صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص

مشاركات القراء: صلاة الصائمين: جـهــاد

جواد أحمد فخر الدين


هناك في أعالي مرتفعات "الخشع" و"جرود نحلة"، شبابٌ طلّقوا الدنيا، يتسامرون ببعض الأحاديث علّها تخفّف تعب المسير وهم المحمّلون بأنواع مختلفة من العَتاد الفرديّ. فعاشوراء جديدة على وشك الوقوع... بعد أدائهم صلاة الفجر الأخيرة، أعادوا تجهيز أنفسهم، واستكملوا المسير ليصلوا إلى الأماكن المحدّدة ويتموضعوا فيها قبل طلوع الشمس.


* دفء قلوبهم الشوق لصاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف

أحسّ أحدهم بلفحات برد الفجر. كان قد نسي معطفه، تقدّم إليه أحد المجاهدين وأعطاه معطفه الشخصيّ. لم يكن معه غيره: "ارتدِه أنت ولا تقلق بشأني، أنا أشعر بالدفء"، وكأنّ لسان حاله يقول "لا تسَلْ عن قلوبٍ تتجمّد في أعالي الجبال، فنارُ الشوقُ لصاحب الزمان عجل الله تعالى فرجه الشريف تُدفئُها!".

قاربت الساعة السابعة صباحاً، وفجأة أذّن مؤذّن: "المُسلَّحون أمامنا!"، ولم يكد يُنهي كلامه حتى أمطرت السماء رشقات من الرصاص الكثيف، وانبلج الصّباح.. بالدم والبارود.. وببعضٍ من العشق لآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم...، "يا صاحب الزمان أدركنا، يا بقيّة الله أغثنا، لقد وقعنا في كمين" قالها مسؤول إحدى المجموعات محاولاً توجيه مجموعته في إجراء مضادّ، لكن لا مفرّ، فهناك قلوبٌ والهة تتوق إلى اللقاء، تدعو أنْ "سيِّرنا في أقرب الطرق إليك" وهم "لولا الأجل الذي كتبهُ الله عليهم، لم تستقرّ أرواحهم في أبدانهم طرفة عين".

* ملاحم تضحية وفداء

وتبدأ إحدى ملاحم الفداء والتضحية، قذائف مدفعيّة المسلحين لم تترك بقعة واحدة لم تَدُكّها، مواجهاتٌ والتحامٌ من مسافة صفر وحتّى السماء تصدح الحناجر: "يا ثار الله"، ملائكةُ السماء بدأت بالوفود لتصحب الذين يعرجون شهداء من سجن الدنيا ﴿الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلَامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾ (النحل: 82).

* عشق الشهادة
وكأنّها ترانيم العشق تُعزَفُ في مَوقَعةٍ ملحميّة، عن عِشق الشهادة، العشق الذي تبوح به قلادة، اختبأت في الرمال، لعاشقٍ مفقود الأثر، فكان "علي رشيد النمر" أوّل مفقود أثر، قاربت الساعة الثانية ظهراً، وتستمرّ المواجهات، أغلب المجاهدين من لم يُصَب أو يستشهد منهم يترقّب بحذر، إلّا بعضهم من نوعٍ آخر، بينهم ذاك المجاهد الذي آثر صديقه على نفسه بمعطفه الليلة الماضية، يترقّب مبتسماً ابتسامة هادئة ملكوتيّة، وفجأة يقول هذا المجاهد لصديقه: "لقد أصبح المسلحون قريبين منّا!".

قام مُمتشقاً سلاحه مصوّباً على الأعداء، لكن رصاصةً عاشقة كانت أسرع إلى نَحره، وعرجت روحه وهو يُصْليهم صَلْيةً أخيرة من رشّاشه وعانق جسده التراب.

كان هذا الشهيد التعبوي زكريا فيصل سجد(1)، وآخرون معه ممّن أعاروا الله جماجمهم، فهنيئاً للشهداء.


1.استشهد بتاريخ 13 تموز 2014م، وكان يوماً من أيام شهر رمضان.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع