نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

في رحاب بقية الله: كلنا أنصار المهدي


الشيخ نعيم قاسم


تتحمل الأمة مسؤوليتها بنصرة الإمام المهدي عجل الله فرجه زمن ظهوره، بحيث يكون الجميع من الرجال والنساء والشيوخ والأطفال في هذا الركب، وهو ما نتلمسه بوضوح في الرسالة الإسلامية التي اتجهت إلى الناس كافة، وإلى الرجل والمرأة، قال تعالى: ﴿مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (النحل: 97). كما اعتبر الإسلام أن موقع الصلاح والدعوة إلى الله تعالى يشمل الرجال والنساء في دعم المسيرة الإلهية، قال تعالى: ﴿إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللهَ كَثِيراً وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً (الأحزاب: 35).

هذه المسؤولية بالنصرة، وهذا الدور في الدعوة إلى الإسلام وإقامة العدل على الأرض، ينطبقان أيضاً في زمن الغيبة، وفي عصر الظهور، بحيث يعمل أفراد المجتمع كافة لإعلاء كلمة الدين. ومن الطبيعي أن تختلف مهام الأفراد باختلاف إمكاناتهم وأدوارهم، فكما رأينا هذا الاختلاف في تصدي الرجال بشكل عام للقيادة بحسب المقومات التي أودعها الله تعالى فيهم، والمسؤولية التي ألقاها على عاتقهم، تصدَّت النساء للأمور المجتمعية الأخرى والبيئة الحاضنة لنمو الحضور الإسلامي الأصيل، انسجاماً مع ما أعطاهنَّ الله تعالى من إمكانات، وما كلفهنَّ به من دور.

* الرجال في نصرة الإمام عجل الله فرجه
وفي الحديث عن القادة الذين يلتحقون بالإمام المهدي عجل الله فرجه في مكة المكرمة، رواياتٌ عدة، وبصيَغ مختلفة، تؤكد على وجود عدة أهل بدر من الرجال، ومنها رواية عن أمير المؤمنين علي عليه السلام: "ألا إنه أشبه الناس خَلقاً وخُلقاً وحُسناً برسول الله صلى الله عليه وآله، ألا أدلكم على رجاله وعددهم؟ ثم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: أولهم من البصرة ، وآخرهم من اليمامة. وجعل علي عليه السلام يعد رجال المهدي عجل الله فرجه والناس يكتبون... ثم قال عليه السلام: أحصاهم لي رسول الله صلى الله عليه وآله ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً بعدد أصحاب بدر، يجمعهم الله من مشرقها إلى مغربها، في أقل مما يتم الرجل عشاءه، عند بيت الله الحرام... إلى أن قال: كأني أنظر إليهم، والزي واحد، والقد واحد، والجمال واحد، واللباس واحد، كأنما يطلبون شيئاً ضاع منهم، فهم متحيِّرون في أمرهم، حتى يخرج إليهم من تحت ستار الكعبة في آخرها، رجلٌ أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وآله خَلقاً وخُلقاً وحُسناً وجمالاً، فيقولون أنت المهدي؟  فيجيبهم ويقول: أنا المهدي"(1).

تبيِّن هذه الرواية أموراً عدة منها:
1- أنَّ اجتماع ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً نقطةُ الانطلاق لظهور الإمام عجل الله فرجه وخروجه عليهم لبدء حركته.
2- يأتون من أمصار متعددة، ثم يعودون إلى أماكنهم وأماكن أخرى بحسب ما يكلفهم به الإمام عجل الله فرجه، وهم في حركة دائمة كقيادة ميدانية.
3- تعطي مظاهرهم المشتركة من الزي والقد والجمال واللباس الإيحاء بدورهم العسكري المرتبط بالقيادة.
4- يتحملون مسؤولية الإدارة الشعبية الواسعة بناء لتعاليم الإمام عجل الله فرجه.

* والنساء.. في نصرة الإمام عجل الله فرجه:
تتناسب المهام المذكورة أعلاه مع الرجل، والروايات تدعم هذا الاتجاه، فقد ورد عن أبي عبد الله عليه السلام:" يكون مع القائم عجل الله فرجه ثلاث عشرة امرأة. فسأله أحد أصحابه: وما يصنع بهنَّ؟ قال عليه السلام: يداوين الجرحى، ويقمن على المرضى، كما كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله"(2). ثم ذكر الإمام بعض أسماء النساء ممن عاصرن رسول الله صلى الله عليه وآله، ما يدل بأنَّ الرواية لا تتحدث عن القادة، وإنما عن نموذج لدور المرأة، يتكرر مع نساء أخريات بحسب الظروف والزمان. كما وردت رواية واحدة ضعيفة في تفسير العياشي، أذكرها للعلم فقط: عن جابر الجعفي، عن أبي جعفر عليه السلام: "... والله، ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً فيهم خمسون امرأة، يجتمعون بمكة على غير ميعاد، قزعاً كقزع الخريف، يتبع بعضهم بعضاً وهي الآية التي قال الله: ﴿أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(3). تعارضها رواية أخرى صحيحة ليس فيها هذا التفصيل، وهي عن الإمام الجواد عليه السلام: "... ويجتمع إليه من أصحابه عدة أهل بدر: ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً من أقاصي الأرض، وذلك قول الله عز وجل: ﴿أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللهُ جَمِيعاً إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ(4)، ما يؤكد المبنى أعلاه، وهو وجود متطلبات القيادة السياسية والعسكرية والميدانية التي تقع على عاتق الرجل، خاصة بوجودهم ومسؤوليتهم المباشرة بإمرة الإمام القائم عجل الله فرجه.  أمَّا المرأة فهي جزء لا يتجزأ من نصرة هذا الدين، وتأكيد دوره ومسيرته، وتربية الأمة لدفعها في هذا الاتجاه، ولذا، فهي تتواجد في مواقع أخرى قيادية وغير قيادية، ولا زالت الأمة وستبقى تنهل من معين سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء عليها السلام، ومن بطولات السيدة زينب بنت أمير المؤمنين عليه السلام، وعطاءات المجاهدات عبر التاريخ وفي الزمن الحاضر، وكذا سيكون الأمر في المستقبل في الموقع المتقدم لنسائنا العزيزات في ساحات جهادهن، انسجاماً مع وظيفتهن في الاقتداء والالتزام بأوامر الإمام المهدي عجل الله فرجه لنصرة الإسلام وإقامة العدل على الأرض.


(1) السيد ابن طاووس، الملاحم والفتن، ص294.
(2) محمد بن جرير الطبري، دلائل الإمامة، ص484.
(3) تفسير العياشي، ج1، ص65.
(4) الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، ص378.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع