ضيوف" القبة الزرقاء، نعرف جيداً القمر الذي هو كوكب تابع للأرض، والشمس ذاك الكوكب الأصفر الذي تدور في فلكه تسعة كواكب (منها الأرض والمريخ والزهرة، إلخ..) وتوابعها. ونعلم أيضاً أن وراء النظام الشمسي مليارات النجوم تلمع في رحاب السماء. ولا يزال الواقع أبعد عن التصور بكثير: اكتشف علماء الفلك أنّ بعضاً من النقط البرّاقة التي لا تحصى في كبد السماء ليست نجوماً بسيطة، بل كتلٌ ضخمة من النجوم وتبدو صغيرة لطول المسافة التي تفصلنا عنها، وسنتوسع بمجموعات الأجرام هذه (السدائم ومجموعات المجرات). أمّا ما يسمّونه "الثقوب السوداء" والينايع اللاسلكية التي تختلف في النجوم عنها في كوكبنا، فقد ورد الكلام عنها في بحث "أسرار الكون" (ونذكّر هنا أنّ النجمة هي كتلة غازية متأججة كالشمس).

* M42 نقطة صغيرة:
M42 أو NGC 1976، رمزان مختلفان لكوكبة أوريون، أنها نقطة نيّرة يلزمنا الكثير من الصبر وشيء من الحظ لنستطيع رؤيتها ما بين شهري نيسان "إبريل" وتشرين الثاني "نوفمبر". نقطة برّاقة ولن بالمنظار نرى ûîM42 بشكل سبيخة أو ندفه صغيرة ملوّنة. وإذا راقبنا هذه "السبيخة" بواسطة منظار الراصدة الفلكية المكبّر نرى غيمة صغيرة؛ ما يجعلنا نجزم أن أوريون M42 أحد السدائم السماوية!

* مصنع للنجوم:
ما هو السديم؟ أنه كتلة هائلة من الغاز والغبائر التي يختلط بها الهيدروجين والأوكسيجين والآزوت والهليوم والكربون والحديد والكبريت والكلسيوم والبوتاسيوم.. والسديم M42 قليل الكثافة وواسع الانتشار.
(هوائي قطعي مكافىء لراصدة لاسلكية موجودة في أوستراليا. صمّمت هذه الراصدة لأبحاث الفلك اللاسلكية، إذ يلتقط الهوائي فيها الموجات التي تبثها الينابيع اللاسلكية السماوية).
من عناصره يمكن أن تتكوّن آلاف النجوم التي تضاهي الشمس، وملايين الكواكب ومليارات النيازك. وحتى نكوّن فكرة عن أبعاد امتداد هذا السديم، علينا بتصور 80000 نظام شمسي مصفوفة على خط مستقيم!
إذا كنا نرى السديم M42‚ فذلك لأنه يضم نجوماً شديدة التأجج والتألّق. وبفضل الأبحاث الفلكية العصرية، بتنا نعلم أن نجومه حديثة التكوين.. أي أن عمرها بضعة ملايين من السنين. علماً بأن بعض النجوم هي في طور التكوين ولم "تولد" بعد: ويوجد داخل السديم M42 نواة عديدة تتكثّف عليها الغازات والغبار فتتكاثف شيئاً فشيئاً. وكذلك تتطور أكثرية السدم وكأنها مصانع تنتج النجوم.

* هناك حيث ملايين الشموس والضوء الأزلي:
اكتشف علماء الفلك في كوكبة الجاثي نقطة عجيبة، يُشار إليها بالاصطلاح M13 في الفهرس عينه الذي يشير إلى سديم أوريون بالرمز M42 يمكن استخلاص ملاحظات دقيقة وهامة لهذه النقطة النيّرة التي لا تشير إلى نجمة عادية (التقاط المشهد الأخير منها بواسطة راصدة كبيرة). وهي ليست سديماً، بل هي في الواقع ناحية كونية سحيقة؛ نجومها متقاربة لدرجة نخالها تؤلف كتلة واحدة ضخمة.. لذلك سُمِّيت "كتلة من النجوم" أو "كتلة كروية". وتفيد حسابات الفلكيين أن المجموعة M13 تضم عشرات الآلاف من النجوم في حيّز ضئيل من الفضاء. فالمسافة التي تفصل بين النجوم وسط ذاك التجمع لا تزيد عن سنة ضوئية واحدة (سنة ضوئية: 9461 مليار كلم)، بينما تزيد عن 10 أضعاف المسافة بين سائر النجوم. ولكي نكوّن فكرة أوضح عن تقارب تلك المجموعة، فلنتخيّل أننا موجودون على كوكب في وسط كتلة M13¤ ففي الليل، بعد غياب الشمس، يصل إلينا ذات المقدار من نور النجوم كما لو كنا على الأرض وقت الفجر.

* مجرّتنا وسائر المجرّات:
إن النظام الشمسي وأكثرية النجوم المرئية لا تؤلف سوى جزء من المجموعة الهائلة التي تسمى المجرة. ولا شك في أننا لاحظنا مرة في السماء
(كوكبة الجاثي بالعين المجردة ثم بالمنظار العادي والمنظار الفلكي والراصدة الكبيرة).
شريطاً عريضاً من النجوم، يشبه حجاباً سمّاه القدماء "المجرة". هذه الكتلة الكونية الهائلة تعطينا فكرة عن شكل المجرة: إذا نظرنا إلى وجهها الجانبي، رأيناها على شكل عدسة منتفخة حول مركزها (حيث تتجاوز النجوم)، والنظام الشمسي في داخلها وقرب حدودها وهكذا نفهم لماذا نرى المجرة من على الأرض بشكل "شريط" من النجوم.

* المجرّة: خذروف (بلبل) يدور على ذاته:
لو استطعنا أن ننظر إليها من فوق لظهرت لنا بشكل حلزوني في دوران، وذات ذراعين تلتفّان حول النواة المركزية (علماً بأن الشمس موجودة على إحدى الذراعين والتي تسمى ذراع أوريون). يبلغ قطر هذا "الخذروف" الجبار 100000 سنة ضوئية! فنتصوّر المجرّة بحجم مصغّر (مليارات المرات) على مقياس كوكبنا، حيث أن الشمس تصبح نقطة ضحلة لا تراها العين المجرّدة، وكذلك الأرض التي تتحرك على مدار يناهز محيطه الثلاثة مليمترات!

* "قلب" عالمنا النابض:
لقد أحصى علماء الفلك في مجرّتنا نحو 100 مليار نجمة تتقلص مسافاتها تدريجياً كلما اقتربنا من نواتها المركزية. هذه النواة لا نستطيع رؤيتها من الأرض وإن استعملنا أضخم راصدة فلكية لأنها محجوبة وراء غيوم كثيفة هائلة من الغبائر.. ولكن بفضل الموجات الكهرطيسية التي تبثها تلك النواة، استطاع العلماء اكتشاف بعض خصائصها: كثافة النجوم فيها تزيد مليون ضعف كثافتها في منطقة الشمس، وتزيد فيها الطاقة الضوئية 100000 مرة! ثم إن هذه النواة شديدة الحرارة وتبث الأشعة المجهولة (ف). في قلب هذا الأتون المستعر يكمن بلا شك سر النظام والتطور في كوننا هذا..

* الكون الحقيقي:
هل هذه المجرّة العجيبة السحيقة الأبعاد هي الكون بعينة؟ بعض الفلكيين يسمونها "جزيرة عالمنا"، لأنها ليست سوى قطعة من الكون الحقيقي اللامتناهي. أجل، هناك وجود آخر ما بعد المجرّة: أجرام سماوية تبدو نجوماً صغيرة إذا نظرنا إليها بالعين المجرّدة أو بالمنظار العادي.. لكنها ليست نجوماً بسيطة ولا سدماً ولا كتلاً كروية. بل استطاع العلماء استجلاء شكلها بواسطة الراصدات الكبيرة: وجدوا أن المجموعة M31 مثلاً تشبه شكل مجرّتنا، أنها مجرّة أندروميد، من أقرب المجرات إلى عالمنا، مع غيمتي ماجلان. ربما هي أكبر بقليل من "المجرّة". كما اكتشفوا بعد ذلك آلاف المجرات من مختلف الأشكال والأحجام: منها ما هي مسطحة أو كروية، ومنها ما هي كبيرة أو صغيرة، منفردة أو أزواج أو مجموعات متفاوتة الأعداد. ويتألّف الكون بجملته من مجموع تلك المجرّات المنتشرة في الفضاء.

* مثل العلب الصينية:
هل توصل علم الفلك إذاً إلى استكشاف الفضاء حتى أقصى حدوده؟ يجيب الفلكي الإيطالي باولو ما في عن هذا السؤال بالنفي، وهو الذي كتب عن غيمتي ماجلان: "لو كانت غيمة ماجلان الكبيرة أقرب إلينا، أو تمكنا من رصدها كبيرة، لكنا نكتشف فيها العجائب. لكنه يصعب علينا والحالة هذه أن نكتشف ما هو أهم بكثير مما اكتشفنا حتى الآن: وهو أن الغيمتين هما مجرّتان شبيهتان بمجرتنا وأصغر منها بقليل، لكنهما كتلتان هائلتان تزنان بضعة مليارات المرات وزن الشمس؛ عناصرهما تتخذ شكل النجوم وسحب الغاز والغبائر، ومليارات الكواكب التي قد لا نراها قط، لكننا نؤكّد وجودها"، وجميعها متداخلة. ما وراء الأرض (التي كان الأقدمون يعتبرونها مركز الكون)، توجد كواكب أخرى كثيرة. وما وراء الشمس، تلمع شموس كثيرة هي النجوم. والآن، بعد آخر النجوم التي تدور في فلك المجرّة والتي تفصلها عنها مسافة 150000 سنة ضوئية، تظهر(إلى اليمين، المجرّ كما لو نظرنا إليها من فوق (انظر أعلى الصورة) وجانبياً (أسفل الصورة) بينما النظام الشمسي والنجوم والسدم مصوّرة في وسط "الخذروف"، والكتل الكروية المبعثرة حول القرص الهائل، ترتسم حوله على شكل هالة. يشار إلى وضع الشمس بعلامة في الرسم البياني، وهي خارج المجرّة.
مجرّتان جديدتان تضمّان ملايين الشموس ومليارات الكواكب...


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع