نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

أول الكلام: وأعدُّوا لهم ما استطعتم

السيّد علي عباس الموسوي



من خصائص الرسالة المحمديَّة أنَّها الرسالة الخاتمة التي كفلت وتكفل سعادة الإنسان منذ أُنزِلَت على رسول الله صلى الله عليه وآله وإلى يوم القيامة. ومن هذه الخصوصيَّة تحديداً كانت الشريعة التي تستجيب لكافَّة الاحتياجات الإنسانيّة، فشرَّعت بتعاليمها للإنسان كلَّ ما يحتاج إليه في حياته الفرديَّة والاجتماعيَّة.

ولهذا مظاهر عديدة في أحكام هذا الدِّين، فالعبادات التي شرَّعها الله عزّ وجل تكفل إِشباع حاجة الإنسان الروحيَّة والمعنويَّة، والمعاملات تنظِّم حياة الإنسان الاجتماعيَّة، والواجبات الكفائيَّة التي فرضها الله عزَّ وجل تكفل سدَّ بعض الثغرات التي يُبتلى بها المجتمع، كالجهاد الذي شرَّعه الله عزَّ وجل لحماية بلاد المسلمين وحماية المجتمع الإسلامي، وليكون باباً لنشر دعوة الدِّين. والجهاد الذي فرضه الله عزَّ وجل كما يكون بالحرب والقتال، يتَّخذ أشكالاً أُخرى، ولا سيما في عالمنا اليوم، فإذا كان الجهاد في صورته البارزة والبيِّنة هو الجهاد بالنفس من خلال القتال والتضحية بالنفس، فإنّ للجهاد صوراً أُخرى، كالجهاد في العلم وطلبه للرقيِّ بالمجتمع الإسلاميِّ، والجهاد في تربية المجتمع الإسلاميِّ وصونه من الضلال والانحراف، عبر تحصينه بكلِّ الوسائل المُتَاحة، والجهاد في الاقتصاد بتأمين ما يحتاج إليه المجتمع من متطلَّبات الحياة الماديّة، بل وتأمين الرفاهيّة الماديّة لأفراد المجتمع، هذه الرفاهيَّة التي تُقارن بالاستقلال الموجب للعزَّة والكرامة لا الذلّ والاستجداء.

وإذا كانت الحروب التي تُخاض في عالمنا اليوم تنحو منحى الحرب الاقتصاديَّة في الغالب، فإنَّ هذا يفرض على المجتمع المسلم أن يستعدَّ لهذا النحو من الحرب، كما يستعدّ للحروب الأخرى التي يقودها الأعداء من حرب عسكريّةٍ أو نفسيّةٍ لمواجهة المجتمع الإسلاميّ.

وإذا كان الاستعداد للحرب العسكريَّة يقضي بتوفير وسائل وأدوات ومهارات القتال من قوّة ومن رباط الخيل فإنَّ الاستعداد للحرب الاقتصاديَّة يكون بتوفير مصادر الاستقلال الاقتصاديّ للمجتمع المسلم، لكي لا يكون تحت رحمة أعدائه، فيحتاج إليهم في لقمة العيش ومصادر الرزق. لقد حثّت الروايات الكثيرة على السعي في طلب الرزق، بل جعلت الساعي في طلب الرزق كالمجاهد في سبيل الله، لأنّه يضمن بسعيه هذا عزَّته وكرامته واستقلاله. وكما أنَّ الجهاد نوع من العبادة لله عزّ وجلّ، فكذلك طلب الرزق هو نوع من العبادة لله عزّ وجل. وإذا كان سموّ الهدف من موجبات سموِّ العمل، فإنَّ السعي في الرزق والعمل في التجارة والصناعة وغيرهما إذا كان بهدف إرساء دعائم القوّة في المجتمع الإسلامي، فإنّ هذا العمل يكون سامياً لسموِّ الهدف المرجوِّ منه. وإذا كان الهدف هو دعم نقاط القوَّة في المجتمع الإسلاميّ، فإنّ في هذا نوعاً من الجهاد، لأنّ الساعي في ذلك هو كالمجاهد الذي ينظر إلى أمَّته ودينه قبل أن ينظر إلى نفسه وذاته.

من هنا ندرك البُعد الذي رمى إليه الإمام القائد السيد الخامنئي "دام ظله" عندما أَطلق على العام الهجري الشمسي الجديد تسمية (عام الجهاد الاقتصاديّ). إنّ استقلاليَّة مجتمعنا المسلم اقتصادياً تشكِّل عاملاً مهماً في ريادته لسائر المجتمعات، وباباً من أبواب الدعوة إلى دين الله، لأنَّنا بذلك نجذب سائر الناس إلى هذا الدين وإلى ثمرة الإيمان بهذا الدّين. وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع