نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

آداب و مستحبات: حرمة المؤمن

السيد سامي خضرا

 



لا شك أنَّ للمؤمن حرمة عظيمة جعلها الله تعالى له، كرامة لكلمة التوحيد الَّتِي نطق بها، وكرامة لإيمانه، فميَّزتْه عن الكافرين بأصنافهم. كرامة المؤمن عند الله تعالى: وكفى المؤمن عزّاً أنْ يكون الله جلَّ جلاله العظيم الجبَّار وليَّه في تسديده وتأييده. يقول الله سبحانه في محكم التنزيل: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آَمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ (البقرة: 257).

وجعل سبحانه المؤمنين جميعاً أولياء لبعضهم البعض، فهم كالجسد الواحد، ثم جعل لهم سِمات يعرفون بها، قال سبحانه: ﴿الْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ (التوبة: 71). ومن فضله سبحانه، أنْ منَّ على المؤمن بأن جعل عزَّته من عزَّته عزَّ وجلَّ، وليس وراء هذه الكرامة كرامة. قال جلَّ جلاله: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ (المنافقون: 8). ونظر النَّبِيّ صلى الله عليه وآله وسلم إلى الكعبة فقال: "مرحباً بالبيت ما أعظمك وأعظم حرمتك على الله! واللهِ، لَلْمؤمن أعظم حرمةً منك، لأنَّ الله حرّم منك واحدة ومن المؤمن ثلاثة: ماله ودمه وأن يُظنَّ به ظنُّ السّوء"(1).

"إنَّ المؤمن يُعرف في السَّماء، كما يعرف الرَّجُل أهله وولده، وإنَّهُ لأكرم على الله عزَّ وجلَّ من ملك مقرَّب"(2). "إنَّ الله جَلَّ ثناؤه يقول: وعزّتي وجلالي ما خلقت من خلقي خلقاً أحبَّ إليَّ مِنْ عبدي المؤمن..."(3). وعن مولانا الصَّادق عليه السلام: "من أتاه أخوه المؤمن فأكرمه، فإنَّما أكرم الله عَزَّ وجَلَّ"(4).

الكرامات الخاصة بالمؤمنين: وكما أنَّ المؤمن ليس كغيره في عزَّته وكرامته وحرمته وآخرته، كذلك كانت له مزايا وكرامات يختصّ بها دون غيره من البشر. والمتأمِّل في شريعة الله تعالى وتفاصيل الأحكَّام الفقهية يرى أنَّ للمؤمن أحكاماً تخصُّه في سائر المجالات، وهذا فضلٌ من الله تعالى. فهو الَّذِي له شأنٌ عند خالقه، وعند أهلِ السَّموات والأرض، وتُجلِّله الرَّحمة بمجرَّد أنْ يتعامل مع الآخرين بصفته الإيمانيّة. رُوي عن أبي عبد الله الصَّادق قولُه: "إنَّ المؤمن ليزهر نوره لأهل السَّماء كما تزهر نجوم السَّماء لأهل الأرض"(5). وفي نصٍّ أنَّهُ سُمع يقول: "ليس لأحدٍ على الله ثواب على عمل، إلاَّ للمؤمنين"(6).

وفي فضل المؤمنين يقول: "إذا التقى المؤمنان كان بينهما مائة رحمة، تسع وتسعون لأشدِّهما حبّاً لصاحبه"(7). ويقول: "إنَّ المؤمنَيْن ليلتقيان فيتصافحان، فلا يزال الله عليهما مقبلاً بوجهه، والذنوب تتحات عن وجوههما حَتَّى يفترقا"(8). حرمة المؤمن لا توصف: ويشرح الإمام الخميني عليه الرَّحمة والرِّضوان الحديث الَّذِي يُصرِّحُ أنَّ المؤمن لا يوصف، وذلك لحرمته وعظمته. "والمؤمن لا يوصف، وإنَّ المؤمن لَيَلْقى أخاه فيُصافحه، فلا يزال الله ينظر إليهما، والذنوب تتحات عن وجوههما، كما يتحات الورق عن الشجر". ويقول: "المؤمنون لا يعرفون شيئاً عن نورانيّة إيمانهم، ما داموا في الدُّنْيا وعالَمِ الطَّبيعة. إنَّنا ونحن في هذه الدُّنيا نُقارن آلاء وآلام الآخرة مع المحيط الَّذِي نعيش، فنظن أنَّ عطايا الله مثلاً كعطايا ملوك الدُّنيا أو أكثر بقليل... مع أنَّ شيئاً من لذات الآخرة لا يُقاس بِكُلِّ لذَّات الدُّنْيا.

ومن هنا لا يُمكن أنْ يُقاس ما ذُكر عن كرامة المؤمن في هذا الحديث وفي غيره بأيِّ مقياس أو ميزان... فالعناية الربَّانيّة هي الَّتِي تُحكِّمُ الوُدَّ والمحبّة بين المؤمنين، وتُجدِّد عهد الأُخُوَّة فيه سبحانه وتعالى". انتهى كلامه، رُفع في الجنَّة مقامه. وفي حرمة المؤمن الَّتِي لا توصف ولا يعرفُ قَدْرها أحدٌ من البشر كما أشار إلى ذلك الإمام الخميني رحمة الله عليه، ورد في الحديث الشريف: "إنَّ لله عزَّ وجلَّ في الأرض حرماتٍ، حرمة كِتَاب الله، وحرمة رسول الله صلى الله عليه وآله، وحرمة أهل البيت، وحرمة الكعبة، وحرمة المسلم"(9).


(1)بحار الأنوار، ج67، ص71.
(2)بحار الأنوار، ج68، ص19.
(3)بحار الأنوار، ج71، ص158.
(4)بحار الأنوار، ج16، ص84.
(5)الكافي، ج2، ص170.
(6)بحار الأنوار، ج67، ص9.
(7)الوسائل، ج8، ص555.
(8)الكليني في المجلد الثاني من الكافي، ص179.
(9)الكافي، ص107، ج8، ح82.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع