نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

نور روح اللَّه‏: كيف ينظر الإسلام إلى العلم؟


في الوقت الذي لم يكن في الغرب أي خير يذكر، وكان سكانه يعيشون في وحشية، وكانت أمريكا أرض الهنود الحمر، وكانت الإمبراطوريتان الإيرانية والرومانية محكومتين للاستبداد والتمييز، وتسلط أصحاب القدرة والأشراف، ولم يكن فيهما أثر من حكومة الناس والقانون؛ أرسل الله آنذاك تلك القوانين التي صدع بها النبي الأعظم محمد صلى الله عليه وآله والتي تحيّر بعظمتها الإنسان، وحدد لكل شي‏ء الآداب والقوانين؛ فمن قبل انعقاد النطفة وتكوّن الإنسان وإلى حين نزوله في حفرته، وضعت له قوانين خاصة. ورُسمت العلاقات الاجتماعية، ونظمت الحكومة، إلى جانب ما رسم من وظائف العبادات. والحقوق في الإسلام ذات مستوى راقٍ ومتكامل وشامل. إن تلك الكتب الكبيرة التي تم تدوينها ومنذ القديم في المجالات المختلفة للحقوق من أحكام القضاء والمعاملات والحدود والقصاص إلى العلاقات الدولية وأحكام الصلح والحرب والحقوق الدولية العامة والخاصة هي نبذة من أحكام وأنظمة الإسلام، فلا يوجد أي موضوع مهم لم يعط الإسلام حكماً حوله، ولم يضع له تكليفاً؟

* لتربية والتوحيد
يعيد الإسلام جميع المحسوسات وجميع العالم إلى مرتبة التوحيد؛ فتعليمات الإسلام ليست تعليمات طبيعية ولا تعليمات رياضية، ولا تعليمات طبية، إنها تشمل كل تلك، ولكنها مرتبطة بالتوحيد وقد أمسك بزمامها. فهو يعيد كل الطبيعة وجميع الظلال الظلمانية إلى ذلك المقام النوراني والذي ينتهي بمقام الألوهية. فليس ذاك المعنى الذي نبتغيه من العلوم الجامعية، والمعنى الذي نريده من علوم المدارس القديمة هو هذا المعنى الموجود الآن في السطح الظاهر، وإن لمفكرينا نفس هذا المستوى الظاهري وهو ذو قيمة كبيرة، بَيدَ أن الإسلام لا يريد هذا. إن ما يريده الإسلام هو أن ترتبط جميع العلوم سواء العلوم الطبيعية أو غير الطبيعية بالعلوم الإلهية، وتمسك بزمامها، وترجع إلى التوحيد. أي أن يكون لكل علم جانب إلهي. فيرى الإنسان الله عندما ينظر إلى الطبيعة، ويرى الله عندما ينظر إلى المادة، ويرى الله عندما ينظر إلى سائر الكائنات. فالإسلام جاء من أجل إعادة جميع الكائنات في الطبيعة إلى الألوهية، وجميع العلوم الطبيعية إلى العلم الإلهي. وهذا المعنى مطلوب من الجامعات أيضاً؛ نعم لا بد من وجود الطب، ووجود العلوم الطبيعية، والعلاج البدني، إلا أن المهم هو مركز الثقل والذي هو التوحيد. يجب أن تعود جميع هذه الأمور إلى جهة الألوهية... فالإسلام يستهدف في كل شي‏ء ذلك الهدف الأسمى؛ فهو لا ينظر إلى الموجودات الطبيعية إلا من خلال النظر إلى المعنويات، وبتلك المرتبة العالية، فلو نظر إلى الطبيعة فإنه ينظر إليها على أنها صورة عن الألوهية، وأنها موجة من عالم الغيب. ولو نظر إلى الإنسان، فإنه ينظر إليه بعنوان أنه كائن يمكنه أن يكون كائناً إلهياً.

* العلوم: طبيعية وإلهية
لا ينظر الإسلام إلى العلوم الطبيعية نظرة مستقلة، فمهما تبلغ مرحلة العلوم الطبيعية جميعاً، فإنها ليست ذلك الشي‏ء الذي يريده الإسلام. فالإسلام يكبح جماح الطبيعة من أجل الواقعية، ويأخذ الجميع نحو الوحدة والتوحيد. إن جميع العلوم التي تذكرونها، وتثنون بسببها على الجامعات الأجنبية، وتستحق الثناء فعلاً، فإنها تمثل ورقة واحدة من العالم، وهي الورقة الأدنى من جميع الأوراق. فالعالم، من مبدأ الخير المطلق وحتى نهايته، عبارة عن كائن تشكل فيه طبيعته موجوداً متدنياً جداً، وجميع العلوم الطبيعية متدنية جداً أمام العلوم الإلهية، كما أن جميع الموجودات الطبيعية متدنية جداً أمام الموجودات الإلهية.

إن الفرق بين الإسلام وسائر المدارس ولا أقصد المدارس التوحيدية فالفرق بين المدارس التوحيدية، والتي أعظمها الإسلام، وبين بقية المدارس هو أن الإسلام يطلب في نفس هذه الطبيعة معنى آخر، فهو يريد في هذا الطب معنى آخر، ويقصد من هذه الهندسة معنى آخر، ويطلب في علم الفلك هذا معنى آخر. وإن الذي يقرأ القرآن الكريم يشاهد هذا المعنى، وهو أن المطروح في القرآن من جميع العلوم الطبيعية هو جانبها المعنوي، وليس جنبتها الطبيعية؛ فالتعقل الوارد في القرآن والأمر بالتعقل هو أمر ينقل المحسوس إلى عالم التعقل، وعالم التعقل هو العالم الذي له أصالة، وإن الطبيعة ليست سوى شبح عن العالم، ولكن بما أننا في الطبيعة، فإننا نشاهد هذا الشبح، وهذه المرتبة الدنيا. وجاء في الحديث"إن الله تعالى ما نظر إلى الدنيا، أو إلى الطبيعة منذ خلقها نظر رحمة". لا، إن هذا (العالم) ليس جزءاً من الرحمة، إنما النظر هو إلى ما وراء هذا العالم، والى ما وراء هذه الطبيعة. فهؤلاء الذين يدّعون أنهم عرفوا العالم، وعرفوا أعيان العالم، هؤلاء عرفوا جانباً متدنياً وصغيراً من هذا العالم، واكتفوا بذلك. وأولئك الذين يقولون أنهم عرفوا الإنسان، فإنهم عرفوا شبحاً من الإنسان، وليس الإنسان نفسه... عرفوا شبحاً من حيوانية الإنسان، وظنوا أن هذا هو الإنسان. والذين يدعون أنهم عرفوا الإسلام، فإنهم لم يشاهدوا سوى مرتبة دانية من الإسلام، واكتفوا بذلك وظنوا أنهم تعرفوا على الإسلام.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع