نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

أول الكلام: هم الفائزون


السيّد علي عبّاس الموسوي


في معركة الحقّ والباطل تختلف صور الصراع، فليست المعركة على نمط واحد ولا تأخذ بُعداً واحداً. والشيطان الذي هو القائد والحاكم المُطاع في معركة الباطل، لا يوفّر وسيلة إلّا ويرشد أتباعه من الإنس والجنّ الذين سلكوا طريق الضلالة إلى استخدامها في مواجهة الحقّ.

ويعتمد الشيطان سبلاً، سواء أتمثّل ذلك بشياطين الجنّ أم بشياطين الإنس؛ ليُغرق أتباعه في دائرة الوَهم، وَهْم أنّ أهل الحقّ هم على الباطل، ولا سبيل إلى ذلك سوى التعتيم عليهم وتجْهيلهم من كلّ علم ومعرفة؛ لأنّ الانتباه من عمى الضلالة تكفيه بارقة أملٍ من نور الحقّ؛ ولذا يسعى الشيطان لإطفاء نور الحقّ من كلّ زاوية يحتمل أن يكون من خلالها نفوذ إلى قلب مَن معه.

ومن وسائل ذلك أن يشغل هؤلاء بالاستهزاء بالذين آمنوا، فتارةً يجعل من عقيدتهم وما يؤمنون به موضع استهزاء، وأخرى يجعل من سلوكهم وتصرّفاتهم مادّة للسخرية، وثالثةً يجعل من ضيق رزقهم ومن صعوبات الحياة التي يعانونها باباً لتوجيه اللّوم إليهم بأنّهم وبإيمانهم بالله يقعون في ضيق وشدّة.

الشيطان يصوّر الحياة لأتباعه على غير واقعها، فالتغرير منهجه المتّبع وهو ما عبّر عنه القرآن بالتزيين، وفي كلّ زاوية يجلس متربّصاً بهم. وهو ما أقسم أن يجعله هدفاً له في كل حياته.

وهذه الصورة تجدها في كلّ عصر ومع كلّ عدو. واليوم حين لا يتّخذ الصراع مع أهل الحقّ طريق المواجهة المباشرة أو ما يُسمّى بالحرب الصلبة، فإنّ صراع الحرب الناعمة يُفتح على مصراعيه لتوجّه قوى الضلال حِرابها يومياً إلى المجتمع المسلم، معتمدةً الأشكال المتقدّمة أيضاً. وكلّما تطوّرت الحضارة الإنسانيّة في الوعي، وكلّما ترسّخ إيمانها بوجود خالق لهذا الكون، وأنّه خُلق لحكمة، كلّما شحذ الشيطان أسلحَته وطوّر أداوت صِراعه.

والله عزّ وجلّ، ونُصرةً لعباده المؤمنين، يؤازرهم بما يقوّي من عزمهم وإرادتهم في هذه المواجهة، فسلاح الإيمان بالله عزّ وجلّ وأنّه معهم ولن يتخلّى عنهم، يجعلهم أقدر على الحصانة الذاتيّة من غزو الشيطان. وسلاح المواجهة الفكريّة المتمثّل بأداء الواجب والتكليف الإلهيّ في هذه الدنيا، مع الإحساس بأنّ هذا كلّه محفوظ عند الله عزّ وجلّ، يمكّنهم من الاستمرار في المواجهة. كذلك، سلاح الصبر الذي حثّهم على التمسّك به، يجعلهم أقوى وأشدّ شراسة في محاربة الباطل والشيطان.

وختاماً، الوعد الإلهيّ بالثواب الجزيل والعطاء الجميل يجعل جذوة الأمل متّقدة دوماً بأنّ النصر سوف يكون حليفاً لهم، فالفوز لهم، كما قال تعالى: ﴿إِنَّهُ كَانَ فَرِيقٌ مِنْ عِبَادِي يَقُولُونَ رَبَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّاحِمِينَ * فَاتَّخَذْتُمُوهُمْ سِخْرِيّاً حَتَّى أَنسَوْكُمْ ذِكْرِي وَكُنتُمْ مِنْهُمْ تَضْحَكُونَ * إِنِّي جَزَيْتُهُمُ الْيَوْمَ بِمَا صَبَرُوا أَنَّهُمْ هُمُ الْفَائِزُونَ(المؤمنون: 109-111).

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع