نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

مسؤولية الأهل في العطلة الصيفية

الشيخ صلاح محمد العس‏

 



أيّام الصيف أيّام مفرحة للأطفال، فهي أيّام الفرح والنشاط، والاستراحة والفراغ، والنزهة والسرور، ينتظرها الطفل بفارغ الصبر ليحقق بعضاً من أمانيه التي كان يرسمها على مقاعد الدراسة، تلك الأماني التي تتحرر من هموم الدرس والواجبات والأبحاث وغيرها. وفي الوقت نفسه يمكن أن تكون أيام الصيف سبباً للقلق والاضطراب لكثير من الأهل، لأنهم يحسون بالخطر على أبنائهم الذين لا يجعلون لأنفسهم قيوداً وموانع في هذه الأيام، ويخلقون لأوليائهم المشاكل بسبب خروجهم إلى بعض الأماكن الخطرة، فيلعبون في الشارع حيث الخطر والشجار والاصطدام بالسيارات والدراجات، ويسبحون في البحر أو النهر أو البرك حيث احتمال الغرق، ويقيمون علاقات اجتماعية يمكن أن تكون مع رفاق السوء.

يقول النبي صلى الله عليه وآله: "خلتان كثير من الناس فيهما مفتون: الصحة والفراغ"(1)، وهذا الحديث يؤكد ضرورة استغلال الوقت وعدم تحويل أوقات الفراغ إلى مورد فتنة للإنسان. انطلاقاً من ذلك كله فإن الصيف فرصة مناسبة للأهل لأجل التخطيط ووضع البرامج المفيدة لبناء الطفل وتوجيهه وإرشاده وتحصينه مع المدرسة وأهل الاختصاص، ولا بد من مشاركة الطفل لأن مشاركته ضرورية لتحقيق احتمال النجاح والتوفيق. إن الطفل بحاجة إلى المحبة والعطف والحنان، وأيام الصيف فرصة لذلك، ولكن ينبغي أن لا نفرط في هذه الأمور لأنها تؤدي إلى مشاكل كبيرة كالدلال والاتكالية وغيرهما، ومن الممكن أن يكون الطفل مصاباً بمشكلات أخلاقية، مثل: الكذب، السرقة، بذاءة اللسان، العدوانية، العناد وغيرها، والعطلة مناسبة لإصلاح وعلاج هذه الأمور. في العطلة الصيفية يستطيع الطفل أن يؤدي أعمالاً كثيرة، ويمارس أنشطة واسعة، ويتزود بمعارف جديدة، ويكتسب العديد من المهارات التي تؤهله لأن يكون فرداً فاعلاً في مجتمعه، وكلما كانت الإمكانيات متوفرة ومتنوعة كلما اقتربنا من تحقيق رغباتنا ورغبات أطفالنا.

ويمكن للأهل أن يرشدوا الطفل للاستفادة من العطلة الصيفية ضمن الجوانب التالية:

1- الجانب التعليمي: إن بدء العطلة الصيفية لا يعني انقطاع الطفل عن الدراسة الأكاديمية طيلة فصل الصيف، فبعض التلامذة يحتاجون إلى تحصيل بعض النواحي العلمية التي لم يكن بمقدورهم اكتسابها خلال العام الدراسي، فإن عدم تحصيلها يؤثر سلباً على مستقبلهم الدراسي، ومن الأمور التي قد يحتاجها التلامذة:

• إقامة دورة للمكملين في بعض المواد.
• تقوية الذين لديهم تخلف دراسي.
• دورة للتقوية في اللغة العربية أو الأجنبية.
• إعداد برنامج للمطالعة، يتضمن قراءة للكتب التي تساعدهم على التحصيل العلمي، ومن المفيد هنا أن ينتسب التلامذة إلى إحدى المكتبات العامة.
• تزويدهم ببعض كتب العطلة الصيفية.
• تأمين بعض الكتب خصوصاً الموسوعات العلمية التي تركز على الثقافة العامة.
• دورة للاستفادة من علوم الكمبيوتر والانترنت لترسيخ الكثير من المعارف، والاطلاع على المستجدات العلمية والوسائل التقنية.
• لكن ينبغي أن يكون البرنامج التعليمي جزءً من برنامج يتضمن أنشطة أخرى، يحبها الأطفال كالألعاب الرياضية والمسابقات والرحلات وغيرها.

2- الجانب الديني: إن اطلاع الأهل على مستوى وكمية المعلومات الدينية التي يمتلكها الطفل، تساعدهم على وضع برنامج ديني يركز على تلبية حاجاته، وتقويم سلوكه، وزيادة معارفه، وهنا لا بد من التركيز على الأمور التالية:

أن يحفظ بعض السور القرآنية، ويتعلم أحكام التجويد والتلاوة، ويطلع على بلاغة القرآن وفصاحته وإعجازه.
يمارس فنون الخطابة والوعظ والإرشاد والتبليغ والمناظرات والمباحثات الدينية، ويحفظ بعضاً من خطب نهج البلاغة.
يتعرف على سيرة الأنبياء والأئمة المعصومين والسيدة فاطمة الزهراء (عليهم السلام) والفقهاء الأعلام.
يتعلم الأحكام الشرعية التي يبتلى بها، خصوصاً كيفية الوضوء والصلاة، وعدد النجاسات والمطهرات والمفطرات وغيرها.
يشارك في المسابقات الدينية التي ينبغي أن تكون في شتى المواضيع، وهنا لا بد من تزويد الطفل بالكتب المناسبة للمساعدة في وضع الحلول لها.
يؤدي صلاة الجماعة، ويشارك في صلاة الجمعة والعيدين، ويتردد على المساجد.
يتعلم بعضاً من فنون القتال والجهاد في سبيل اللَّه، ليكون فرداً فاعلاً ينضم إلى جيل المقاومة الذين صنعوا مجد الأمة وساهموا في عزتها ومنعتها.
وهنا لا بد من مراقبة السلوك الذي يقوم به الطفل عند مواجهة بعض المواقف، ومعرفة مدى امتثاله للأحكام الإلهية.

3- الجانب الاجتماعي: من الضروري أن يؤدي الطفل بعض النشاطات التي تترجم العلاقة بينه وبين زملائه وأسرته ومجتمعه، بحيث يخدم بيئته المحلية، ويتم ذلك من خلال:

• المشاركة في حملات النظافة العامة في قريته أو الحي الذي يقطنه.
• زراعة الأشجار ورعاية الحدائق العامة.
• مساعدة المزارعين في جني الثمار.
• حملات تبرع لمساعدة الأيتام والفقراء بالتعاون مع الجمعيات المختصة.
• زيارة الأرحام وتمتين أواصر القربى.
• مجالسة العلماء والاستفادة من علومهم، قال النبي صلى الله عليه وآله: "مجالسة أهل الدين شرف الدنيا والآخرة"(2).
• الإحسان إلى الجيران، وتوثيق العلاقة معهم، قال النبي صلى الله عليه وآله: "صلوا أرحامكم فإنّ صلة الرحم تزيد في العمر"(3).
• المشاركة في الاحتفالات والمناسبات العامة.

4- جانب الأنشطة العامة: وهي من الأمور المحببة لقلب الطفل، فيمكن أن يمارس الكثير من الأنشطة الهادفة التي تروح عن نفسه وتدخل السعادة إلى قلبه، فالإمام علي عليه السلام يقول: "روحوا قلوبكم فإنها إذا أكرهت عميت"(4)، والقيام بذلك يمكن أن يكون من خلال انتسابه إلى أحد النوادي الثقافية أو الاجتماعية أو الكشفية أو الرياضية التي تساعده على القيام ببعض الأنشطة مثل:

الألعاب الرياضية كالسباحة، أو كرة القدم، أو كرة المضرب، أو كرة السلة.
• تعلم بعض الفنون، كالخط، والرسم، والحفر، والتطريز، والخياطة، والحياكة.
• تعلم الإسعافات الأولية.
• القيام ببعض الرحلات الهادفة، خصوصاً زيارة الأماكن المقدسة.
• تعلم التصوير الفوتوغرافي والفيديو.
• تأمين بعض الأدوات التي تساعد الطفل على صنع بعض الأمور، كطيارة من ورق.

وأخيراً أنصح الأهل بأن يفسحوا المجال لولدهم للانتساب إلى أحد النوادي الكشفية فهي حركة تطوعية تسعى لجعل الفرد يلتزم بالجانب الروحي والعقائدي والأخلاقي، وتدعو إلى تعزيز الألفة والمحبة وترسيخ الصداقة بين أبناء المجتمع الواحد، وتحاول أن تعدّ المواطن ليكون فرداً ناجحاً، يتقن المهارات اللازمة للاندماج والتأثير والتأثر.


(1) الكافي، ج‏8، ص‏152.
(2) الكافي، ج‏1، ص‏39.
(3) مستدرك الوسائل، ج‏9، ص‏108.
(4) عوالي اللآلي، ج‏3، ص‏296.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع