نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

مشاركات القراء: بيئتنا حياتنا... فلنحمِها

محمد المغربي


لا تقع مسؤولية حماية البيئة على الأفراد فحسب، بل على المجتمع بأسره؛ فحياة الإنسان مرتبطة بسلامة البيئة وثمّة علاقة طردية بينهما؛ فكلّما كانت سلامة البيئة والطبيعة على مستوى عالٍ من الوقاية كلّما كانت صحّة الإنسان بنفس المستوى، لتنعكسَ عليه بتوازنٍ نفسيّ وجسميّ يقيه من الأمراض.

من هنا أتت التشريعات المختلفة لتُعاقب مرتكبي هذه الجرائم، وبالتالي تشكّل حمايةً للبيئة، ومن أهمّها الإعلان العالمي لحقوق الطبيعة الصادر في "ستوكهولم" في العام 1972، الذي نصَّ على أنّ "للإنسان حقّاً أساسيّاً في ظروف حياتيّة لائقة في بيئة تضمن له حياةً هنيئة وكريمة".

*واقع لبنان البيئيّ
وفي واقعنا الذي نعيشه في لبنان نرى ضرورة تفعيل التشريعات القانونية الصادرة في هذا الإطار، خاصّة بعد أن عانينا، وما زلنا، من أزمة نفاياتٍ كان لها الأثر السلبي على الوضع البيئيّ والصحيّ والنفسيّ للمواطن بشكل خطير.

فلبنان غنيّ بالثروة الطبيعيّة؛ إلّا أنّها تضاءلت كثيراً في الآونة الأخيرة، لدرجة تُوجِب دقّ ناقوس الخطر واستنهاض الهمم لحمايتها، وذلك لسرعة ما التمسناه من أضرارٍ ضخمةٍ لحقت بهذه الثروة واستنزفتها وقامت وهدّدتها؛ من هدم وتشويه للمواقع الطبيعيّة والتراثيّة، كالمرامل والكسّارات والمقالع وقلع الأشجار وردم البحر، ناهيك عن تلوّث الهواء من خلال القطاع الصناعيّ، حيث يشكّل قطاع النقل بمفرده 70% من مجمل ملوّثات الهواء، ما يرفع حرارة الأرض ويزيد من ثقب طبقة الأوزون وتفشّي الأمراض الصدريّة في الإنسان وإضعاف قدرته على التفكير، أضف إلى ذلك تآكل الأبنية وإضعاف نموّ الأحراج وقتل البذور...

*البيئة في حمى القانون
وفي سبيل حماية هذه الثروة، وجبَ على الدولة والمجتمع والمواطنين التكاتف والتعاون في سبيل منع التعدّي على هذه الثروة الإلهيّة. فالتشريعات القانونيّة تصدّت لحماية البيئة والطبيعة في لبنان، وذلك حفاظاً منها على نوعيّة الحياة فيه ولضمان استقراره البيئيّ والطبيعيّ.

فنظّم قانون الغابات (الصادر في عام 1948) استغلال الأحراج وحمى التربة والمواقع السياحيّة. ومنع قانون الصيد البحريّ (1937) استعمال السموم والمتفجرات وحدّد حجم الأسماك المسموح بصيدها. أمّا قانون العقوبات اللبنانيّ فقد عاقب من قام بتلويث أو استخراج نبات أو حجارة أو رمل من الأملاك العامّة وخرّبها... ونصّت المادة 6 من قانون النظافة العامّة (1974) على "منع رمي الفضلات والأوراق وقشور الفاكهة والعلب الفارغة وأعقاب السجائر على الطرق العامّة أو في الساحات أو في الحدائق العامّة أو في الباحات أو داخل المؤسّسات الرسميّة".

وما إلى ذلك من تشريعات قانونيّة مختلفة، وضعها المشرّع لردع مرتكبي الجرائم البيئيّة. ولكن هل تكفي هذه التشريعات لتعالج مشكلة التعدّي الصارخ على البيئة؟ أليس المجتمع بأسره مسؤولاً عن تفعيل هذه التشريعات وتطبيقها ليُساهم في حماية البيئة؟

*طرق المعالجة
إنّ معالجة المشاكل البيئيّة هي من مسؤوليّة المجتمع، سواء نُصَّ على ذلك أو لم يُنصّ. ونعرض هنا للأساليب الممكن اعتمادها لتكون حلّاً لبعضٍ منها:

1- لتخفيف التلوّث:
لا بدّ من خفض استهلاك الطاقة غير النظيفة، وتشجير الهضاب، واستعمال البنزين الخالي من الرصاص وتنقية الدخان المتصاعد من المصانع.

2- لتخفيف الضجيج:
حظر عمل الآلات المزعجة خلال أوقات الراحة، وتشجيع وسائل النقل الجماعيّ، وإبعاد المناطق السكنيّة عن الضجيج واستعمال وسائل عازلة للصوت من داخلها.

3- للتخلّص من النفايات المنزليّة:
يُعمل على الفرز من المصدر أو في المكبّات، وإعادة التدوير، والمعالجة بالطمر الصحيّ والحرق على درجة مرتفعة لتوليد الطاقة.

*دور المواطن في المحافظة على البيئة
لقد أشار القرآن الكريم إلى هذا الدور بقوله تعالى: ﴿وَلاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاَحِهَا ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ(الأعراف: 85).

فدور المواطن أساسيٌّ من خلال عدم إفساد بيئة مَن حوله. والتحصّن بالثقافة البيئيّة يكون برفع خلقيّة التعامل مع الطبيعة لديه، وإدراك أنّ الحفاظ على البيئة يعني الحفاظ على الحياة وسلامتها، وبالتالي عليه أن يلعب دور المراقب البيئيّ ويمنع الإساءة إلى البيئة.

ختاماً نقول: إنّ الله تعالى خلق لنا الكون كلّه وأبدع لنا الطبيعة من حولنا، وسخّرها لنا، فهي أمانة بين أيدينا، واستغلالها يجب أن يقترن بقدر تحقيق المنفعة الخاصّة مع الحفاظ على المصلحة العامّة.
 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع