نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

آداب ومستحبات‏: مجالس المؤمنين‏

السيد سامي خضرا

 



حرص الإسلام على صيانة المجتمع بكلّ تفاصيل مظاهره. من أجل ذلك كرّه للمسلمين بعض المجالس لأنّها غير لائقة فضلاً عن المجالس المحرّمة التي يُشاع فيها المنكر، خاصة مع عدم القدرة على التغيير.

* المجالس المكروهة والمحرمة
_ تُكره مجالسة أهل الهوى والسفاهة والأشرار الذين لا يعرفون الحلال والحرام، لأنّ في ذلك تأثيراً على القلب ويورث القساوة، ومَن فعل ذلك فلا يأمن من ضعف اليقين وسلب الخشوع وإماتة القلب، بينما مجالس العلماء والذكر تُعلم التقوى وتزيد في الورع وتذكّر بالآخرة. مثالها: الوقوف في الطرقات، أو الجلوس في المقاهي والمحلاّت التي لا يستفيد الواقف منها إلا كثرة الكلام وهدر الوقت وإطالة النظر وقساوة القلب. رُوي عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: "إيّاك والجلوس في الطرقات".

_ وأمّا المجالس المحرّمة فهي مجالس الاستهزاء بآيات اللَّه ومجالس الكذب والنّيل من الإسلام ورموزه وعباداته وعلمائه والمؤمنين، ومجالس الغيبة والمعصية التي لا يستطيع المرء تغييرها. قال اللَّه تعالى: ﴿أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ (العنكبوت: 29). وقال اللَّه عزَّ وجلَّ: ﴿وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا (النساء: 140). وقد علّق الإمام الرضا عليه السلام على الآية الثانية أعلاه (من سورة النساء) بقوله: "إذا سمعت الرجل يجحد الحقّ ويكذّب به، ويقع في أهله، فقم من عنده ولا تقاعده". وقال اللَّه تعالى في شأن مجالس الباطل: ﴿وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِين (الأنعام: 68).

وعن عليّ عليه السلام قال: "لا تجلسوا على مائدة يُشرب عليها الخمر، فإن العبد لا يدري متى يؤخذ". وعن الصادق عليه السلام في الكافي الشريف قال: "لا ينبغي للمؤمن أن يجلس مجلساً يعصى اللَّه فيه، ولا يقدر على تغييره". فينبغي الانتباه إلى أنّ مثل هذه المجالس قد كثُرت في مجتمعنا وهي في بعض الأحيان وإن لم تدخل في الحرام إلا أنها تدعو إلى العبث واللهو، ومَن حام حول الحمى أوشك أن يقع فيه. وفي مناجاة الإمام زين العابدين عليه السلام لربّه قال: "... أو لعلّك فقدتني من مجالس العلماء فخذلتني، أو لعلّك رأيتني في الغافلين فمن رحمتك آيستني، أو لعلّك رأيتني آلف مجالس البطالين فبيني وبينهم خلّيتني".

* المجالس المستحبة:
يُستحب الجلوس في المجالس التي فيها ذكر اللَّه تعالى كأن تكون لإحياء الطاعات والمستحبات، أو للتذكير بالنوافل والمندوبات كمجالس العلماء مثلاً ومجالس الفقه والدراسة والمذاكرة وذكر الآخرة والموعظة والنصيحة... ومن مجالس الذكر إشاعة فضائل محمد وأهل بيته عليهم السلام ومآثرهم وأخلاقهم وسننهم وكلماتهم وأحاديثهم. ورد عن الرضا عليه السلام قوله: "من جلس مجلساً يُحيى فيه أمرُنا، لم يمت قلبُه يوم تموتُ القلوب". وفي وصية سيدنا لقمان على نبيّنا وآله وعليه السلام أنّه قال لابنه: "فإنّ رأيت قوماً يذكرون اللَّه عزَّ وجلَّ، فاجلس معهم، فإنّك إن تك عالماً ينفعك علمك، يزيدونك علماً، وإن كنت جاهلاً علّموك، ولعلّ اللَّه يظلهم برحمته، فتعمّك معهم". وعن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله قال: "إذا رأيتم روضة من رياض الجنة فارتعوا فيها"، قيل: يا رسول اللَّه، وما روضة الجنة؟ قال: "مجالس المؤمنين". وهناك تأكيد في النصوص الشريفة على مجالسة العلماء وأهل الحلم والحكمة والفقراء والمساكين.

* من آداب المجلس:
- عدم جواز إفشاء السرّ، كما لا يجوز الحديث إلا بإذن صاحب السر. وفي الحديث المتواتر: "المجالس بالأمانة...". من هنا كانت حرمةُ فضح الأسرار وعدم جواز إفشاء ما لا يرضى صاحب السرّ حيث ورد عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: "المجالس بالأمانة، وإفشاء سرّ أخيك خيانة...". وفي تنبيه الخواطر: "إنما يتجالس المتجالسان بأمانة اللَّه، فلا يحلّ لأحدهما أن يفشي على أخيه ما يكره".

- من المستحبات المؤكّدة: الاستغفار عند القيام من المجلس وهو كفّارة لما جرى من حديث أو خطأ، وعلى كل حال هو ذكر وإنابة ورجوع إلى اللَّه عزَّ وجلَّ. ورد عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله: "إن كفّارة المجلس: سبحانك اللهم وبحمدك، لا إله إلا أنت، ربّي تب عليّ واغفر لي". وورد أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه وآله كان لا يقوم من مجلس وإن خفّ حتّى يستغفر اللَّه عزَّ وجلَّ خمساً وعشرين مرّة. نسأل اللَّه تعالى الثبات وحسن العاقبة.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع