نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

في رفقة إمام الزمان (عليه السلام)..


لا يرضى الإمام بقية الله (روحي وأرواح العالمين له الفداء) لمحبّيه أن تشتمل عليهم الأحزان الأشجان. وإذا ما أصابتهم معضلة فإن الإمام (عليه السلام) يدفعها عنهم بألطافه الخفية أو الجليَّة.
إنه الإمام الرؤوف. سيّد الكلّ، ومولى الإنس والجنّ، وحجة الله على العالمين.

ورد في كتاب (المعجزات والكرامات) عن العالم الجليل الزاهد السيد عزيز الله أنه قال:
في زمان إقامتي في النجف الأشرف، ذهبت مرة يوم عيد الفطر المبارك إلى كربلاء المقدسة لزيارة الإمام أبي عبد الله الحسين (صلوات الله عليه). وهناك نزلت ضيفاً على صديق لي في مدرسة الصدر.. فكنت أنفق جلّ أوقاتي في الحرم الطاهر الحسيني.
ودخلت المدرسة في أحد الأيام.. فرأيت جمعاً من الأصدقاء يتهيّؤون لزيارة النجف الأشرف، فسألوني عن الوقت الذي أروم فيه السفر إلى النجف.
قلت: اذهبوا أنتم إلى النجف؛ فإنّي عازم على السفر من هنا إلى بيت الله الحرام.
قالوا: وكيف؟!
قلت لهم: دعوت تحت قبة سيد الشهداء عليه السلام أن أوفّق للذهاب إلى حبيبي مشياً على الأقدام، فأكون أيام الحج في حرم الله.
فما كان من هؤلاء الأصدقاء إلا أن أخذوا يعنّفونني ويلومونني قائلين: يبدو أنّ عقلك قد تحجّر من كثرة العبادة والرياضة، وأصابك الجنون! كيف تسافر، بهذه البنية الضعيفة وهذا البدن العليل، وحدك عبر الصحراء العريضة؟! سوف تقع في أول مرحلة من مراحل الطريق بأيدي أعراب البادية، وتكون نهايتك!

انكسر قلبي من هذا التأنيب والتعنيف، وتضايقت كثيراً. خرجت من الغرفة أبكي، ومضيت من فوري إلى حرم سيد الشهداء (عليه السلام). زرت زيارة مختصرة، وانتبذت مكاناً عند الرأس المقدّس... ورحت أدعو بدعاء التوسّل في بكاء ونواح.
في تلك الحالة.. حدث أمر أحسست دفعة واحدة بكف يد الله الإمام بقية الله "روحي فداه" تستقر على كتفي. ثم قال (صلوات الله عليه): أتودّ أن تذهب معي إلى بيت الله مشياً على الأقدام؟
قلت: نعم.
فقال (عليه السلام): إذاً يكفيك مقدار من الخبز الجافّ لمدّة أسبوع، وخذ معك ثياب الإحرام. في يوم (كذا) وساعة (كذا) من هنا، وزر زيارة الوداع.. لنمضي معاً من هذا المكان المقدّس تلقاء المقصود.
قلت: على عيني، أنا في رسم الخدمة.
ذهب الإمام (عليه السلام)، وخرجت من الحرم الحسينيّ. ثم هيّأت من الخبز الجاف المقدار الذي أوصى به الإمام، وحملت ثياب الإحرام.. وقصدت الحرم الطاهر، وزرت زيارة الوداع في المكان المعيّن.. حيث التقيت بالإمام عليه السلام.

خرجت من الحرم برفقة الإمام، وسرنا حين غدونا خارج كربلاء. مشينا ساعة.. لا الإمام يكلّمني ولا أنا قادر على أن أحدّثه وأشغل وقته.. كان الوضع عادياً... حتى بلغنا في الصحراء موضعاً فيه ماء.
عندها خطّ الإمام عليه السلام خطّأ على الأرض، وقال: هذه هي القبلة. أمكث هنا. صلِّ واسترح. أعود إليك عصراً، لنذهب إلى مكة.
سلّمت لما أراد، فمضى عليه السلام.. وعاد في وقت العصر. قال: هيّا.. نذهب. نهضت وحملت خرج الخبز ومقداراً من الماء. ولدى الغروب بلغنا مكاناً فيه ماء.
قال لي: اقض الليلة هنا. وخطّ خطّأ يعيّن اتّجاه القبلة، وقال: هذه هي القبلة، وسآتيك صباح غد، لنمضي تلقاء مكَّة.
مرّ أسبوع على هذه الشاكلة. وفي صبيحة اليوم السابع قال لي الإمام عليه السلام ـ وقد كنّا قرب ماء فيا لصحراء: أغتسل بهذا الماء، وارتدِ ثياب الإحرام، وافعل ما أفعل، ولبّ معي كما ألبّي.. فها هنا ميقات.

كنت أردّد ما يقول الإمام وأفعل مثلما يفعل. حتى إذا سرنا قليلاً وصرنا على مقربة من جبل.. طرقت سمعي أصوات.
سألت: ما هذه الأصوات؟
أجاب الإمام عليه السلام: اصعد الجبل تَرَ مدينة هناك، فادخل المدينة. قال الإمام هذا.. ثم غاب عنّي.
صعدت الجبل.. ثم اتخذت طريقاً انحدر فيه نحو المدينة. وهناك سألت رجلاً: ما اسم هذه المدينة؟ قال: هذه مدينة مكة، وهذا بيت الله.
وفجأة تفطّنت إلى حالي، فأخذت ألوم نفسي: سبعة أيَّام كنت برفقة إمام الزمان ولم أستفد منه؟! لماذا تعاملت مع هذا الموضوع الفائق الأهمية بكل هذه البساطة والعفوية؟!
وعلى أيّ حال.. فقد أقمت في مكة شَهْرَي شوّال وذي القعدة وأيّاماً من شهر ذي الحجة. ثم التقيت بأصدقائي الذين كانوا قد وصلوا إلى مكة بالسيَّارة.
خلال هذه المدة كنت عاكفاً على التعبُّد والزيارة والطواف.. وتعرّفت فيها إلى عدة أشخاص. ولما رآني أصدقائي ومعارفي الذين جاؤوا من بعدي إلى مكة.. وضعوا أيديهم في أفواههم من الدهشة، وشاعت بينهم حكايتي.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع