نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

حكمة الأمير: قُرب النوافل والفرائض

الشيخ علي ذوعلم

 



"لا قربة بالنوافل إذا أضرّت بالفرائض"(1)
إن الهدف من دين الإسلام هو إيصال الإنسان إلى سعادته الأبديّة وحياته الخالدة المتكاملة. والإنسان هو الموجود الوحيد الذي يستحقّ خلافة الله تعالى. لذا جعل الله تعالى الدين للإنسان ليتمكن من خلال لياقته وعلمه ومعرفته من الوصول إلى طريق الكمال. وكان الإسلام هو الطريق الوحيد للوصول إلى تلك الخلافة. فقد سلك الأنبياء العظام هذا الطريق بواسطة الهداية الإلهية واتّباع الإسلام، لذلك فإن اتّباع غير الإسلام لن يوصل إلى الكمال المطلوب.


إن أنبياء الله تعالى وأولياءه هم النموذج الأعلى للأشخاص المهتدين الذين يشكلون واسطة الفيض في سلوك البشرية ووصولهم إلى طريق الكمال. وعلى هذا الأساس يمكن اختصار دورهم وجهدهم في إيصال الإنسان إلى طريق الله تعالى من دون أي انحراف أو تحريف.

* الفهم الناقص
الإمام علي عليه السلام في كلامه هذا يحذرنا من الوقوع في الانحراف والضلال ويدعونا إلى الانتباه من الفهم الناقص الذي يؤدي إلى تبدل الأولويات في فهم الدين وبالتالي استبدال حكم الله ودين الله بغيره. فالإسلام، الطريق الوحيد للكمال، يشتمل على مجموعة من المعارف والقيم والأحكام الفردية والاجتماعية منها الواجب، والفريضة، ومنها النافلة، والمستحب.

أما الواجبات فهي الأمور التي يؤدي عدم القيام بها إلى ترك مسير الهداية والكمال. والمستحبات والنوافل هي الأعمال التي لا يؤدي تركها إلى إيجاد خلل في السير نحو الكمال، ولكن الإتيان بها يؤدي إلى الوصول والارتقاء بشكل أسرع. وقد أصبح الواجب واجباً على أساس أن الله تعالى جعله ضرورياً في الوصول إلى فلاح الإنسان ونجاته. ولكن يُلاحظ أن العديد من المسلمين يرجّحون المستحبات على الواجبات، حتى أن بعضهم يضحي بالواجب من أجل المستحب.

* الواجبات أولاً
أما سبب هذا الإشكال فهو الظن والاعتقاد بأهمية كبيرة للمستحبات في التقريب إلى الله تعالى على حساب بعض الواجبات أو ارتكاب المحرمات. والحقيقة أن المستحبات يأتي دورها بعد ترك الحرام والقيام بالواجبات. وعلى هذا الأساس يتحدث الإمام أمير المؤمنين عليه السلام عن أن الإتيان بالواجب وترك الحرام هو مصدر التقوى، وإذا لم تكن التقوى موجودة فلا يُقبل حينها أي عمل مستحب.

بناءً على هذا، فإن المستحبات تترك آثارها المطلوبة في تقريب الإنسان من الله بشرط أن لا تكون على حساب الواجبات أو الإتيان بالحرام. وفي الواقع يجب الالتفات إلى شريعة الله تعالى التي جعلت بعض الأعمال واجباً وبعضها الآخر مستحباً. وعلينا أن نأخذ بعين الاعتبار أولوية هذا التقسيم، فنهتم بالفرائض اهتماماً كاملاً، لأنها توصل إلى مرضاة الله تعالى ثم نأتي بعدها بالنوافل. وعلينا أن نقبل بأن الله تعالى صاحب الحكمة والرحمة أعلم منا في تبيين طريق سعادتنا وكمالنا.


(1) نهج البلاغة، خطب الإمام علي عليه السلام، الشريف الرضي، ج 4، ص 11.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع