نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

نور روح الله: شرط الضيافة الإلهية


لقد حدثت في شهر رمضان المبارك قضية ستبقى ماهيّتها وأبعادها غامضة بالنسبة لنا إلى الأبد، ألا وهي نزول القرآن على قلب رسول الله صلى الله عليه وآله في ليلة القدر... والتساؤلات في هذه المسألة كثيرة، فما هي قضية نزول القرآن؟ وكيف نزل الروح الأمين على قلب النبي الأكرم من قبل الله تعالى ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْر؟ لا بدّ من القول إن هذه القضية تبقى غامضة ومبهمة بالنسبة للجميع ما عدا الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله والذين نشأوا في أحضانه وكانوا موضع ألطاف الله تبارك وتعالى والعناية الخاصة للنبي محمد صلى الله عليه وآله.
وتبقى كيفية نزول ملائكة الله تعالى في ليلة القدر وكذلك ماهية ليلة القدر من القضايا الغامضة والمبهمة بالنسبة لأمثالنا.


* استضافة النبي صلى الله عليه وآله بنزول القرآن
قال الرسول صلى الله عليه وآله عندما أقبل شهر رمضان المبارك: "هو شهر قد دعيتم فيه إلى ضيافة الله"(1). ما هي هذه الدعوة التي وجهها الله تبارك وتعالى لنا؟ وما هي هذه الضيافة؟ من قَبلها؟ وما هي مقدمات قَبولها؟  لا بدّ من القول إن أحداً لم يُجب هذه الضيافة التي دعا إليها الله تبارك وتعالى على النحو الذي ينبغي تلبيتها عليه عدا الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله. فكما أن للدعوة درجات، فالتلبية لها درجات أيضاً. وإن المقدمات والرّياضات التي قام بها رسول الله صلى الله عليه وآله هي التي انتهت إلى استضافة الله تبارك وتعالى رسوله بنعمة نزول القرآن الكريم. فالقرآن هو النعمة التي تحققت لدى استضافة رسول الله، وهي التي كان يتمتع بها النبي الأكرم صلى الله عليه وآله على تلك المائدة المبسوطة منذ الأزل وحتى الأبد... أما المقدّمات فكانت الرياضات المعنوية التي قام بها على مدى سنوات طويلة حتى أوصلته إلى مرتبة استحق بها هذه الضيافة. أما المهم في هذا الأمر فهو الإعراض عن الدنيا، وهذا هو السبيل إلى الدخول في ضيافة الله.

* التوجه إلى مبدأ النور
إن الذي يقود الإنسان إلى ضيافة الله هو التخلي عمّا عداه. وهذا أمر تيسّر لأناس معدودين كان في طليعتهم رسول الله صلى الله عليه وآله.. لأن التوجه القلبي لمبدأ النور والإعراض عمّا وراء الله، هو الذي جعل من النبي الأكرم صلى الله عليه وآله مستحقاً للضيافة ولنزول القرآن على قلبه مرة واحدة وبسهولة. أضف إلى أن أحد احتمالات الليلة المباركة بُنية الرسول الأكرم نفسه، التي هي مشكاة نور الله، كما أن ثمة احتمالات أخرى. المهم إدراك هذا المعنى، وهو أن مراتب كمالات الإنسان، للولوج إلى ضيافة الله، كثيرة ويجب البدء بالمقدمات، ومن هذه المقدمات أن لا يكون هناك توجه لغير الله، والتخلي عن كل شيء غير الله جلّ وعلا. هذا الأمر مطلوب من الناس جميعاً. فمن أراد الالتحاق بضيافة الله، يجب عليه الإعراض عن الدنيا قدر استطاعته وإدارة ظهره لها.

* الاستقامة مسؤولية
والمهم أيضاً مراعاة التوجه القلبي، والتحكم بمتعلقات القلب. إن تكديس الثروة والتوجه لبهارج الدنيا مذموم، لأنه يقود الإنسان إلى غير الله ويحرمه من ضيافة الله تعالى. فمن غير الممكن تلبية دعوة الله والالتحاق بضيافته جلّ وعلا من دون أن تنسلخ قلوبكم عن هذه الدنيا. إنّ ما اهتم به أولياء الله هو تهذيب النفس وانتزاع القلب مما عدا الله والتوجه إليه سبحانه، لأن كل المفاسد التي تحدث في العالم هي وليدة الاهتمام بالنفس بدلاً من التوجه إلى الله وإن كل الكمالات التي تحققت لأنبياء الله وأوليائه كانت بوحي من انتزاع القلوب من غيره تعالى واللجوء إليه، ويتجلى كل ذلك في أعمالنا فضلاً عن أنفسنا. وثمة مسؤولية أخرى ملقاة على عاتقنا تجاه أبناء جنسنا تتضح في سورة هود حيث أُمر الرسول صلى الله عليه وآله: ﴿فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَن تَابَ مَعَك (هود:112). فكما أنكم مكلفون بالاستقامة كذلك أنتم مكلفون بالعمل على استقامة الناس بوحي من استقامتكم. فإن المسؤولية المترتبة على ذلك ليست مسؤولية شخصية وإنما هي مسؤولية إسلامية عامة.


(*) من خطاب للإمام الخميني قدس سره في 29 شعبان 1403هـ. أمام علماء الدين بمناسبة حلول شهر رمضان المبارك.
(1) المصباح، الكفعمي، ص 633.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع