نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

مع الإمام الخامنئي: حرب الفضاء الافتراضي(*)



من المهم أن يشخّص طالب العلوم الدينيّة، وعالم الدين [بالتعبير الرائج في إيران] مسؤوليّته في كلّ فترة من الزمن. وإذا لم يهتمّ بتشخيص المسؤوليّة فإنّ العلم والتقوى وما شابه لا تنفعه في شيء، لأنّه لا يُوظَّف في المكان المناسب. مثل مَن يملك مالاً كثيراً، مثلاً، ولكنّه لا يعلم أنّ ولده مريض، يحتاج إلى علاج أو إلى عمليّة جراحيّة. وقد يُفقد هذا الولد أو أنّ مرضه سيشتدّ ويقوى عليه؛ رغم أنّه يملك المال اللازم، وإمكانات العلاج. ونحن، إنْ كان عندنا علم، وتمتّعنا بالتقوى، ولدينا الشجاعة اللازمة، ولكن لا نعرف ما هي مسؤوليّتنا وواجبنا، فإنّ ذلك كله (العلم والتقوى والشجاعة.. إلخ) لن تنتج عنه آثاره المتوقّعة.

* معرفة حاجة المجتمع
أن يعرف الإنسان ما المطلوب منه في المجتمع اليوم، هو أحد المصاديق المهمة لكلمة "البصيرة" التي نكرّرها دائماً. فالشباب اليوم هم في مَعرض التعلّم واكتساب ما يُقدّم إليهم. قال [الشاعر]: "إنّني لوحة بيضاء وجاهز لكلّ ما يُرسم عليها"(1). يمكن رسم كلّ أنواع الرسوم على هذه اللوحة البيضاء. وهنا نحتاج إلى البصيرة، من يبادر ويتصدّى؟ مَن يسابق ويتقدّم؟ من يتحرّك أمام الآخرين؟ أو مَن يتنبّه أنّ رسماً مشؤوماً وقبيحاً قد رُسم على هذه اللوحة كي ينهض ويصلحها؟ كل هذه الأمور تحتاج إلى بصيرة. يجب أن نعرف حاجات المجتمع اليوم. فالأعداء ينفقون أموالاً طائلة ليتمكّنوا من تغيير ذهن الشباب المسلم المؤمن؛ ليحرّفوه عن أصل الدين. يختلقون الشبهات بشكل دائم، يوظّفون أشخاصاً ليكونوا أدوات عندهم. إنهم يوجّهون ويرسمون الخطوط الأساسيّة ويحدّدون الموضوع المعيّن وينشرونه ويطلبون من أولئك الأشخاص أن يكرّروا ويروّجوا تلك المواضيع.

* الفضاء الافتراضيّ، ساحة لا حدّ لها!
إنّ الفضاء الافتراضيّ اليوم هو بمثابة صحراء لا نهاية لها، ويمكن التحرّك فيها من كلّ الجهات... كلّ شخص يمكنه استخدام الحاسوب الذي هو في حدّ ذاته وسيلة إعلاميّة. إنّهم يجلسون ويبثّون الشبهات والكلام والأفكار ليضلّلوا الشباب المؤمن السليم. فمن هو الذي يُفترض أن يقف في وجه أعمال العدوّ لمنعه عن حرف أذهان الشباب؟ وعلى عاتق مَنْ يقع هذا العمل؟ أول وأهمّ المسؤوليّات الواجبة عليهم يقع على عاتق المجتمع العلميّ والدينيّ؛ أي علماء الدين.

* تأمين الطاقات للمواجهة
يجب على الحوزات العلميّة أن تؤمّن هذه الطاقات المواجِهة من داخلها، ومكافحة هذا العدوّ الذي يريد أن يهدم إيمان الناس، ومعتقداتهم، ويقضي على عفّة الشباب. يوجد الكثير من مواقع الإنترنت التي تهدف إلى القضاء على عفّة وحياء الشباب المسلم -الفتيان أو الفتيات- يريدون أن يمزّقوا ستارة الحياء. وهمّهم وهمّتهم وضع الخطط والبرامج لهذا الهدف.

إنّ العناوين المتعلّقة بالذهن، والفكر والقلب، لا يمكن حلّها بالحركة، والعمل الأمنيّ، والمخابراتيّ والعسكريّ؛ بل تحتاج إلى إدارة مناسبة للبلاء الذي يحلّ فيه. إنّ دواء هذا المرض هو لدى علماء الدين، ولدى علماء المذهب. يجب أن يجهزوا أنفسهم لذلك.

* الفضاء المجازيّ: منافع ومضارّ لا تُحصى!
إنّ في مجال الفضاء الافتراضيّ منافع لا تُحصى ومضارّ لا تُحصى. لذا يمكن العمل لتحصيل الحدّ الأكثر من المنافع أو المضارّ. وهذا ما يقوم به العدوّ... أنتم أيضاً يمكنكم الاستفادة بالحدّ الأقصى في الجهة المعاكسة: انشروا المفاهيم الإسلاميّة، والمعارف الإسلاميّة. هذا الأمر يقوم به حاليّاً بعض المؤمنين، من الشباب المؤمن، من المعمّمين وغير المعمّمين، من العلماء وغير العلماء. وإنّ بعض هؤلاء الشباب من غير العلماء هم كثيرو النشاط والفعاليّة في هذا المجال، ينجزون أعمالاً جيدة جدّاً وينشرونها على مستوى العالم، أو يروّجون فكرةً معيّنة، هذا الأمر يربك الطرف المقابل فيحتار ماذا يفعل.

* معرفة البرمجيات والشبهات الجديدة!
ما ينقص البعض على هذا الصعيد، عدم معرفتهم أصلاً بهذا العمل وبهذه التقنيّات، أو لديهم مشكلات في البرمجيّات، فلا يعرف الإجابة عن الشبهات، خاصةً الشبهات المطروحة اليوم. بالتأكيد، بعض شبهات اليوم هي نفسها شبهات قديمة، ولكن قد ألبسوها لباساً جديداً. وتوجد شبهات جديدة، مسؤوليتنا أن نعرفها ونعلَمها، وهذا من أعمال الحوزات العلميّة التي عليها أن تتصدّى لهذه الشبهات وتُتقن هذه الأعمال. وهذا لا يعني أننا نتخلّى عن الفقاهة ونضعها جانباً، كلا، هذا عين الفقه.

* فقه الله الاكبر
"الفقه" ليس الأحكام العمليّة فقط؛ "فقه الله الأكبر" هو المعارف الإسلاميّة. توجد شبهات حول المعارف الإسلامية. انظروا مثلاً في باب "صلاة المسافر"، حيث تطرح في إحدى مسائل "صلاة المسافر"، مثلاً، عشرات الفروع. هذه مسألة واحدة وفروعها كثيرة إلى ما شاء الله. حسناً، كذلك في المسائل الاعتقادية يوجد أيضاً هذا التفريق والتفرّع للشبهات الكثيرة.

الطرف المقابل، قد يلتقط فكرة صغيرة ويركّز عليها ويوجّه الأذهان نحوها ويصرفها عن غيرها. بناءً على هذا، فإنّ هذه المسألة هي إحدى مسؤوليّاتنا الأساسيّة. يجب على الحوزات العلميّة أن تلتفت وتهتمّ بهذه المسائل. يمكن إنجاز أعمال كبرى في هذا المجال. آمل أن يوفّقكم الله جميعاً إن شاء الله.


(*) كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في افتتاح العام الدراسي الحوزوي الجديد 6/9/2016.
(1) ديوان الحاج ميرزا حبيب؛ "إنني لوحة بيضاء وجاهزٌ لكلّ ما يُرسم عليها/ يدُ رسامي القدرة تصوّرني كيفما تشاء".

 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع