صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص

سلاح المشروع الإنساني في مواجهة جنون التكنولوجيا

إرادة الخير Good Will

موسى حسين صفوان‏


جنون التكنولوجيا، وعنجهية الاستكبار الذي لا يرى إلا بعين واحدة، بات واضحاً أنه يقود العالم إلى ما يمكن أن نسميه "ديكتاتورية الليبرالية"... والحقيقة أن المسميات تزدحم بعياء لتعبر عن حالةٍ قلّ‏َ أن شهد العالم لها نظيراً...

فالسيد الوحيد المتسلِّط يقود العالم اليوم من خلال سلسلة من العمليات العسكرية والسياسية إلى ما يطلقون عليه سياسة الأمر الواقع Fait accompli أو Accomplished fact policy، وذلك بهدف تحويل ذلك السيد المتعجرف، الذي يصعِّر خدّه للتاريخ والإنسانية، فيرى ما يشاء، وينكر ما يشاء، وتحويله إلى فرعون معاصر، لا يحتاج أن يبني له "هامان" صرحاً ليطَّلع إلى إله موسى، بل هو قد بنى لنفسه ذلك الصرح الذي يظن أنه قادر على أن يرفعه بما يكفي للهيمنة على الإنسان، ليصبح السيد المطلق، والآمر الناهي Absolute master، أو إذا شئت الدقة الديكتاتور المتلبس بلباس الليبرالية والعلمانية والحضارة المادية... بالمقابل... تُسارع مراكز النفوذ في العالم لتدارك ما ربما تشعر به من الخوف والقلق على مصيرها... فتعقد تارة الأحلاف الاقتصادية، وأحياناً الأحلاف السياسية، فمن مشروع وحدة اقتصادية وسياسية في أوروبا، إلى مشروع اتحادات اقتصادية في جنوب الكرة الأرضية أو في أقصى الشرق منها... كل ذلك في محاولة للحفاظ على إمكانية الحصول على حصَّة ما في ظل التمادي الاستكباري للسيد الذي بدأ مشروعه السلطوي للهيمنة على مقدرات الكرة الأرضية... فشلت الأقطاب الاقتصادية في التصدي لغول التكنولوجيا، كما فشلت الهيئات الدولية، وباتت مقرَّرات الأمم المتحدة أشبه بلعب الأطفال التي يضحك منها الكبار وهم يرمقون حركاتها بأطراف أبصارهم!!!

وبدا أن الساحة خالية من مواجهة فعلية على مستوى العالم، أو مواجهة فعّالة، سوى ما ظهر من أصوات من هنا وهناك تصرخ في فراغ... وهناك من خلف الستار مواجهة يراد لها أن تكون الوحيدة في ساحة الصراع ضد الوحش (الحضاري) الأميركي... والذي يطلقون عليها اسم (الإرهاب) ولغاية ما... يحاول هذا الاستكبار المغرور أن يلصق تهمة الإرهاب وبنسبة كبيرة بالقوى الإسلامية، والملاحظ، وهذه قضية يجب التحذير منها باستمرار وهي أن الأعمال الإرهابية تنسب لأصحابها إلا إذا قام بها عناصر من تنظيمات إسلامية فإنك سرعان ما تجد الجو الإعلامي العالمي ينسب ذلك إلى الإسلام، رغم أن ما يعانيه المسلمون من إرهاب الاستكبار سواء في فلسطين أو في العديد من بلدان الدنيا أضعاف ما تسببه عناصر لا يصح أن تحسب بحال على الإسلام!!!

والحق يقال أن ما يسميه الاستكبار الأميركي إرهاباً هو نتاج هذا الاستكبار وهو يستفيد منه في مشاريعه السلطوية، وهو في حالاتٍ كثيرة يستخدمه كذريعة لهذا الكائن الآلي ليسحق عناصر الحضارة في العديد من البلدان لمصلحة مشاريعه الشيطانية... ولم يبقَ إلا ثورات الشعوب المناضلة والمكافحة والشجاعة القائمة على مفاهيم تحررية واضحة، وقيم إنسانية نبيلة، تحاول أن ترسم للإنسان طريق خلاصة من خلال قوة الحجة، وفصاحة الحق الذي سوف يجد طريقه إلى القلوب والضمائر مهما كانت كثافة الحواجز البرغماتية والميكيافيلية والقارونية!!! وفي التاريخ نماذج لا تنسى لانتصار الدم على السيف، ففي كربلاء حيث استطاع يزيد أن يملك على عباد اللَّه الأرض، ويسفك أطهر دم عرفته الإنسانية، في حين استطاع الحسين عليه السلام أن يقيم عرشه في قلوب المؤمنين، ويبني مملكة الحق من خلال الإرادات الإنسانية التي استمرت تصنع الأبعاد الرسالية للإسلام على مدى عشرات القرون... وفي فيتنام استطاع كفاح الشعب أن يقهر عظمة التكنولوجيا ويخلِّف في الجيش المدجج بالحديد والنار ما لا يحصى من العقد والعلل التي لن تعفّى آثارها... وفي جنوب أفريقيا استطاع الكفاح المرير أن يحرر الإنسان المستعبد وكذلك الحال في أكثر من مكان من العالم... وليس ببعيد عنا صوت الإمام الخميني قدس سره الذي استطاع أن يتسلل إلى أصول القلوب، ويصنع الإرادات التي جعلت الشعب يرمي جيوش الشاه بالورد وجعلت من جيش الشاه جيشاً مكفوف اليد فاقد الحيلة إمام الإرادات الجماهيرية الصارخة... وبعد... هل ستتمكن إرادة الخير في الإنسان من مواجهة جنون التكنولوجيا الأميركية؟... سؤال لا بد من طرحه!...

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع