نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

نور روح الله‏: الإمام الخميني وصلاة الليل‏



* المواظبة على صلاة الليل‏
يُجمع كل من عرف الإمام الخميني في حياته على أنّ الإمام كان مواظباً على إقامة صلاة الليل منذ صباه. فعن السيد أحمد الخميني: يتفق الجميع على أنّ الإمام لم يترك صلاة الليل منذ أيام المدرسة(1) وعنه أيضاً: تقول والدتي أنها شاهدة على أن الإمام لم يترك صلاة الليل منذ زواجهما. عن آية الله غلام رضا الرضواني: لم يترك الإمام صلاة الليل طوال المدة التي كنتُ ملازماً لخدمته، وينقل السادة الذين كانوا ملازمين له قبلي من زملائِهِ في الدراسة أو الذين كانوا يشاركونه الإقامة في غرفةٍ واحدةٍ في المدارس الدينية، ينقلون أنه كان مجتهداً في إقامة صلاة الليل مُنذ أيام شبابه الأولى عندما كان منهمكاً بدراسة العلوم الدينية(2). وعن توجّه الإمام بإقبال شديد على العبادة والمناجاة في الليل يقول المرحوم الشيخ نصر الله الخلخالي: امتدت صداقتي للإمام أربعين سنة وقد بتنا معاً الكثير من الليالي لم أره يترك صلاة الليل أبداً، كان يستيقظ دائماً قبل الفجر ويتوجه بإقبالٍ على العبادة والمناجاة(3). وينقل عن آية الله الفاضل اللنكراني قوله: قضية إقامة الإمام لصلاة الليل متواترة، لقد التزم بها على مدى سبعين عاماً.

* أهمية صلاة الليل عند الإمام:
صلاة الليل في ساعة ثابتة: يقول حجة الإسلام والمسلمين علي أكبر مسعودي الخميني نقلاً عن أحد أصدقاء والده: كنّا نقيم أيام الشباب مع الإمام في مكان واحد، وكان السيد الخميني يومها في مقتبل الشباب، وكنت أستغرب منه أنّه كان يستيقظ ورغم صغر سنه في ساعة معينة ثابتة قبل آذان الفجر من أجل إقامة صلاة الليل(4).

* لا يستبدل بصلاة الليل أي لذَّة أخرى‏
تقول السيدة فاطمة الطباطبائي المرة الأولى التي رأيت فيها الإمام كانت بعد زواجي (بولده السيد أحمد) بمدةٍ فقد كان عمر ابني يومها تسعة شهور، وسبب عدم رؤيتي لسماحته قبل ذلك هو أن السيد أحمد كان ممنوعاً من الخروج من إيران مدة، وبعد إزالة هذا المنع سافرنا إلى العراق عبر لبنان وسوريا، لكي نحظى بلقائِهِ؛ أنا للمرة الأولى، والسيد أحمد بعد فراقٍ استمر عدة سنين. عندما وصلنا إلى منزله في النجف الأشرف، طرقنا الباب، ففتحها لنا بنفسه لأن الآخرين كانوا نائمين فقد وصلنا قبل ساعةٍ من أذان الفجر. لقد فرح كثيراً بوصولنا، وهذا أمرٌ طبيعي بحكم طول سني الفراق وبحكم العاطفة الجياشة التي يتميز بها الإمام، ولكنه رغم ذلك لم يجلس معنا إلا دقائق قليلة حتى قال: "ينبغي أن أذهب"!! وكانت السيدة زوجته قد استيقظت، لكنني تعجبت من قلة المدّة التي جلس فيها معنا رغم ما ظهر عليه من فرح وسرور لقدومنا عليه، فسألت السيد أحمد باستغراب: أين يذهب السيد؟ فأجابني: هذا هو وقت إقامته لصلاة الليل. وعندها أدركت أن الإمام لا يستبدل بلذة نافلة الليل أي شي‏ء آخر(5).

* لذة العبادة في أيام الشباب‏
يروي أحد حراس غرفة الإمام قبل مرضه الأخير: كان الإمام يستيقظ عادة قبل أذان الفجر بساعتين، وفي إحدى الليالي انتبهت إليه وهو يبكي بصوت عال فبكيتُ لبكائِهِ. وعندما خرج لتجديد الوضوء انتبه لوجودي فقال لي: "يا فلان، اعرف نعمة الشباب ما دمت شاباً واعبد الله، فلذَّة العبادة هي في أيام الشباب، وإذا شاخ الإنسان يضعف عن العبادة وعن الإقبال عليها وإن رغب في ذلك"(6).

* قيام الليل دون إزعاج أحد
يقول حجة الإسلام والمسلمين عبد العلي القرهي: لقد كنت ملازماً لخدمته عدة سنوات فقد كنت استيقظ أحياناً أثناء قيامه لصلاة الليل فأراه يتحرى الهدوء الكامل في تحركه لكي لا يوقظ أحداً. وتقول السيدة زوجة الإمام: لم يكن يحمل أي مصباح أثناء قيامه، لا مصباح في الغرفة ولا مصباح في الممر ولا مصباح محل الوضوء، بل كان يضع قطعةً من الإسفنج تحت صنبور الماء لكي لا يوقظ صوت صب الماء أحداً وهو يتوضأ لصلاة الليل(7). وعن السيدة زهراء المصطفوي: عندما كانت والدتي تسافر كنت أبات عند الإمام بسب الأزمة القلبية التي أصابته، فكان يلف الساعة المنبهة التي كان يوقّتها لإيقاظه لصلاة الليل بقطعةِ قماش ويضعها في زاوية من الغرفة بعيدة عني لكي لا توقظني عندما يدق جرسها لإيقاظه هو دوني!

* في أصعب الظروف والأزمات‏
تابع تهجده دون قلق: يروي حجة الإسلام والمسلمين الآشتياني: في سحر إحدى الليالي جاؤوا بخبر يقول: إن مؤامرة إنقلاب عسكري ستنفذ وشيكاً، فدخل السيد أحمد بصورة عاجلة على الإمام لكي ينقل له هذا الخبر فوجده يصلي نافلة الليل، وهو العمل الذي كان يلتزم بالقيام به في كل ليلة في هذا الوقت، فوقف مدَّة طويلة منتظراً والإمام غارق في مناجاة الله والتضرع إليه تعالى! وعندما أطلعه السيد أحمد على نبأ المؤامرة أجابه بسكينته الثابتة وطمأنينته المعهودة: "لا بأس، ليس ثمة ما يدعو للقلق، إذهب مطمئن البال"! ثم تابع إقامة نافلة الليل والتهجد(8)!

* وحتى في طريق السفر:
عن السيد أحمد الخميني قدس سره: لم يترك الإمام صلاة الليل حتى في الليلة التي اعتقلوه فيها فقد أقامها وهو في السيارة التي نقلوه بها من قم إلى طهران، وقد قال لي أحد الشرطة لقد أثَّرت فينا صلاة الإمام بقوةٍ جعلت أحدنا يجهش بالبكاء بصورةٍ متصلةٍ إلى أن وصلنا إلى طهران(9)!

* رغم التعب:
يقول السيد حميد الروجاني: في الساعة العاشرة من مساء يوم 5-4-1964م رجع الإمام إلى قم بعد إطلاق سراحه وقد استمر تدفق الأهالي على منزله لزيارته إلى الساعة الثانية عشرة والنصف وقد نقل الذين باتوا في منزله تلك الليلة إنه لم ينم سوى ساعتين استيقظ بعدهما للتهجد.

* ليلة مغادرته العراق:
يُنقل عن السيد أحمد الخميني قدس سره: كان الوضع في منزل الإمام في الليلة التي تقرر فيها مغادرته للعراق في صباحها جديرٌ بالمشاهدة حقاً، فقد كانت حالة الاضطراب تسيطر على والدتي وأختي وحسين ابن أخي وزوجتي وزوجة أخي، أنا أيضاً كان كل ذهني متوجهاً للإمام، أمّا الإمام نفسه فقد نام في الوقت المعين لنومه كما في الليالي السابقة، ونهض طبق وقته المعتاد قبل ساعة ونصف من آذان الفجر وأقام نافلة الليل(10)!!

* في باريس:

يروي حجة الاسلام والمسلمين فردوس بور قائلاً: في الليلة الأولى لوصولنا إلى باريس، نهض الإمام كعادته لإقامة نافلة الليل، وفي الصباح استدعانا وقال: "لقد طال جلوسي في انتظار ظهور علائم الفجر هنا فلم تظهر"! فقلت: إن أذان الفجر يتأخر هنا بمقدار ساعتين ونصف عن أذان الفجر في إيران، وبمقدار ساعتين عن أذان الفجر في النجف! لقد نهض الإمام لنافلة الليل في وقته المعتاد في النجف، وهو يسبق ما يتناسب مع أفق باريس بساعتين(11).

* بين الأرض والسماء
يقول آية الله حسن اللاهوتي: وأستطيع الادِّعاء أن الإمام هو الإنسان الوحيد الذي أقام صلاة الليل بين السماء والأرض، فقد أقامها في الطائرة التي عادت به إلى إيران(12).

* صلاة الليل أثناء المرض:

يقول الدكتور إيرج فاضل: لم يترك الإمام عباداتِهِ الخاصة حتى وهو راقد في المستشفى للعلاج، بل كان يؤدِّيها بنشاطٍ وإقبال وتوجه أشد وأقوى. وعن الدكتور منوجهر الدرائي: لقد كان يتهيأ رغم تعبه وآلامه لأداء نافلة الليل ويستدعي من حوله لتوفير مقدمات ذلك في الوقت نفسه الذي اعتاده بدنه على مدى سنين طويلة لأداء هذه الصلاة، وقد قام بذلك حتى الليالي التي تلت إجراء العملية الجراحية الأخيرة له الأمر الذي كان يثير تعجبنا حقاً، ولم نكن نجد له تفسيراً سوى شدة حبه وإخلاصه للَّه تعالى، فلا يمكن أن يوجد مثل هذا الانجذاب القوي لصلاة الليل والتهيؤ لها بهذه الدقة، سوى رسوخ الحب والإخلاص لله تعالى(13). ويقول آية الله السيد عباس خاتم اليزدي: أتذكّرُ أن الإمام أصيب بآلام حادة في الظهر مرتين أو ثلاث عندما كان في قم كانت تجعله يبقى عاجزاً عن التحرك سبعة أو ثمانية أيام، وقد أُصيب بذلك مرة أخرى في النجف استمرت (25) يوماً فاضطروا إلى استدعاء طبيب لمعالجته، ولكنه رغم ذلك لم يترك لا في قم ولا في النجف إقامة صلاة الليل في تلك الأزمات الصحية الحادة.

ويروي حجة الاسلام والمسلمين السيد علي أكبر المحتشمي: في إحدى الليالي لم يستطع الإمام التشرف بزيارة الحرم العلوي لمرضٍ أصابه، وكانت درجة حرارته عالية جداً، فذهبوا لاستدعاء طبيب لمعالجته لكنهم لم يعثروا على طبيب إلا في الساعة الثانية بعد منتصف الليل فرجوه أن يرافقهم في الذهاب إلى الإمام لفحصه. ولما دخلنا بيت الإمام برفقة الطبيب كنا نتوقع أن نجده نائماً بسبب مرضه لكننا عندما دخلنا غرفته بعد دق الباب للإستئذان رأيناه جالساً على سجادة الصلاة وهو يؤدي نافلة الليل رغم الحُمى التي أصابته!! صبرنا بانتظار إتمامه الصلاة، وبعد أن أتمها فحصه الطبيب فوجد أن درجة حرارته قد بلغت (42) درجة ومثل هذه الحمَّى كفيلة بإضعاف حتى الأقوياء والشباب وجعلهم عاجزين عن الوقوف على أقدامهم وأداء صلاتهم الواجبة فضلاً عن النوافل!

وعن الدكتور كلانتر المعتمدي: كنت واقفاً عند سرير الإمام في الساعة الثانية بعد منتصف الليل أراقب وضعه، فلاحظتُ شفتيه وقد بدأتا تتحركان بذكر الله في هذه الساعة بالضبط والتي اعتاد فيها إقامة نافلة الليل، لقد أقام الإمام صلاة الليل حتى وهو في تلك الحالة وفي الساعة نفسها دون تقديم أو تأخير ولا لحظة(14)!! ويقول الدكتور ايرج فاضل: وضع أنبوب طبي خاص في المجاري التنفسية للإمام أيام علاجه في المستشفى وإجراء العملية الجراحية له، وهذا الأنبوب لا يسمح للذي يُوصل به أن يتكلم، وقد أقام الإمام صلاتي الظهر والعصر وهو على هذه الحالة ورغم صعوبتها لم يترك صلاة الليل أيضاً(15). وعن السيد مصطفى كفاش زادة: أصاب الإمام ضعف شديدٌ في الساعة(10) من عشية يوم إجراء العملية له، فاضطروا إلى وصل كيس الدم في يده، وقد نام على هذه الحالة في الساعة (11) مساءً، ثم ذهبت وأيقظته في ساعة إقامته لصلاة الليل، فقام وتوضأ ثم أقام نافلة الليل كاملة، وأنبوب كيس الدم موصول بيده(16).


(1) مجلة بيام انقلاب العدد 60.
(2) كتاب خطوات في أثر الشمس ج‏3 ص‏30.
(3) صحيفة سلام في الذكرى الرابعة لوفاة الإمام.
(4) كتاب خطوات في أثر الشمس.
(5) مجلة ندا العدد الأول.
(6) مجلة حوزة العدد 45.
(7) مجلة سروش العدد 476.
(8) مجلة باسدار إسلام العدد 92.
(9) المصدر نفسه العدد 6.
(10) موسوعة كوثر ج‏1 ص‏434.
(11) صحيفة رسالت (14ر3ر1368ه.ش)
(12) مجلة زن روز العدد 774.
(13 14 15) مجلة اطلاعات هفتكي العدد 2442.
(16) مجلة باسدار إسلام العدد 91.

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع