نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

مجتمع: انتبه...إلى ما يكتب على ثيابك!

تحقيق: زهراء عودة شكر



استوقف أحد السائحين الأجانب رجلاً عربياً بصحبته طفله الصغير، وسأله: ما سعر هذا الطفل؟ فسيطرت الدهشة على الوالد إثر هذا السؤال، واستغرب السبب الذي دعا الأجنبي لأن يسأله إيّاه، حتى أدرك أن الجملة الأجنبية التي كتبت على قميص طفله، وهي "Baby For Sale "معناها طفل للبيع. وهكذا حال الكثير من الكلمات الأجنبية، التي تحمل المعاني المضادة والمخالفة للقيم الأخلاقية وللنظم الاجتماعية ولتعاليم ديننا الحنيف.

ومع شيوع هذه الموضة ورواجها في الغرب، وغزوها لبلادنا، صرتَ تلحظها متفشّية بصورة كبيرة في صفوف الشباب، بل والأطفال وحتى كبار السنّ. والجدير ذكره أن معظم من يرتدي هذه الثياب لا يدرك معنى العبارات والرموز التي خطّت عليها، والفئة القليلة التي تدركها، لا يهمّها إلا أنْ تُجاري الموضة، خاصةً وأن اختيار الثياب لم يعد هاجساً مقتصراً على فئة الشباب فقط، بل أصبح أيضاً أحد الأولويات التي تحاكي اهتمامات الأطفال الذين يصطدمون مع آبائهم بسبب تضارب الأذواق حيناً، ورفض الثياب التي تحمل كلماتٍ ورموزاً نابيةً وغيرَ لائقةٍ حيناً آخر.

* كيف يتعامل الأهل مع خيارات أبنائهم؟
عن كيفية تعاطي الأهل مع خيارات أبنائهم فيما يتعلق بنمط اللباس والموضة تتحدّث السيدة "مريم" عن طفلتها "هاجر" (ست سنوات) التي تصرّ على اختيار ثيابها بنفسها، وتقول: "يزعجني عناد ابنتي عندما أذهب لأبتاع لها الثياب، ولكني أحاول أن أتمالك أعصابي قدر الإمكان وأسايرها كثيراً حتى أستطيع مشاركتها في انتقاء ما يناسبها". وتشكو السيدة "زينة" من الصدامات الدائمة مع ابنتها "فاطمة" (عشر سنوات): "أصطحب ابنتي إلى السوق، مع أنها ترهقني بعنادها، ولكن في الكثير من الأحيان أتجاوز ذلك وأختار لها ما يتناسب مع عمرها والإمكانات المادية. أحاول إقناعها بما يتناسب مع سنّها".

* على خطى الموضة
من جهة أخرى لا نستطيع أن نتجاوز ظاهرة التعليقات الشاذّة والغريبة التي اجتاحت ثياب الشباب والفتيات بشكل واسع في الآونة الأخيرة، فبتنا نقرأ آلاف التعليقات على ثيابهم، بعضها يحاكي لغة العصر كالكلمات والرموز التي تستعمل في مجال التواصل عبر الإنترنت مثل LIKE أو SMILY FACES، وبعضها يحاول تمرير رسائل ومفاهيم لا تمت إلى مجتمعاتنا بصلة. والكارثة أن بعض الناس يفهمها فيما الكثيرون لا يدركون معناها ومغزاها. أما الشبان فيعتبرون هذه الرسوم الملصقة والعبارات المُحاكة على الثياب ضرباً من ضروب الموضة والحداثة ومواكبة العصر، ولا يلتفتون إلى أنها تقليد أعمى للنموذج الغربي الذي لا يتناسب مع المفاهيم الإسلامية والتربوية في مجتمعاتنا المحافظة. التقينا "محمد" الذي اعتبر أنه يجاري في ما يلبس الموضة والموديلات الغريبة ولا يهتم إلى ما يُكتب على الثياب: "لا ألحق موضة الشعارات والصور على الألبسة، بل أكثر ما يهمني أن تكون ثيابي وفق الموضة تليق بي وتريحني، فالأهم بالنسبة لي اللون والموديل". وفي هذا الخضم، تحكي لنا "ريما" قصّتها قائلةً: "تعرَّضت لمضايقات لا توصف لدى تجوالي في الشارع، في البداية لم أدرِ السبب، ثم تبين لي أن العبارة المكتوبة على سترتي كانت السبب فتخلصت منها، ولاحقاً صرت ألتفت إلى ما يكتب، كي لا أقع في الإحراج ثانيةً".

* الرموز والعبارات أدوات بيد الموضة
أضف إلى الصور والشعارات قضية أخرى نواجهها اليوم وهي قضية بلغت من الخطورة درجة لا يستهان بها، فقد غزت أسواقنا مؤخراً ثياب وحلي للمراهقين والشباب تحمل رموزاً، وعلى الرغم من أن مصدرها الغرب إلا أنها محصورة في فئة معينة في مجتمعاتهم ولا يرتديها معظم الأجانب نظراً لمعانيها ودلالاتها الشاذة وغير الأخلاقية، فيما تجد بعض شبّاننا يستهلكونها دون أن يلتفتوا لخطورة الأمر، فتجد أحدهم حاملاً على صدره وظهره رأس المعزة، والجمجمة النارية على أرضية سوداء وحمراء، وهي حقيقةً من رموز عبدة الشياطين. وكثيراً ما تتسلل شعارات بعض الأديان الأخرى، أيضاً، وغيرها من الرموز إلى تصميمات الملابس. كما هناك الألفاظ ذات البعد الرخيص، التي تجدها مكتوبة في معظم الأحيان باللغة الإنكليزية على الملابس الملونة ومنها do not touch لا تلمسني، take me خذني، follow me اتبعني،  ومن الجمل والعبارات التي لها علاقة بالأديان: zion صهيوني، Trinity الثالوث، Madona العذراء، Brahman كاهن هندوسي، Atheist ملحد، Synagogue كنيس يهودي!! ومن الكلمات التي لها علاقة بالخمر والمشروبات الكحولية spirit و Brandy ومن عالم الحيوان: Sow: خنزيرة، Big Bull ثور، Dog كلب. ومن المذاهب المشبوهة: ماسوني: 666 Mason أو FFF من رموز عبدة الشيطان. ومن أغرب ما يكتب أيضاً: نحن نشتري الناس WE BUY PEOPLE، اشترني BUY ME، صبيّ للبيع BOY FOR SALE.

* وجهة نظر الدين
وللاطلاع أكثر على رأي الدين من هذه الإشكالية تواصلنا مع الشيخ إسماعيل حريري (عضو مكتب الوكيل الشرعي في لبنان)، للوقوف أكثر على هذا الموضوع.  هل يفترض أن يقوم الأهل بدور الرقيب على أبنائهم حين شراء ثيابهم؟ وهل يجب أن يفرضوا عليهم ذوقهم الخاص في نوعية الثياب إذا لم يحسنوا اختيار ما يلائم؟ الواجب على الأهل الإرشاد والنصح والتوجيه، فإذا صدر عن الأولاد ما يخلّ بالالتزام الشرعي في اللباس وغيره وجب عليهم نهيهم عن ذلك عملاً بوظيفة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع رعاية شروطهما ومراتبهما.  يلبس بعض الشباب في أيامنا هذه ملابس كتب عليها عبارات تخدش الحياء ولا تناسب الدين، فما هي برأيكم الأبعاد التي تُتوخى من هذه الرموز والعبارات؟ لا يجوز ارتداء ما ينافي العفة والأخلاق الإسلامية، أو ما كان ارتداؤه يعدّ إشاعة للثقافة الغربية المعادية. أما أبعاد ذلك فإن أعداء الأمة يتوخون منها إشاعة الفساد والانحراف والتبعية الثقافية تمهيداً للاستيلاء بجميع وجوهه. فالمسألة ليست مسألة لباس وإنما هي مسألة ثقافة وتفكير وحمل مفاهيم صحيحة أو باطلة. وهذا له تأثير كبير في تربية الإنسان وتعبئته فكرياً.

* ثقافة معادية
- كيف ينظر الدين إلى هذه القضية؟ وبرأيك هل هناك سعي لتطبيع الأمة مع الرذيلة ورموزها؟ الين الإسلامي لا يريد للإنسان إلا الخير والصلاح لدنياه وآخرته. ومن أهم ما يعنى به الدين الإسلامي سلوك الفرد الذي هو دعامة المجتمع. فإذا كان سلوك هذا الفرد صحيحاً وسليماً فسينعكس ذلك إيجاباً على المجتمع والعكس صحيح. ولا شك أن أعداء الأمة يهدفون من خلال بثّ ثقافة معادية ولو من خلال اللباس أن يسلبوا الأمة صلاحها وخيرها ولذلك علينا أن نحذر ونحذّر من هذه الثقافة. ختاماً، إنّ التطور في عالم الموضة لا‮ ‬يمكن لأحد إيقافه، ولكن علينا أن نراقب موضوع لباس أبنائنا كي يسلكوا مسلكاً إيمانياً يحافظ عليهم في مجتمعات كثُرت ذئابها الضارية. ‬

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع