نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

نور روح الله: علي عليه السلام.. العارف بالله حقاً


مبارك هذا اليوم (يوم ميلاد الأمير عليه السلام) الذي يعدّ أفضل الأيام في مذهب التشيّع لكافة المسلمين والشيعة على وجه الخصوص. أحياناً، يتبادر إلى ذهني سؤال مفاده: كيف يمكننا أن ندّعي أنّنا شيعة ذلك الرجل العظيم؟ فلو لاحظ المفكرون والكتّاب ومن يملكون معلومات غزيرة الأبعاد المعنوية والمادية والجهات الأخرى لتلك الشخصية وتمعّنوا فيها بدءاً بالأبعاد التي حازها ذلك الرجل العظيم منذ نعومة أظفاره حتى شهادته وأخضعوها للدراسة لرأينا كيف يمكننا أن نزعم أنّنا شيعته. يجب أن يُظهر الجميع وكل من ادعى التشيع إلّا النزر القليل ممن كانوا في صدر الإسلام نظير أئمة الهدى عجزهم عن معرفة أبعاده. ليس بمقدوري أن أفصّل في هذا المجلس حتى بعداً واحداً من تلك الأبعاد، لكن لا بدّ من ذكر بعضها لفتح المجال أمام ذوي المعلومات الغزيرة والمعارف الكثيرة وذوي الجوانب المعنوية الوفيرة كي يفكّروا ويتأملوا بصورة صحيحة؛ يتأملون فيه وفي أنفسهم.

* كيف أصبر على فراقك؟
في بُعد العلوم والمعارف، مَن شاهد أدعية ذلك الإمام الهُمَام وتأمّل في كتاب نهج البلاغة يعلم مرتبته ومنزلته؛ أي أنّه أدرك العلوم والمعارف القرآنية، وكذلك حال من علمه مثل أئمة الهدى، فادّعاء امتلاك المعارف يسير جداً. قد ينظم الإنسان الشعر والنثر ويدّعي ما يشاء، وكثيراً ما حصل ذلك. لكن حقيقة الموضوع، ما هي؟ عندما نمعن النظر في أنفسنا لا تستطيع إيجاد شبه بيننا وبينه. انظروا إلى ذلك العشق الذي يكنّه للمولى تبارك وتعالى والذي يصرح به في دعاء كميل:  "فهبني يا إلهي وسيّدي ومولاي وربّي، صبرت على عذابك فكيف أصبر على فراقك، يمكن نظم نظير ذلك في شعر أو نثر، أو إلقاؤه في خطبة. لكن هل هذا مطابق للواقع؟ وهل نحن كذلك؟ وهل أنّ المهم بالنسبة لنا ولأمثالنا فراق الحق تبارك وتعالى؟ نفكّر في الفراق بمقدار ما نفكّر في نار جهنم؟ تختلف نار جهنم عن هذه النيران؛ إنّها تحرق القلب كذلك، أي تحرق القلب المعنوي بالإضافة إلى إحراقها الجسد. وهو يقول: "صبرتُ على عذابك فكيفَ أصبرُ على فراقك. هل شعر أحدنا بالتأثُّر لحظة واحدة لأجل فراقه الحق تعالى.

* عبادة الأحرار
إحدى المسائل التي وردت في نهج البلاغة وفي الكتب الأخرى نقلاً عن سائر الأئمة عليهم السلام أنّ الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قسّم العبادة إلى ثلاثة أصناف: أحدها عبادته خوفاً منه وتلك عبادة العبيد، والأخرى عبادته طمعاً في جنته وطلباً للثواب وهي عبادة الأجراء، والثالثة عبادته حباً له وشوقاً إليه وهذه عبادة الأحرار. افرضوا حصولكم على وعد قطعي بعدم دخول جهنّم وأن تدخلوا أنتم والجميع الجنّة وتخلدون فيها بعد أن توصد أبواب جهنّم، فهل تستمرّون على عبادة الله؟ أو يقال: أعبدوني حباً لي، فهل ترون في أنفسكم أنّ محبّة الله تجبركم على عبادته، لا الخوف منه ولا الرجاء ولا الأغراض النفسيّة الأخرى. يمكن ادّعاء ذلك كأن نقول: "أنا أحب الله أيضاً، لكنّنا هل نحبه حقاً، أم أنّ كل ما لدينا حب للنفس والله مرتبط بنا من باب حبّنا أنفسنا؟ إلى الآن لم نخطُ خطوة خارج درجات النفس؛ يعني لم نخطُ الخطوة الأولى التي يسميها أهل السّير "اليقظة. ما زال حجاب الطبيعة يغطّينا ويحتمل أن يبقى ملازماً لنا إلا إذا أمدَّنا الله بألطافه.

* عاجزون عن معرفة أبعاده
الإمام علي عليه السلام ذو شخصيّة شاملة من ناحية عبادته، ومن ناحية معارفه، حيث لا نستطيع ذكر جميع ذلك الآن، من ناحية زهده وتربيته، تلك التربية وذلك التهذيب الذي لم يجعله يتجاوز الخبز والملح والشيء البسيط برغم توفّر جميع الإمكانيات لديه. وقد رأيتم وسمعتم بما كتبه التاريخ حول قضية بيت المال، حيث أطفأ السراج عندما خرج الحديث عن موضوع بيت المال. تلك قصص نسمعها، ومع كونها واقعية فإنّها لا تتجاوز القصة بالنسبة لنا، أما نحن فلسنا كذلك. في مسألة الحرب، لا نبالغ إن قلنا إنّه لم يغمد سيفه منذ أن شَهَره بوجه الأعداء إلى آخر حياته. اشترك في جميع غزوات رسول الله صلى الله عليه وآلهإلا ما ندر. وبعد أن بايعه الناس عاد ليقضي عمره الشريف في الحروب الداخلية.  لو كنت إنساناً عارفاً، فليس من الصحيح أن أتنحى جانباً لكوني عارفاً، ولو كنت زاهداً أيضاً، ليس من الصواب أن أتنصل من مسؤوليتي وأتخلى عن مصالح المسلمين لكوني كذلك، كما أنّني إن كنت عالماً فقيهاً لا يجوز لي الانزواء وعدم التفكير بما يمر به المسلمون. الإمام عليه السلام كان حاوياً لكل هذه المعاني. كان يزخر بالتوحيد بأعلى مراتبه، والمعرفة بأرفع درجاتها، والفقه بأسمى مراتبه، وكل علم كذلك بالإضافة إلى الجهاد في المرتبة الأولى، وهذا هو معنى استيعابه للأبعاد المختلفة؛ فلا يضطره الاتصاف بهذا البعد إلى التخلي عن غيره من الأبعاد.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع