صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين آخر الكلام | الضيفُ السعيد الافتتاحية| الأمـومـــة... العمل الأرقى  الشيخ البهائيّ مهندسٌ مبدعٌ في العبادةِ... جمالٌ مع الخامنئي | نحو مجتمع قرآنيّ* اثنا عشر خليفة آخرهم المهدي عجل الله تعالى فرجه الشريف* أخلاقنا | اذكروا اللّه عند كلّ نعمة* مناسبة | الصيامُ تثبيتٌ للإخلاص

في رحاب بقية اللَّه‏: الأسرة مهد الممهّدين‏

د. بلال نعيم‏


إن من السنن الجارية في العباد سنة الزواج وهي من الأمور العرفية التي تم تأكيدها في الإسلام حيث اعتبرها الرسول صلى الله عليه وآله سنته التي يجب على المسلم أن لا يرغب عنها كما أن الإسلام أشار صريحاً إلى نفي الرهبانية بمعنى عدم الزواج لأنها مخالفة لطبيعة الإنسان وميله الفطري نحو الجنس الآخر وحاجته إلى التكاثر والاستمرار.

والزواج يشكل الحلقة الوسيطة بين الفرد والمجتمع وبدونه لا يمكن تشكيل الأسرة التي تعبر بالفرد من حالته الشخصية ومسؤولياته الفردية إلى الحالة التفاعلية مع الآخر، وإلى اتساع دائرة المسؤوليات مقدمة لبلورة المشاركة الفاعلة له في الإطار الاجتماعي الأوسع. فكلما كان المرء أكثر قدرة على نسج العلاقات وإقامتها في الدائرة الوسطى؛ أي الأسرة، كلما كان ذلك تدريباً له على نسج العلاقات في الإطار الأوسع أي المجتمع. وبالتالي كلما قدر المرء على تربية أعداد محدودة من أبنائه الذين تربطه بهم مشاعر وعلائق الرحمة كلما كان أقدر على الخروج إلى المجتمع ليأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويدعو إلى سبيل اللَّه تعالى بين الأفراد الذين تربطهم به علائق الأخوة.

وأن دعوى الوصول إلى اللَّه عزَّ وجلَّ على أساس الرهبنة ورفض الزواج باعتباره أحد أوجه التعلق بالدنيا التي تحرم من الانجذاب إلى الرفيق الأعلى هي شبهة ناتجة عن عدم الالتفات إلى أن الارتباط باللَّه والانجذاب نحوه يكون عبر أحكام الشريعة البينة حيث ورد في بعض الأحاديث النكاح "فمن لم يعمل بسنتي فليس مني". وبما أن الزواج هو سنة الرسول صلى الله عليه وآله وعلينا أن نأخذ ما أتانا وننتهي عما نهانا فإن الزواج عندها يصبح أحد موارد التقرب إلى اللَّه فضلاً عن أنه يشكل أحد عوامل إيصاد الأبواب أمام الشيطان حتى قيل بأنه من تزوج أحرز ثلثي دينه وعلى ضوء ذلك واستفادة من سِير الأنبياء والصالحين نجد أحدهم ممن تزوج وأنجب وربى الأولاد والأحفاد بل كانت بعض أدعيتهم أن يرزقهم اللَّه الذرية ولا يكون ذلك إلا بالزواج.

ونحن كمسلمين معتقدين بأن من واجباتنا تهيئة الأسباب لنهضة الإسلام وقيامه وتحكيمه فإننا ملزمون بجملة مقدمات لتلك النتيجة المحتومة، والتي تترتب على وجود العدة من الأنصار والعديد من التابعين الصالحين المؤهلين للقيام بتلك المهمة بين يدي صاحب الزمان أرواحنا فداه. وبالتالي لن يقوم الإسلام إلا بالمسلمين المؤمنين وهؤلاء يجب أن يكونوا بأعداد كبيرة ولا تتاح هذه الأعداد إلا بالزواج الذي تتمخض عنه الأجيال من الموحدين، الذين يصدحون بالحق فيصبح الزواج مقدمة شكلية ضرورية من أجل التمهيد لصاحب الزمان عجل الله فرجه. وإلا لو أخل المسلمون بهذه المقدمة لوصلنا إلى تناقص عددي قد يؤثر على الواقع المعنوي بحيث لو أردنا إعادة تصويب المسار نحو واقع أفضل فإننا لن نجد الأداة التي تقوم بذلك، وهي العدد المطلوب فيصبح الحق صاحب المنطق القوي لا يملك العاتق الذي يحمله والسواعد التي ترفعه فيبقى في الأرض حتى لو كان حقاً ومنطقه رائعاً وسليماً، لأن الحق إذا لم يتلازم مع القوة يبقى حقاً إلا أنه يُستضعف ويهمل فيبدو بحسب جريان الأمور بالنسبة للمتأثرين بشيوع الضلال والباطل بأن الحق هو غير الحق لأنه غير قابل للامتداد والانتشار بين البشر.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع