نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

كيف نستعد لشهر رمضان المبارك؟

تحقيق: هبة يوسف عباس‏



رجب وشعبان شهران يسبقان مجي‏ء شهر رمضان المبارك وهذا ما يجعل منهما إلى جانب خصوصيتهما فرصة للاستعداد روحياً وجسدياً لشهر اللَّه بالصيام وقراءة القرآن والأدعية، وبالرغم من أهمية هذه الفرصة وضرورة استثمارها تجد أن بعض الناس يجهلها أو يتجاهلها حيث يقولون: "شهر الصيام آتٍ وسنقوم بكل الأعمال العبادية فيه، فلماذا نبدأ قبل ذلك بالصيام وغيره؟". إذاً ما حقيقة الاستعداد لشهر رمضان وهل هو مطلوب؟ هل هذا الموضوع شائع بين الناس؟ وكيف يمكن أن نقوم بهذا الاستعداد بشكل صحيح؟ أسئلة تم طرحها على عامة الناس فكانت آراؤهم مختلفة حولها.

*أفكار خاطئة:
بعض الأشخاص وعلى الرغم من إيمانهم يعتبرون شهر رمضان مجرد تأدية لواجب ديني لا يستوجب منهم أي تحضير أو استعداد ولديهم أفكار خاطئة تجاه هذا الموضوع. الحاج أبو علي البالغ من العمر 64 عاماً، استغرب فكرة الاستعداد المسبق لشهر رمضان ورأى أنه لا داعي له إذ أن اللَّه لم يذكره في القرآن الكريم وقال: "يكفي الصوم في شهر رمضان، فلماذا نبدأ قبل ذلك" وأشار إلى أنه يقرأ القرآن في شهر رمضان وخارجه على السواء إضافةً إلى الاستماع إلى دعاء كميل كل ليلة جمعة". أبو محمود أيضاً يجيب عن عدم استعداده لشهر رمضان المبارك ضاحكاً: "أصوم في شهر رمضان كما أمرني اللَّه، ولا قضاء عليّ لأني كنت أصوم وعمري 9 سنوات، وأقوم بالأعمال المستحبة، لكن الصيام خارج شهر رمضان أمر أستصعبه جداً، إذ لا أستطيع أن أكون صائماً وحدي والآخرون مفطرون، في شهر رمضان أحس بالأنس إذ الجميع صائمون".

أما أبو قاسم (سائق سيارة أجرة) فيعتبر أن التحضير والاستعداد لشهر رمضان شي‏ء لم يسمع به من قبل وأنه ربما يقوم به شباب هذه الأيام أي الجيل الصاعد المؤمن وأوعز السبب إلى معرفتهم بأمور الدين جيداً واطلاعهم الواسع وثقافتهم في هذا المجال وأضاف: "هذا الجيل المؤمن قادر روحياً وجسدياً على ممارسة هذه العبادات والمستحبات مثل صوم شهري رجب وشعبان" واعتبر أن عمره وطاقته يمنعانه من القيام بذلك فهو يوفر طاقته لشهر رمضان المبارك. وبعد حديثه هذا سأل في نهاية الحديث قائلاً: هل التحضير لشهر رمضان مطلوب حقاً؟ يجب أن نسأل في الموضوع وإذا كان الأمر مستحسناً علينا البدء به فوراً". أما الحاج رضا فهو ممّن يرون أن الاستعداد الروحي ممكن القيام به في شهر رمضان وإن كان الاستعداد المسبق والمبكر في شهري رجب وشعبان يجعلنا أقوى روحياً ونفسياً لمواجهة تحديات إبليس والنفس الأمارة بالسوء. في هذا الصدد يقول "أنا في شهر رمضان أفرغ نفسي للعبادة وصلاة الليل وقراءة الأدعية، لأني لا أقوم بهذه المستحبات في الأيام الباقية، وهذا يجعلني قوية روحياً فلا أرى ضرورة للاستعداد المسبق". nالتحضير والاستعداد المسبق لشهر رمضان على الرغم من أهميته إلا أن البعض قد يفسِّره بطريقة مغايرة للمفهوم الحقيقي فيتخذ استعدادهم طابعاً لا يؤدي إلى تحقيق الهدف المنشود منه. الحاجة أم هادي اعتبرت أن تحضيرها لشهر رمضان يكون بنزولها إلى السوق للتبضع وتجهيز المطبخ بالمؤونة الكافية من الرز والملح... لإعداد الموائد في شهر رمضان، وقالت: "أنا أحاول أن أستعد روحياً لشهر رمضان لكني دائماً مشغولة فأنا ربة منزل وأعمالي المنزلية لا تنتهي، لذا أصوم الأيام الواجب عليّ‏َ قضاؤها في شهري رجب وشعبان فقط".

* رجب وشعبان فرصة لا تفوَّت:
قبل بداية الشهر الفضيل يحاول البعض من المؤمنين الاستعداد له روحياً من خلال الصوم في شهري رجب وشعبان وقراءة الأدعية المستحبة فيهما، والابتعاد عما قد يلوث قلوبهم وأرواحهم ويبعدهم عن رضى اللَّه وبذلك يصلون إلى شهر رمضان وقد امتلأت قلوبهم بالتقوى والإيمان والطهارة. الأستاذ علي أستاذ جامعي أكد أنه يحاول الاستعداد المسبق لشهر رمضان فيحاول الصوم في أيّ‏ِ يوم يسمع باستحباب الصوم فيه أو إنه أحياناً يصوم شهري رجب وشعبان بشكل متواصل، فيصل إلى شهر رمضان وقد استعد له تماماً. وعلى الرغم من أن الأستاذ علي يجد الصيام صعباً، أكد حبه لهذا الشهر الفضيل لأنه يطهره من الآثام التي قد يرتكبها ويجعله حريصاً على الالتزام بأوامر اللَّه ونواهيه، مضيفاً أنه يقرأ الأدعية المستحب قراءتها في هذين الشهرين الفضيلين. "شهر رمضان هو شهر البركة والغفران" يقول الأخ مهدي "وبركاته تظهر بشكل جليّ‏ٍ عليّ‏َ إذ أُحس بطهارةٍ في قلبي وروحي لا أحس بها في الأيام العادية". وبخصوص الاستعداد للشهر المبارك يرى بأن هذا التحضير يجب أن يكون بشكل دائم ولا ينحصر بشهر أو وقتٍ معين مع التأكيد على خصوصية شهري رجب وشعبان والأجواء الروحية التي تبدأ معهما مما يدعو كل مؤمن للاستعداد روحياً وليس هذا فقط بل: "البعض قد يعاني من مشاكل صحية تجعل صومه صعباً في شهر رمضان لذا فإن الاستعداد الجسدي ضروري أيضاً". "أحاول الصوم في شهري رجب وشعبان لكسب الأجر"، تقول زهراء (طالبة جامعية) "وأيضاً لتعويد جسدي على عدم تناول الطعام والشراب خلال النهار فأصل إلى شهر رمضان وقد اعتدت على هذا الأمر عندها لا أجد صعوبة ولا أتضايق إطلاقاً من الصوم". محمد (طالب ثانوي) تحدث أيضاً عن شعوره بالأجواء الروحية التي تسبق حلول شهر رمضان المبارك: "شهرا رجب وشعبان من الأشهر المفضلة عندي طبعاً بعد شهر رمضان ففيهما أحس بأني قريب من اللَّه وبأنه يسمع ويستجيب دعائي وأنه راضٍ عني، لهذا أحس بروحي قد أصبحت مستعدة حقاً لشهر رمضان الفضيل". أما الحاج محمد فقد أكد أن "الاستعداد المسبق للشهر الفضيل ليس واجباً بل هو من باب الحصول على معنويات وروحية ترفع من عبادتنا وأعمالنا لتجعلها مقبولة عند اللَّه وتجعلنا راضين عن أنفسنا لنقترب من سلم الكمالات".

* الاستعداد كيف يكون؟
في النهاية وللإضاءة أكثر على هذا الموضوع كان لنا لقاء مع سماحة الشيخ هشام شري الذي أعطى وجهة النظر الدينية في الموضوع، فسألناه بداية هل الاستعداد لشهر رمضان مطلوب؟ فأجاب: "إن شهر رمضان هو شهر قد خصه اللَّه تعالى لعبادته، وفيه فريضة الصوم التي تعتبر من العبادات الأساسية في الإسلام، والعبادة قيمتها الحقيقية في المعنويات التي ترفد بها الإنسان لترتفع به في سلم الكمالات، وتفقد هذه العبادة قيمتها إذا لم يكن معها التوجه المطلوب وفي الرواية عن أمير المؤمنين عليه السلام "كم من صائم ليس له من صيامه إلا الظمأ". ولحصول هذا التوجه النفسي والمعنوي علينا أن نزيل كل موانع التوجه من جهة ونرفد ما أمكن من عناصر مساعدة على التوجه من جهة أخرى، وهذا هو المقصود من الاستعداد، فالاستعداد أمر لا بد منه في العبادات عموماً". وعن الاستعداد الصحيح لشهر رمضان رأى سماحة الشيخ "أن الاستعداد الصحيح هو كل ما يساعد على التوجه في هذه العبادة، لتؤدي دورها الحقيقي في ربط الإنسان باللَّه سبحانه وتعالى، ليكون أقدر على مواجهة تحديات إبليس والنفس الأمارة بالسوء، وكما في القرآن الكريم "يا أيها الذين امنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن اللَّه مع الصابرين"، وقد فسر الصبر بالصوم، فهذا هو المعيار في الاستعداد الصحيح، أما الاستعداد الذي يبعد عن اللَّه سبحانه وتعالى ويفقد هذه العبادة العظيمة رسالتها وفوائدها فهو في الحقيقة محاولة لقتل هذه العبادة وتفريغ لمضامينها العالية التي أرادها اللَّه سبحانه وتعالى. ونماذج الاستعداد المنحرف كثيرة ومن أهم أسبابه عدم المعرفة بدايةً بضرورة الاستعداد لشهر رمضان، وثانياً: الاهتمام المسرف بإعداد المؤونة من الطعام للشهر الفضيل بدلاً من إعداد المؤونة الروحية الكافية له". أما عن الخطوات الصحيحة للاستعداد لشهر رمضان فيقول سماحة الشيخ: "هناك الكثير من التشريعات المستحبة التي تصب في خانة الاستعداد لشهر رمضان المبارك ومنها: أولاً: الصيام في شهري رجب وشعبان، فقد ورد العديد من الروايات والأحاديث التي تحث على الصيام في هذين الشهرين السابقين على شهر رمضان، ومنها عن الإمام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام: "صيام شهر رمضان ذخر للعبد يوم القيامة وما من عبد يكثر الصيام في شعبان إلا أصلح اللَّه أمر معيشته وكفاه شر عدوه وإن أدنى ما يكون لمن يصوم يوماً من شعبان أن يجب له الجنة".

ثانياً: الأدعية والأعمال الواردة في شهري رجب وشعبان، فهناك العديد من الأدعية والأعمال الخاصة الواردة في هذين الشهرين المباركين يساعدان الإنسان على تصفية النفس لاستقبال شهر رمضان وتلقي الفيوضات الربانية فيه. ومنها المناجاة الشعبانية التي قال الإمام الخميني"قده" في وصيته: "نحن نفخر أن منا مناجاة الأئمة الشعبانية"، هذه المناجاة التي ينبغي المواظبة عليها. وثالثاً: الاستهلال، لأن الاستهلال يحمل مداليل معنوية وتجهيزاً نفسياً لتلك الجموع التي تقف منتظرة ذلك الهلال المبارك".

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع