نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

أدب ولغة: كشكول الأدب


فاطمة بري بدير

* أعرابيّات
1- قال الأصمعي: مررت بأعرابي يصلّي بالناس فصلّيتُ معه، فقرأ: "والشمس وضحاها، والقمر إذا تلاها، كلمة بلغتْ منتهاها، لنْ يدخل النار ولنْ يراها، رجل نهى النفس عن هواها"... فقلت له: ليس هذا من كتاب الله! قال: فعلِّمني. فعلّمته الفاتحة والإخلاص. ثم مررتُ بعد أيام، فإذا هو يقرأ الفاتحة وحدها. فقلت له: أين السورة الأخرى؟
قال: وهبْتها لابن عمٍ لي، والكريم لا يرجع في هبته.

2- قيل لأعرابي: أتحبّ أن تموت امرأتك؟
قال: لا. قيل: ولِمَ؟ قال: أخاف أنْ أموت من الفرح.

3- ضلّ لأعرابي جمل، فحلَف بالله أنّه إنْ وجده باعه بدرهم! فوجده فلزمه بيعه! فشدّ في عنق الجمل سنَّوراً -وهو القط- ثمّ قال: السنّور بمائة درهم والجمل بدرهم ولا أبيعهما إلّا معاً.

* مناجاة أعرابي
قيل: إنّ محمداً ابن الحنفية رأى في الطواف أعرابيّاً عليه ثياب رثّة، وهو شاخص نحو الكعبة لا يصنع شيئاً، ثم دنا من الأستار فتعلّق بها ورفع رأسه إلى السماء وأنشأ يقول:

أناجيكَ يا ربّي وأنت عليمُ أما تستحي منّي وقد قمتُ شاخصاً
أصلّي صلاتي دائماً وأصومُ فإن تكْسني يا ربّ خفاً وفروة
فمن ذا على ترك الصلاة يلومُ وإنْ تكن الأخرى على حال ما أرى
وتترك شيخاً والداه تميمُ أتَرزق أولاد العُلوج وقد طغوا

فدعا به، وخلع عليه فروة وعمامة، وأعطاه عشرة آلاف درهم، وحمله على فرس.

فلمّا كان العام الثاني جاء الحجّ وعليه كسوة جميلة وحال مستقيمة، فقال له: يا أعرابي، رأيتكَ في العام الماضي بأسوأ حالٍ، وأراك الآن ذا بزّة حسنة وجمال، فقال: إنّي عاتبت كريماً فأغنيت.

* بالله عليك لا تخبر أحداً
روي أنّ الحجاج بن يوسف الثقفي كان يسبح فأشرف على الغرق، فأنقذه أحد المسلمين، وعندما حمله إلى البرّ قال له الحجّاج: اطلب ما تشاء فطلبك مجاب!
فقال الرجل: ومَن أنتَ حتى تُجيب لي أيّ طلب؟
قال: أنا الحجاج الثقفي.
قال له: طلبي الوحيد أنّني سألتك بالله عليك أنْ لا تخبر أحداً أنّني أنقذتك.

* الحثّ على تدبّر الكلام قبل إيراده
قال الحسن عليه السلام: لسان العاقل من وراء قلبه، فإذا أراد الكلام رجع إليه، فإنْ كان له تكلّم به وإلّا تَركه، ولسان الجاهل قدّام قلبه يتكلّم بما عرض له. وقيل: مَن لم يخف الكلام تكلّم، ومن خافه تبكّم.
قال الشاعر:
تأمّل فلا تستطيع ردّ مقالة
إذا القول في زلّاته فارق الفَما

* بين العشق والكذب
لحق فقير في شعاب مكّة امرأة فقال لها:
- لقد سلب حُسنك وجمالك لبّي، وعشقتك في روحي وقلبي. فقالت له: فلو رأيتَ أختي؟ فالتفت فلم يرَ أحداً.
فقالتْ له: كَذبت. فلو صدقتَ لما التفتّ.

* الفرق بين الخلط واللَّبس
اللَّبس: هو منع النفس من إدراك المعنى، ويستعمل في الأعراض والمعاني. قال الله تعالى:
﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَلَمْ يَلْبِسُواْ إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ﴾ (الأنعام: 82)، وقال تعالى: ﴿لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ﴾ (آل عمران: 71). ويقال: لَبَس عليه الأمر.
أما الخلط: فهو الجمع بين أجزاء الشيئين فصاعداً، عَرَضين كانا أو جوهرين أو كان أحدهما عرضاً والآخر جوهراً أو العكس. وهذا أعمّ من اللبس، الذي يختصّ بالعرض والمعنى دون الجواهر .
قال تعالى: ﴿فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ﴾، وقال: ﴿ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا﴾ (التوبة: 102)(1).

* نقرأ لكم
الفصل التاسع في أركان الكتابة من كتاب "المثل السائر في أدب الكاتب والشاعر" لابن الأثير.
"اعلم أنّ للكتابة شرائط وأركاناً؛ أمّا شرائطها فكثيرة. وهذا التأليف موضوع لمجموعها وللقسم الآخر من الكلام المنظوم وليس يلزم الكاتب أنْ يأتي بالجميع في كتاب واحد، بل يأتي بكلّ نوع من أنواعها في موضعه الذي يليق به. وأمّا الأركان التي لا بد من إيداعها في كل كتاب بلاغي فهي:
الركن الأول: أنْ يكون مطلع الكتاب عليه جدة ورشاقة، فإنّ الكاتب مَن أجاد المطلع والمقطع أو يكون مبنياً على مقْصد الكتاب... وهذا الركن يشترك فيه الكاتب والشاعر.

الركن الثاني: أنْ يكون الدعاء المودَع في صدر الكتاب مشتقاً من المعنى الذي بُني عليه الكتاب.

الركن الثالث: أن يكون خروج الكاتب من معنى إلى معنى برابطة لتكون رقاب المعاني آخذة بعضها ببعض ولا تكون مقتضَبة... وهذا الركن يشترك فيه الكاتب والشاعر أيضاً.

الركن الرابع: أنْ تكون ألفاظ الكتاب غير مخلولقة بكثرة الاستعمال. ولا أريد بذلك أن تكون ألفاظاً غريبة، فإنّ ذلك عيب فاحش، بل أريد أن تكون الألفاظ المستعملة مسبوكة سبكاً غريباً يظن السامع أنّها غير ما في أيدي الناس، وهي ممّا في أيدي الناس. وهناك معترك الفصاحة التي تظهر فيه الخواطر براعتها والأقلام شجاعتها كما قال البحتري:

  باللَّفْظِ يَقْرُبُ فَهْمَهُ فِي بُعْدِهِ
عَنَّا وَيَبْعُدُ نَيْلُهُ فِي قُرْبِهِ  

وهذا الموضع بعيد المنال، كثير الإشكال، يحتاج إلى لطف ذوق، وشهامة خاطر، وهو شبيه بالشيء الذي يقال إنّه لا داخل العالم ولا خارج العالم، فلفظه هو الذي يُستعمل وليس بالذي يُستعمل؛ أي أنّ مفردات ألفاظه هي المستعملة المألوفة ولكن سَبكه وتركيبه هو الغريب العجيب.

وإذا سمَوت أيها الكاتب إلى هذه الدرجة، واستطعَمت طعم هذا الكلام المشار إليه، علمت حينئذ أنّه كالروح الساكنة في بدنك التي قال الله فيها: ﴿قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾ (الإسراء: 85) وليس كل خاطر براقاً إلى هذه الدرجة ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاء وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ﴾ (الحديد: 21)".


(1) الفروق اللغوية، أبو هلال العسكري، ص4٦١.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع