نور روح الله | يوم القدس: يوم الإسلام* إلى قرّاء القرآن: كيف تؤثّرون في المستمعين؟* أخلاقنا | ذكر الله: أن تراه يراك*  مفاتيح الحياة | الصدقات نظامٌ إسلاميٌّ فريد(2)* آداب وسنن| من آداب العيد  فقه الولي | من أحكام العدول في الصلاة مـن علامــات الظهــور: النفس الزكيّة واليمانيّ* تسابيح جراح | بالصلاة شفاء جراحي صحة وحياة | الرّبو والحساسيّة الصّدريّة تاريخ الشيعة| شيعة طرابلس في مواجهة الصَّليبيّين

العبادة السبيل الصحيح لاستثمار الوقت


يقول الإمام السجاد عليه السلام في دعائه: "... وعمِّرني ما كان عمري بذلةً في طاعتك، فإذا كان عُمري مرتعاً للشيطان فاقبضني إليك قبل أن يسبق مقتُك إليّ أو يستحكم غضبك عليّ‏َ". وفي مقطع آخر من دعائه عليه السلام: "أللهم صل على محمد واله واكفني ما يشغلني الاهتمام به واستعملني بما تسألني غدا عنه واستفرغ أيّامي فيما خلقتني له..." أصبح من المعلوم أن سعادة الإنسان الحقيقية في الوصول إلى مقام القرب من الله تعالى هي الوصول إلى السعادة الحقيقية للوصول إلى الكمال المطلق ولا يتحقق هذا الأمر إلا بمرضاة الله تعالى، ولمرضاة الله وسائل كثيرة وطرق كثيرة من ضمنها استثمار الوقت في التقرب إلى الله تعالى عبر الفرائض والنوافل والمستحبات والابتعاد عن المكروهات. يعني بشكل عام يمكن للإنسان أن يستفيد من فرصة العمر للوصول إلى مقام القرب عبر البرنامج العبادي المتكامل. وكل ما يرضي الله تعالى فهو عبادة.

* الفرائض والنوافل والقرب من الله تعالى‏
يقول إمامنا الخميني قدس سره: "اعلم أن للسالك إلى الله، والمهاجر من بيت النفس المظلم، إلى الكعبة الحقيقية سفراً روحانياً وسلوكاً عرفانياً، حيث يكون مبدأ هذه الرحلة بيت النفس والأنانية..." إلى أن يصل قدس سره إلى أن الإنسان يقطع من خلال الفرائض سفراً طويلاً ومع النوافل فناءً كلياً بالله تعالى، يضيف: "وبعد هذه المراحل التي يجتازها، ينسلخ عن نفسه ويحصل له المحو الكلي وتظهر له حالة الصعق، ويصير الحق المتعالي فيه فعالاً حيث يسمع بسمع الحق ويبصر بعين الحق ويبطش بيد قدرة الحق وينطق بلسان الحق، ويرى الحق ولا يرى غيره، ويتكلم بالحق دون غيره فيكون تجاه غير الحق أعمى وأصم وأبكم وتجاه الحق بصيراً وسميعاً وناطقاً".

* كيف تؤثر العبادة في الشباب‏
إن التأثر القلبي والتحول الباطني بصورة أفضل في فترة الشباب، لأن قلب الفتى لطيف وبسيط وذو نقاء وصفاء أكثر، ولأن وارداته قليلة، وتضارب الأفكار وتهافتها قليل. فيكون شديد الانفعال والتأثر وسريع التقبل. يقول إمام الأمة قدس سره: "ويجب على الشباب حتى إذا كانت قلوبهم مطمئنة بالإيمان أن ينتبهوا إلى كيفية تفاعلهم وعشرتهم مع الآخرين، ويتورعوا عن الاختلاط مع السيئين، بل إن الصداقة والاختلاط مع العصاة وذوي الخلق الفاسد والسلوك المنحرف مسي‏ء لجميع الناس من أي طبقة كانوا، ويجب أن لا يكون أحد مطمئناً بنفسه ومغروراً بإيمانه أو أخلاقه وأعماله". إذاً إن مرحلة الشباب مرحلة مهمة جداً في حياة وعمر الإنسان فقد ورد في الأحاديث الشريفة كيف أن تلاوة القرآن مثلا تُؤثر بالشباب أكثر منها في مرحلة أخرى من العمر، فعن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: "ومن قرأ القرآن وهو شاب مؤمن اختلط القرآن بلحمه ودمه وجعله عز وجلّ مع السفرة الكرام البررة وكان القرآن حجيزاً عنه يوم القيامة يقول يا رب إن كل عامل قد أصاب أجر عمله غير عاملي فبلغ به أكرم عطاياك قال فيكسوه الله العزيز الجبار حلتين من حلل الجنة ويوضع على رأسه تاج الكرامة، ثم يقال له هل أرضيناك فيه؟ فيقول القرآن يا رب قد كنت أرغب له فيما هو أفضل من هذا فيعطى الأمن بيمينه والخلد بيساره ثم يدخل الجنة فيقال له إقرأ واصعد درجة ثم يقال له هل بلغنا به وأرضيناك فيقول نعم".

* مكانة صلاة الليل في عمر الإنسان‏
عن أبي عبد الله عليه السلام قال "قال النبي صلى الله عليه وآله لجبرائيل: عظني، فقال: يا محمد عش ما شئت فإنك ملاقيه، واعلم أن شرف المؤمن قيامه بالليل وعزُّهُ كفُّهُ عن أعراض الناس". إن تخصيص الموعظة المقدسة لرسول الله صلى الله عليه وآله بهذا الأمر ليدل على أهميته البالغة، ولو كان جبرائيل الأمين يرى أهمية أكبر لأجر آخر لكان قدّمه في هذا المقام. وعن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال: "ما من عمل حسن يعمله العبد إلا وله ثواب في القرآن إلا صلاة الليل فإن الله لم يُبينّ ثوابها لعظيم خطرها عنده فقال ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ. يقول الإمام الخميني قدس سره: "الويلُ لنا نحن الغافلين الذين لا نستيقظ من النوم حتى آخر العمر، نبقى في سكر الطبيعة غارقين، بل نزداد كل يوم سكرا وغفلة، ولا نفهم شيئاً سوى الحالة الحيوانية من مأكل ومشرب ومنكح، ومهما فعلنا، وإن كان من سنخ العبادات، فإنما نفعله في سبيل البطن والفرج، أتحسب أن صلاة خليل الرحمن كانت مثل صلاتنا؟ الخليل لم يطلب حاجة حتى من جبرائيل، ونحن نطلب حاجتنا من الشيطان نفسه ظناً منا بأنه يقضي الحاجات؟ ولكن علينا أن لا نيأس، فلعلك بعد مدة من سهر الليالي والاستئناس بذلك والاعتياد عليه يلبسك الله بلطفه الخفي خلعة الرحمة..".

* آثار الالتزام والمواظبة على النوافل والمستحبات‏
أولاً: الحسنات يذهبنَ السيئات، يقول تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ... هود/114.

ثانياً: إن النوافل والمستحبات تملأ ما قد نقص أو سهى عنه من الفرائض والصلوات على أثر الغفلة أو التقصير، مثلاً إن الصلوات المستحبة خصوصاً صلاة الليل تجبر ما قد نقُص من الصلوات اليومية. وكذلك فالصيام المستحب يرفع ما قد نقص أيضاً من الصيام الواجب، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الصدقات المستحبة ترفع ما قد نقص من الزكاة أو الخمس، وهكذا... فقد نُقل عن الإمام الصادق‏ عليه السلام: "إنمّا جعلت النافلة ليُتمّ‏َ بها ما يفسد من الفريضة". وفي حديث آخر "إن الله تبارك وتعالى أتمّ‏َ صلوات الفريضة بصلوات النافلة". يقول أبو حمزة الثمالي عن الإمام الصادق عليه السلام: "لا تقبل صلاة بدون حضور القلب"، فيقول أبو حمزة: جُعلت فداك لقد هلكنا كلنا؟ فيقول‏ عليه السلام: "لا، لأن الله تبارك وتعالى يُتمم ما نقص من العبادات بالنوافل والمستحبات".

ثالثاً: إن النوافل والمستحبات تقرب من الله تبارك وتعالى: حيث يقول: ﴿تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَالسجدة/16-17. ويقول أيضاً سبحانه وتعالى: ﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا الإسراء/79. وفي حديث قدسي يقول تعالى: "... وما تقرب إليّ‏َ عبدٌ بشي‏ء أحب إليّ‏َ مما افترضتُ عليه وإنه ليتقرب إليّ‏َ بالنافلة حتى أُحبه فإذا أحببتهُ كنت سمعه الذي يسمعُ به، وبصره الذي يُبصر به ولسانه الذي ينطق به ويده التي يبطش بها...". وعن رسول الله صلى الله عليه وآله: "أشراف أمتي حملةُ القرآن وأصحابُ الليل".


أسئلة حول الدرس:
1 - كيف يكون استثمار الوقت من خلال العبادة؟
2 - ما هي المرحلة المهمة من عمر الإنسان التي يتأثر فيها بالعبادة؟
3 - ما هي الآثار التي تترتب على النوافل والمستحبات؟


 

أضيف في: | عدد المشاهدات:

أضف تعليقاً جديداً

سيتم عرض التعليق على إدارة الموقع قبل نشره على الموقع