نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

المخدرات أنواع وأضرار

الدكتور عفيف شميساني*

 



المخدرات آفة قاتلة، والإدمان عليها لا يقل خطورة عن أي مرض يصيب الإنسان حتى يمكن أن يكون أكثر الأمراض خطورة. وآفة المخدرات لها أبواب عديدة أوسعها باب التدخين والنرجيلة، اللذين قد يجران الشاب للانفتاح على عالم يحكمه ابتزاز وسطوة مروجي المخدرات الذين يهدفون للربح المادي على حساب تدمير المجتمع وصحة الشباب.

* الإدمان وأنواعه
الإدمان هو التعود الشديد على استعمال إحدى المواد والعقاقير المخدّرة أو المنبّهة بحيث لا يمكن للمدمن الامتناع أو التخلي عن التعاطي وبجرعات تكون عادة متزايدة. والامتناع أو الانقطاع عن تلك المواد يحدث أعراضاً عضوية ونفسية تختلف باختلاف المادة المخدرة أو المنبهة وكميتها وطول مدة تعاطيها. والإدمان أو "الاعتماد Dependence" إما أن يكون إدماناً عضوياً Physical أو إدماناً نفسياً Psychic أو كليهما معاً. وتظهر أعراض الإدمان العضوي على المدمن عند احتياجه للجرعة على شكل غثيان أو قيء أو اختلاف في سعة حدقة العين أو العرق الغزير وارتعاش الأطراف. وقد يصل في الحالات المتقدمة إلى التقلّصات العصبية التي تشبه الصرع وأحياناً الوفاة وذلك لاعتماد الجسم على المخدر في أداء بعض وظائفه. أما الإدمان النفسي فيتمثل في حالات القلق والأرق وعدم التركيز والخمول وانحراف الحواس كالسمع والبصر وسوء تقدير الزمن والمسافات، وفي بعض الحالات الهياج الشديد والعدوانية وإيذاء الذات إلى حد الانتحار والاعتداء على الآخرين.

* أنواع المخدرات وأشكالها
أنواع المخدرات كثيرة ومنها:

ـ المواد التي تسبب اعتماداً نفسياً وعضوياً: مثل الأفيون ومشتقاته كالمورفين والكوكايين والهيرويين.
ـ المواد التي تسبب اعتماداً نفسياً فقط: مثل الحشيش والقات وعقاقير الهلوسة.

* طرق تعاطي المخدرات
* الحشيش
يتم تعاطي الحشيش عن طريق التدخين (سيجارة، سيجار) أو عن طريق الشراب أو الأكل. وهي توحي لمن يتعاطاها بأنه سعيد، ناسٍ لهمومه وممكن أن تبدو عليه عوارض: كفتح الشهية..

* الأفيون
يستخدم الأفيون في المجال الطبي لتخفيف الألم، ويستعمل على شكل محاليل تؤخذ في الغالب في العضل حتى لا يتعرض المريض لإدمانها، أو أقراص تؤخذ عن طريق الفم. وأما التعاطي غير الطبي فيؤخذ عن طريق التدخين، أو البلع.

* المهلوسات
سمّيت بهذا الاسم لآثار الهلوسة التي تحدثها على شخص المتعاطي، وهي في الغالب تخيّلات عن أصوات وصور وهمية، وأهم هذه المهلوسات عقار L.S.D وعقار P.C.P. وتكون المهلوسات على شكل حبوب تؤخذ عن طريق الفم.

* المنشّطات (الأمفيتامينات)
تنتشر في الوسط الرياضي وبين طلبة المدارس والجامعات، وسائقي الشاحنات على الطرق الخارجية والدولية، وذلك لآثارها المنشّطة على الجهاز العصبي، ومن أشهر طرق تعاطيها التعاطي على شكل حبوب تؤخذ عن طريق الفم.

* المورفين والهيرويين
للمورفين خاصيّة كبيرة في تسكين الآلام، إلّا أنه يسبّب الإدمان الفسيولوجي، حيث يؤثر على وظائف خلايا المخ. والهيرويين من مشتقات المورفين ويكثر استعماله عن طريق الشم، ويتم إدمانه بعد أسبوع من البدء في تعاطيه. طبياً، الهيرويين مادة قاتلة بالنسبة للقلب والشرايين وخاصة بالنسبة للجهاز العصبي. وعندما يبدأ المدمن بتعاطي الهيرويين يصبح جهازه العصبي معتمداً عليه اعتماداً شبه كلي. مع استمرارية تعاطي هذه المادة ومع مرور الزمن يصبح التراجع والتوقف عن أخذه صعباً جداً بدون عناية طبية وتدخل أخصائيين اجتماعيين ونفسيين أو مؤسسات تعنى بوقف التعاطي.

* الكوكايين
يؤخذ الكوكايين بطرق متعددة تتشابه إلى حد كبير مع الحشيش، سواء عن طريق الشم أو التدخين أو مع بعض الأطعمة والمشروبات.

* كيف تبدو المخدرات؟
غالباً ما تكون المخدرات على شكل بودرة, أقراص (حبوب), أشتال, سائل, زيوت, شراب.

* النرجيلة والإدمان
إن ظاهرة النرجيلة منتشرة بشكل غير مقبول وتكمن خطورة انتشارها بأن بعض الذين يدخنون النرجيلة يستعملون الـ Extasy والـ tramal والذي يتعاطاه بواسطة النرجيلة يدمن عليه.

* أصبح مدمناً دون أن يدري
ولا بد من ذكر قصة مهمة مع أحد الشباب مخافة أن تتكرر وهي: أنه جاءني، ذات مرّة، والد لشاب دون العشرين من العمر، وقد شكا لي أن ولده أصبح شارد الذهن، لا يركز، ويتعاطى بعصبية مع الجميع دون أي سبب وقال الوالد إن ابنه يذهب إلى مكان معين يومياً باستمرار ولا يحب أن يذهب إلى أي مكان آخر من الأمكنة وهو لا يعرف السبب ولماذا. فقلت له إنه يجب علينا أن نجري له تحليلاً مخافة أن يكون يتعاطى المخدرات، وبالفعل أُجريَ التحليل الذي يسمى مورفيا ألكالويدز morPhia Alkaloids وتبين أنه يعاني من الإدمان دون أن يدري. ذلك أنه في المكان الذي اعتاد أن يرتاده كانوا يدسون له الحبوب المخدرة في المشروب أياً كان نوعه (العصير، الشاي، القهوة) وشيئاً فشيئاً بدأ يدمنه دون أن يدري.

* الآثار الجسمية والصحية
المخدرات تساهم في انتشار مرض الإيدز والتهاب الكبد الوبائي "ب". من دون شك إن تعاطي المخدرات عن طريق الحقن يساهم في انتشار مرض الإيدز ومرض التهاب الكبد الوبائي B وهو نوع من الأمراض التي تسبب تشمع الكبد الذي لا يقل خطورة عن أي سرطان يصيب الإنسان. الهيرويين أيضاً مدمر للأعصاب وكل الخلايا العصبية وخاصة الخلايا الدماغية، ومدمر للجهاز الهضمي وللكبد بشكل خاص. لذلك نجد أن متعاطي الهيرويين ومدمنه يعاني من أمراض في مختلف أنحاء جسده ويفقد شهيته للطعام ويصبح همه فقط شراء الهيرويين. كما إن قدرة المدمن على الإنجاب تقل بأكثر عن 50% عن الشخص الطبيعي. أما بالنسبة لتأثير المخدر على المرأة الحامل فإنه يسبب للجنين تشوهات جينية، أو يسبب ضعفاً وبطئاً في النمو الجسدي وتخلفاً في النمو والعقلي.  وهناك صعوبة في العلاج إذا كانت المدمنة حاملاً لأن المعالجة تحتاج إلى وقت طويل. وفي حالة الحمل فإن فترة المعالجة تبقى محددة بشهور. فيبدأ العلاج بالأدوية التي لا تضرّ بالجنين ويستكمل العلاج بعد الولادة. وهذه العملية ليست سهلة أبداً.

* الوقاية والعلاج
بالنسبة لعلاج الإدمان عالمياً هناك مؤسسات متوافرة ولها ميزانيات معقولة أما في لبنان فيفوق دور المؤسسات الخاصة دور المؤسسات التابعة للدولة والتي ليست بالقدر الكافي والفعّال للتأهيل والعلاج. إن أهم ما يعوّل عليه في هذا الموضوع هو الميزانية وتوفر الطاقات البشرية. أما أهم نقطة في العلاج فهي تبدأ من عدم إعطاء المدمن المادة المخدرة وإعطائه بديلاً عنها حتى يصبح بمقدوره تدريجياً طلب المادة ليصل في نهاية المطاف إلى الاستغناء عنها كلياً. يمكن للمدمن إذا تعافى أن لا يعود للإدمان، خاصة، إذا كان لديه إرادة للانقطاع عن التعاطي وتوفرت له مؤسسات ذات مواصفات عالية وطاقة بشرية وعناية وأخذ الوقت المطلوب في العلاج. وإن عدم عودة المدمن للمخدرات هو رهن البيئة والمحيط الذي سوف يعيش فيه بعد الشفاء.

* دور الطبيب في حماية المجتمع من الإدمان
تمّ اتخاذ إجراءات تتعلق بهذا الموضوع بعد أن طلبت وزارة الصحة من الأطباء والصيادلة الامتناع عن إعطاء أي دواء يحتوي على نوع من التخدير أو نوع من المسكن القوي بدون وصفة طبية. وهذا الإجراء ممكن أن يحد من انتشار الأدوية التي تؤسس للإدمان في حال التزم القيمون على هذا الموضوع بمسؤولية.  وفي الختام نقول إن الإدمان لا يقل خطورة عن أي مرض نسمع به يقتل البشر. والابتعاد عن الإدمان هو في الحقيقة خدمة للمجتمع ويعم بالفائدة على الجميع.


*صحة عامة – بكالوريوس الطب والجراحة ونائب رئيس جمعية الأطباء المسلمين.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع