نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

آداب ومستحبات: فقد الولد

السيد سامي خضرا

 



من أشد الابتلاءات فقد الولد. ويُستحب احتسابُ موتِ الولد، والصبرُ عليه، إذ من الممكن لكل واحد منَّا أن يُصاب بفِلذة كبِدِه، وهو أمرٌ أصاب الأنبياءَ والأئمَّة عليهم السلام. لذا، من المفيد أن نتعلّم من طريقة تعاملهم مع هذا الحدثِ الجَلَل، فهم يعرفون من الأسرار ونِعم الله ما لا نعرف.
عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال:
"خمس ما أثقلهن في الميزان: "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر والولد الصالح يتوفّى لمسلم فيصبر ويحتسب"(1)


* حِكمة الله تعالى وكرمه
ورد أنَّ مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله دخل على خديجة، حين مات القاسم ابنُها وهي تبكي، فقال لها: ما يُبكيكِ؟ فقالت: درَّت دريرةٌ فبكيت، فقال: يا خديجة، أما ترضَـْين، إذا كان يوم القيامة، أن تجيئي إلى باب الجنَّة، وهو قائم، فيأخذَ بيدِك، ويُدخِلَكِ الجنَّة، ويُنزِلَكِ أفضلَها؟! وذلك لكل مؤمن، إنَّ الله عزَّ جلَّ أحكمُ وأكرمُ من أن يسلُبَ المؤمن ثمرةَ فؤادِه، ثم يُعذِّبه بعدها أبداً"(2).
ومن آثار التسليم لأمر الله عز وجل في سلوكيات المتديّن، أنه يرضى بما جعل الله له، ولو كان على خلاف رغبته، أو كان ذلك فقد عزيز لأن "رأس طاعة الله، الرضا بما صنع الله، فيما أحب العبد وفيما كره..."(3).
فقد كان للإمام الصادق عليه السلام ابن، فبينما هو يمشي ويلعب بين يديه، إذ غص ومات ... فلما أخرجه للدفن، قال: "سبحان من يقتل أولادنا، ولا نزداد له إلا حباً"(4).

* الولد يشفع لأبويه
وروي أن رجلاً كان يجيء النبي صلى الله عليه وآله ومعه صبي، وسأل عنه النبي صلى الله عليه وآله بعد أن انقطع عنه، فقيل له إن ابنه مات.
فقام النبي صلى الله عليه وآله بزيارته لتعزيته، فلما دخل صلى الله عليه وآله على الرجل وجده حزيناً كئيباً، فعزّاه، فقال الرجل:
يا رسول الله، كنت أرجوه لكبر سني وضعفي.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله:
"أما يسرك أن يكون يوم القيامة بإزائك (بجنبك)، فيقال له: أدخل الجنة، فيقول: ربي، وأبواي، فلا يزال يشفع، حتى يشفعه الله عز وجل فيكم، ويدخلكم الجنة جميعاً"؟ (5).
ولما توفي ولد لعثمان بن مظعون، اشتد عليه حزنه، واتخذ في داره مسجداً يتعبّد فيه.
وعندما عرف النبي صلى الله عليه وآله بذلك، قال له:
"يا عثمان، إنّ الله عزّ وجلّ، لم يكتب علينا الرهبانيّة، إنما رهبانية أمتي الجهاد في سبيل الله، يا عثمان بن مظعون: إن للجنّة ثمانية أبواب، وللنار سبعة أبواب، أفلا يسرّك ألا تأتي باباً منها إلا وجدت ابنك بجنبه، آخذاً بحجزتك (موضع الحزام)، ليشفع لك إلى ربه عز وجل؟"(6).

* بيت الحمد
وفي الحديث الشريف: "إذا قبض ولد المؤمن والله أعلم بما قال العبدـ فيسأل الملائكة: قبضتم ولد فلان؟ فيقولون: نعم ربنا. فيقول: فماذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك ربنا، واسترجع. فيقول الله تعالى: ابنوا له بيتاً في الجنة، وسَمُّوه بيت الحمد"(7).

* جُنَّة حصينة
وسأل النبي امرأة هل لها فرط؟
قالت: نعم، فسألها صلى الله عليه وآله: في الجاهلية أم في الإسلام؟
قالت: بل في الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: "جُنَّة حصينة، جُنَّة حصينة"(8).
ولِمَنْ حزنت لموت ولدها، أَمَرَها صلى الله عليه وآله بتقوى الله عز وجل والصبر، ثم قال لها:
"أما تحبين أن ترَيْنه على باب الجنة، وهو يدعوك إلينا؟
قالت: بلى.
قال صلى الله عليه وآله: فإنه كذلك"(9).

* ملء الأرض ثواباً
"ومات لداود عليه السلام ولد، فحزن عليه حزناً شديداً، فأوحى الله عز وجل إليه: يا داود، ما كان يعدل هذا الولد عندك؟
قال: كان يا رب يعدل عندي ملء الأرض ذهباً. قال: فلك عندي يوم القيامة ملء الأرض ثواباً"(10).

* لا نَسقي إلا آباءنا
رُوي أنّ أحد الصالحين كان يعرض عليه التزويج، فيأبى، فاستيقظ من نومه ذات يوم، وهو يقول: زوّجوني... فسئل عن ذلك، فقال: "لعل الله يرزقني ولداً ويقبضه... لأني رأيت في المنام، كأن القيامة قد قامت، وكأني في جملة الخلائق في الموقف، وبي من العطش ما كاد أن يقطع قلبي، وكذا الخلائق من شدة العطش والكرب، فبينما نحن كذلك، وإذا وِلْدان يدخلون بين الناس، عليهم قناديل من نور، وبأيديهم أباريق من فضة، وأكواب من ذهب، يسقون الواحد بعد الواحد، لكنهم تجاوزوا الكثير من الناس، فمددت يدي إلى أحدهم قائلاً: اسقني، فقد أجهدني العطش، فقال: ما لك فينا ولد، إنما نسقي آباءنا، فقلت: ومن أنتم؟ قالوا: نحن من مات من أطفال المسلمين"(11).


(1) الخصال، الشيخ الصدوق، ص 267.
(2) بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج 16، ص 15.
(3) الأمالي، الطوسي، ص 197.
(4) مستدرك الوسائل، الميرزا النوري، ج 2، ص 480.
(5) بحار الأنوار، م. س، ج 79، ص 119.
(6) جامع أحاديث الشيعة، البروجردي، ج 3، ص 507.
(7) نهاية الأحكام، العلامة الحلي، ج 2، ص 289.
(8) مستدرك الوسائل، م. س، ص 394.
(9) مسكن الفؤاد، الشهيد الثاني، ص 38.
(10) م. ن، ص 5.
(11) انظر: مسكن الفؤاد، الشهيد الثاني، ص 43.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع