نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

في رحاب بقية اللَّه‏: بمكة يظهر المهدي عجل الله فرجه

الشيخ نعيم قاسم‏

 



تكون مكة المكرمة النقطة المركزية لانطلاقة الإمام المهدي عجل الله فرجه، وذلك بظهوره عند الكعبة الشريفة، منهياً بذلك غيبته الكبرى، ليبدأ حركته لإقامة دولة الإسلام العالمية، وتصاحب حركة الظهور مجموعة من العلامات القريبة: كاليماني والسفياني والصيحة من السماء والخسف في البيداء وقتل النفس الزكية، وهي العلامات الخمس الأبرز التي ذكرتها روايات كثيرة، على الرغم من النقاش في سند بعضها وفي واقعية حصول بعض هذه العلامات. ولكن الملاحظ هو حشد ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً من أقطار العالم كافة، في مكة المكرمة، وهم القادة الذين يأتمرون بأمر الإمام عليه السلام، وهم الذين سيكون لهم الدور الرئيس في بلدانهم وفي المهمات التي يكلفهم بها الإمام عجل الله فرجه.

ففي الرواية: "يظهر المهدي بمكة، ومعه سلاح النبي ورايته وقميصه، وعلامات ، ونور، يأتيه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، رهبانٌ بالليل، أسودٌ بالنهار"(1). ثم تتم البيعة بين الركن والمقام، فعن أبي جعفر عليه السلام: "يبايع القائم بين الركن والمقام ثلاثمائة ونيف عدة أهل بدر، فيهم النجباء من أهل مصر، والأبدال من أهل الشام، والأخيار من أهل العراق، فيقيم ما شاء الله أن يقيم"(2). فكما كانت الكعبة الشريفة قبلة المسلمين، ومكة المكرمة مركز انطلاقة خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وآله برسالة الإسلام الكاملة، فكذلك تعود في آخر الزمان لينطلق منها خاتم الأوصياء المهدي عجل الله فرجه لإعادة العدالة إلى الأرض على امتدادها وفي الاتجاهات الأربعة، وليس بعد هذه المرحلة الإيمانية العظيمة أي مرحلة مثلها إلى يوم القيامة، فهي آخر مراحل سيادة الإيمان والحق، وإمامها آخر إمام، وهو يمثِّل البقية المختزنة لهذه المرحلة العظيمة. عن أبي جعفر عليه السلام: "فعند ذلك خروج قائمنا، فإذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة، واجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً، فأول ما ينطق به هذه الآية: ﴿بَقِيَّةُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (هود: 86). ثم يقول: أنا بقية اللَّه، وخليفته، وحجته عليكم، فلا يسلِّم عليه مسلم إلاّ قال: السلام عليك يا بقية اللَّه في الأرض"(3).

يأتي القادة من أقطار العالم، ويجتمعون عند الإمام في ليلة واحدة، وهم يسلكون سبلاً مختلفة للوصول إليه، فمنهم من يسير بالطرق الاعتيادية ليصل إلى مكة المكرمة، ومنهم من يصل بطريقة إعجازية كأن ينتقل من مكانه أو فراشه إلى مكة المكرمة بسرعة فائقة، إنها إرادة اللَّه تعالى في أن يجمع هذا العدد، في وقت واحد، ومكان واحد، فيفاجئ بذلك الأعداء، وتبدأ حركة الإمام بفعالية وتنظيم، فتكون الانطلاقة قوية، مع هؤلاء الخُلَّص الذين هم خلاصة البشرية في ذلك الزمان. فعن الإمام الباقر عليه السلام: "ويبايعه الناس الثلاثمائة والثلاثة عشر، فمن كان ابتلي بالمسير وافى في تلك الساعة، ومن (لم يُبتل للمسير) فُقد من فراشه، وهو قول أمير المؤمنين علي عليه السلام: "المفقودون من فراشهم"، وهو قول اللَّه عزَّ وجلَّ: ﴿فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعًا (البقرة: 148)، قال: الخيرات الولاية لنا أهل البيت"(4).

هؤلاء القادة معروفون عند أئمتنا عليهم السلام بعددهم وأسمائهم ، وهم على درجة عالية من التنظيم بلباسهم ومظهرهم وحضورهم السريع بين يدي الإمام عجل الله فرجه، فقد أخبرنا أمير المؤمنين علي عليه السلام عن الإمام وجنده: "ألا أنه أشبه الناس خَلقاً وخُلقاً وحُسناً برسول اللَّه صلى الله عليه وآله، ألا أدلكم على رجاله وعددهم؟ ثم قال: سمعت رسول اللَّه صلى الله عليه وآله يقول: أولهم من البصرة، وآخرهم من اليمامة. وجعل علي عليه السلام يعد رجال المهدي عجل الله فرجه والناس يكتبون... ثم قال عليه السلام: أحصاهم لي رسول اللَّه صلى الله عليه وآله ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً بعدد أصحاب بدر، ويجمعهم اللَّه من مشرقها إلى مغربها، في أقل مما يتم الرجل عينيه، عند بيت اللَّه الحرام... إلى أن قال: كأني أنظر إليهم، والزي واحد، والقد واحد، والجمال واحد، واللباس واحد، كأنما يطلبون شيئاً ضاع منهم، فهم متحيِّرون في أمرهم، حتى يخرج إليهم من تحت ستار الكعبة في آخرها، رجلٌ أشبه الناس برسول اللَّه صلى الله عليه وآله خَلقاً وخُلقاً وحُسناً وجمالاً، فيقولون أنت المهدي؟ فيجيبهم ويقول: أنا المهدي"(5).

لكنهم ليسوا وحدهم ، فالمؤمنون المنتشرون في أقطار المعمورة معهم، وهم كتلة فعَّالة، شكَّل تكوينها وعددها اللحظة المؤاتية لظهور الإمام عجل الله فرجه لينطلق منها بقيادة رؤسائهم الذين اختارهم الإمام المهدي عجل الله فرجه. قال أبو بصير للإمام الصادق عليه السلام: جُعلت فداك، ليس على الأرض يومئذٍ مؤمن غيرهم؟ قال: بلى ، لكن هذه (العدة) التي يُخرج الله فيها القائم، وهم النجباء والقضاة والحكماء والفقهاء في الدين، يمسح (الله) بطونهم وظهورهم، فلا يشتبه عليهم حُكم"(6).


(1) العاملي، علي بن يونس، الصراط المستقيم، ج‏2، ص 262.
(2) الشيخ الطوسي، الغيبة، ص‏477.
(3) الإربلي، ابن أبي الفتح، كشف الغمة، ج‏3، ص‏343.
(4) النعماني، محمد بن إبراهيم، كتاب الغيبة، ص‏314.
(5) الكوراني، الشيخ علي، معجم أحاديث الإمام المهدي عجل الله فرجه، ج‏3، ص‏106- 104.
(6) الطبري، دلائل الإمامة، ص‏562.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع