نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

الفراق المرّ.. أسبابٌ ونتائج

الشيخ محسن عطوي

لا يستغني الإنسان الذي هو اجتماعي بفطرته، عن إقامة أنواع عديدة من العلاقات مع الآخرين ممن حوله، تدفعه إليها حاجات حيوية تكفل له البقاء والسعادة، ويستعين بها على تحقيق السلامة النفسيّة والجسديّة، والازدهار الاقتصادي، والعدالة والكرامة. وتعتبر العلاقة الزوجيّة من أهمّ هذه العلاقات وأكثرها حيويّة، لأنها تشبع حاجته إلى أنيس يبثّه نجواه ويفضي إليه بسرّه ويستعين به على مصاعب الدهر، ويشبع معه وبه غائلة الرغبة الجنسية، ويحقّق به أمله في البقاء في ذرية يستولدها ويورثها مقدساته وعقائده وآماله وثروته.

*التكيّف والانسجام
لكن التحدي الكبير الذي يواجه هذه العلاقة التي سمّاها القرآن الكريم ﴿مِّيثَاقًا غَلِيظًا (النساء: 154)، هو استكشاف مدى قدرة كل من الزوجين على التكيّف مع الآخر ومدى نجاحه في الانسجام معه، من حيث هو شرط ضروري وركن أساس في تحقيق أهداف زواجهما والنهوض بتبعاته ونيل الأماني والآمال المرجوّة منه. وهو التحدي الصعب الذي يتحتّم على كل زوجين خوض غماره وتحقيق نجاح فيه هنا وفشلٍ فيه هناك، والذي يستمر على هذا المنوال على مدى عمر علاقتهما الزوجية في رسم بياني يتصاعد فيه النجاح ويتغلّب، أو يتسافل فيه الفشل ويتغلّب، حيث تصير هذه العلاقة عند غلبة الفشل مهدّدة بالفراق المرّ (الطلاق)، للهروب من واقع العجز عن الانسجام والتعايش الكريم، هو أكثر مرارة.
والمؤسف أننا قد صرنا نشهد كثرة متزايدة في الطلاق، هي حتماً مؤشر ودليل على وجود حالة أليمة من عجز الأزواج الشباب عن تحقيق الحدّ الضروري من القبول بالآخر والتكيّف معه، بل إننا شهدنا أيضاً رغبة متزايدة في الطلاق عند قدامى المتزوجين، ما يشير إلى أن بعض أسباب الطلاق المستجدة لم تؤثر على الأزواج الشباب فحسب، بل طالت حتى جيل الآباء والأمهات الذين يفترض بهم أن يكونوا مرشدين لجيل الأبناء وحُماةً لزيجاتهم.

*أسباب الطلاق
ومن الأسباب المهمة لتكاثر حالات الطلاق:
1– الجهل بطبيعة العلاقة الزوجية:
فعدم المعرفة بطبيعة العلاقة الزوجية وبما تشتمل عليه من حقوق وواجبات، حيث يتوهّم كل منهما أن له حقوقاً على الآخر يطالبه بها ويتشاجر معه من أجلها، دون أن يدري أنها لم ترد في الشريعة ولم يأمر بها الله تعالى، وأنها تقاليد موروثة لا تلزم الآخر ولا تستقرّ بها الحياة الزوجية من الأسباب الرئيسة للطلاق. ومن هذه الأمور:
أ - حدود طاعة الزوجة ويشمل: خروجها من البيت، وحق الاستمتاع.
ب - الإنجاب، وتربية الأولاد، وخدمة المنزل.
ج - العلاقة مع الأهل.
د - سهر الزوج وعلاقاته.
وما أشبه ذلك، وهي أمور ما كان ليكثر النزاع فيها وبها بين الزوجين، لو أنهما قد تفقّها في الدين، وعرفا أحكام الشريعة المطهرة، ووقفا عند أوامرها ونواهيها والتزما حدودها، حيث سيجدان حقوق كل منهما وواجباته واضحة جليّة. الأمر الذي يستدعي حرص الآباء والموجّهين، بل والراغبين في الزواج نفسيهما، على ضرورة الإحاطة بها وتوجيه الأبناء والناشئة لها، والتأكيد على أهميّتها في نجاح علاقتهما الزوجيّة وفي نيل السعادة المرجوّة منها.

2 - قلّة النّضج الاجتماعي لدى الأزواج الشباب: يبدو أن تركيز الأهل على البلوغ بأبنائهم وبناتهم أعلى مستوى علمي، قد جعل أولئك الأبناء بعيدين عن حركة الأسرة وهمومها، ومعزولين عن معاناة الوالدين وعن تشابك وحساسيات العلاقات الاجتماعية، ومحصورين في أفق محدود من الهموم الشخصية، فإن تجاوزها فإلى هموم عامة لها علاقة بمطالب طلابية أو سياسية، بعضها مثالي وضبابي، كما أنه ليس له فاعلية في صوغ شخصيّة الشاب العائليّة. لذا فإننا نلاحظ أن الكثيرين من الأزواج الشباب قليلو الصبر، وغير واقعيين، وميّالون للفردية، ما ينعكس مباشرة على صعوبة تكيّفهم مع مطالب الآخر وانزعاجهم منها، وميلهم للتمرّد واستسهالهم للمفارقة، وهي من المثالب الأشدّ فتكاً بالعلاقة الزوجية وتهديداً لبقائها واستمرارها.
إن علينا كآباء وموجّهين أن نولي هذا الأمر عنايتنا، ونعمل على جعل أبنائنا أكثر اهتماماً بحركة الأسرة وتبعاتها وهمومها، وخصوصاً الفتاة، وذلك لأهمية دورها فيما ينتظرها من حياة زوجية.

3– سوء الخلق: وهو سبب مشترك، فيكون أحياناً من أحد الزوجين دون الآخر، وكثيراً ما يكون منهما معاً بدرجات متفاوتة، ونريد به تحديداً بذاءة اللسان، والصراخ في وجه الآخر، وشتمه، والسخرية منه، وهتك حرمته، وإذاعة سرّه، والإكثار من لومه، ودوام مجادلته، والبخل عليه بالكلمة الطيبة. والمؤسف أن جميع هذه الصفات يحدث بسببها مشاكل كثيرة، وتوتر كبير، ومعاناة مؤلمة تدفعهما تدريجياً إلى القناعة بأن الانفصال والطلاق هو الحلّ.

4 - الوضع الاقتصادي المتردّي: المانع من نهوض الشاب وأهله بتهيئة مقدّمات الزواج وتكاليفه الضرورية من مهر ومسكن وغيره، فيضطر أمام ضغطها إلى إطالة فترة الخطوبة أو إلى الطلاق، للتخلص من الورطة التي وقع فيها.

5 - تصابي الرجل في كهولته: وسعيه إلى إقامة علاقات جنسية مع غير زوجته.

أو نجد أسباباً أخرى عديدة من أسباب الطلاق منها خيانة الزوجة في أجواء الاختلاط غير المشروع، وأسباب أخرى.


*مؤشرات الطلاق
لكن رغم وجاهة بعض هذه الأسباب، فإن الطلاق في الغالب يؤشّر إلى أمور عديدة منها:
أ - عجز الزوجين عن التكيّف، وفشلهما في معالجة ما يعترض زواجهما من عقبات.
ب - مساهمة الأهل في انهيار زواج ولديهما، وذلك حين يتخليان عن دورهما كموجّهين ومرشدين حكاماً عادلين.
ج - كما أنه يديننا كموجّهين لما يبدو من تقصيرنا في استحداث دورات لترشيد الشباب والشابات المقبلين على الزواج!!

أما مشاكل الطلاق والفراق الكثيرة فمنها:
1– استحقاق المهر:
قد جرت العادة عند إجراء عقد الزواج على تأخير دفع القسم الأكبر من المهر المتوافق عليه ليدفع فيما بعد، والملاحظ منذ القدم ميل الزوج إلى التملّص من المهر، خاصة إذا كان المهر كبيراً وهو أمر مدان شرعاً وأخلاقاً وعرفاً، لما فيه من طمع وتضييع لحقوق الزوجة. فحين يحدث الخلاف، وتكون الزوجة هي الراغبة في الطلاق، فإنّ من المقبول شرعاً وعرفاً أن تتنازل الزوجة عن جميع مهرها. أما إذا طلقها الزوج فعليه دفع تمام المهر المتفق عليه، لأن المرأة المطلّقة ستواجه صعوبات جمّة وآلاماً عديدة بعد مفارقتها لعالم الزوجية وللأسرة، وقد يكون مهرها باباً لاستئناف حياة جديدة أقل معاناة وألماً. إنّ تَنَكّر الزوج هو أحد أوجه معاناة المطلقة التي قد تصاحبها لفترة طويلة بعد طلاقها، رغم تشدّد الشريعة المطهرة وحثّها على الوفاء به.

2– الحضانة ورؤية الوالد: ورغم وضوح ذلك في شريعتنا المطهرة فإننا قد شهدنا كثيراً من النزاعات التي لها علاقة بهذا الجانب حيث كاد كثير من الأزواج لزوجاتهم حين حاولوا منع الزوجة المطلقة من حضانة أولادها أو كادت بعض الزوجات لأزواجهن حين تَمَنّعن عن حضانة الأولاد، فتخلّت الوالدة الشابة المطلّقة عن حضانة وليدها وربما بضغط من الأهل، كي لا تتعلق به، ولا يربك الأهل برعايته.

3– العودة إلى منزل الأهل: يحرص الأهل على التعاطف مع ابنتهم بعد طلاقها، وخصوصاً إن كانت مظلومة، ويرحبون بها في منزلهم، بل إنهم لا يقبلون منها أن تسكن مستقلّة عنهم.

وعلى العموم فإن عناية الأهل وحرصهم على إيواء ابنتهم وإسكانها معهم هو أمر جيد، ولكنه قد يشتمل على سلبيات عدة: شعورها بثقل وجودها عند أهلها -صعوبة تكيّفها مع جو المنزل وعودتها إلى ما كانت عليه- تصادم رغباتها مع رغبات الأهل، دون أن يلتفتوا إلى أن ابنتهم هذه قد صارت امرأة ناضجة وحسّاسة، وعندها نزوع للاستقلال واتخاذ قرارها بنفسها.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع

سؤال

زينب

2013-09-01 00:05:39

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بارك الله جهودكم ووفقكم لكل خير انشاء الله ألتمس منكم أيها الأفاضل تبيان رأيكم حول تعدد الزوجات وإنعكاسه على إصلاح المجتمع في عصرنا هذا...

الرجل

مريم كرنيب

2015-01-19 14:46:29

اريد ان اضيف شي صغيره ما اسباب الطلاق صار في عنا المراء تشتغل من الصيح العشيا و تقريبن كل المصروف علياه و بدا كمان تامين الاكل و تدريس الاطفال يعني في حمل كتير كبي انا وحدي من ضمنون لا هل نسوان و رجال ما همو يعني كيف فينا نتصرف و مع العلم حكيت معو بلموضوع و ما عمل شي و فهمتو انا تعباني و عندي اكتئاب من كتر الشغل بس ما في اي فايدي و اخذيت قرار بلا طلاق بس ما قدريت ابني عم فهمو انو انا راح اتروك البيت زعل و هدادني انو بدو يقتل نفسو خفت كتير انا و و عتو انو ما راح فل و اتركو و ما فليت بس انا تعبيتي كتير يا شيخنايا ريت تحكي فيها علا صوت البشائر انا كل يوم بسمعك